لن يرضى البعض باستعادة مصر لدورها الإقليمي، على يد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولا بخروجها من شرنقة تنظيم الإخوان المسلمين، الذي أرادها تابعة لفتاوى شيخ الفتنة القرضاوي، وتحالفة مع أنقره دون غيرها، غير أن السيسي وبخطوات منتظمة ومدروسة، بدأ يستعيد دور القاهرة المحوري، من خلال علاقات متوازنة مع السعودية وموسكو في آن معاً، وحدّ من تبعية بلاده للسياسات الأميركية، كما بدأ خطوات اقتصادية جبارة حتى وهو يحارب إرهاب الإخوان ويتصدى لمؤامراتهم، وهي خطوات ستغني مصر مستقبلاً عن أي مساعدات تحتاجها اليوم، وفي خضم انشغاله بكل ذلك، ظل وفياً لقضية فلسطين باعتبارها همّاً مصرياً، دفع أبناء شعبه وجيشه عشرات الألوف من الضحايا، دفاعاً عن حق أبنائها في بناء دولتهم الوطنية على تراب بلدهم.استهدفت زيارة السيسي للسعودية بحث الأوضاع القائمة في الوطن العربي، وأهمها الحرب المشتعلة في غزة، والعمل على التهدئة لحقن دماء الفلسطينيين, فضلاً عن بحث آلية لتصحيح مفهوم الإسلام المعتدل لدى العالم، وتصحيح الصورة الذهنية الراسخة عند العالم الغربي، حول ارتباط الإسلام بالإرهاب والعنف, كما أن زيارته لموسكو تعبر عن توازنات دولية أكبر وأوسع، لأن التحديات التي تواجه مصر وروسيا، تدفعهما للعمل سوياً على إعادة التفكير في تطوير وتوطيد العلاقات بينهما, خاصة أن البلدين حتى هذه اللحظة يواجهان تحديات واحدة، من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، تتمثل في العقوبات الاقتصادية والعسكرية الموجهة إلى كل منهما.
بغض النظر عن الرضى أو الرفض، فإن موسكو تلعب مثل الرياض دوراً مهماً في المنطقة، تدرك ذلك القاهرة العائدة للعب دورها، ولذلك تكتسب زيارة السيسي لروسيا، في ظل الأوضاع الراهنة أهمية مضاعفة، حيث يتم خلالها بحث التسوية في قطاع غزة، والأوضاع في العراق وسوريا وليبيا، فيما يقول الروس إن وجهات نظر البلدين تتطابق إزاء قضايا الشرق الأوسط إلى درجة كبيرة، خاصة فيما يخص ضرورة وقف العنف في قطاع غزة، وتسوية الأزمات في كل من ليبيا والعراق وسورية، إلى جانب موضوع مكافحة الإرهاب، ولا تأخذ قضايا المنطقة كل المباحثات، حيث على الطاولة أيضاً موضوع تزويد مصر بأسلحة روسية، وتعزيز العلاقات الإنسانية بين البلدين، بما في ذلك في السياحة، حيث تنشيط هذا المجال شديد الأهمية للاقتصاد المصري، وقبل ذلك بحث السيسي في جده مشروع قناة السويس، والاستثمارات الضخمة المطلوبة لإنعاش الاقتصاد المصري، والدور السعودي والخليجي في تلك الاستثمارات.
على الصعيد الداخلي أكملت القيادة المصرية استحقاقات خريطة الطريق، وتخلصت من الكثير من إرث عام بائس من حكم المرشد، وبدأت تستعيد دورها الطبيعي والطليعي في كل القضايا، مع استقرار نسبي للوضع الأمني، غير أن تفجر أوضاع المنطقة، من خلال النهوض المفاجئ لداعش، التي يقال إنها صناعة أميركية خالصة، أريد لها أن تكون شوكة في قلب العالم العربي، بديلاً لمخطط تمكين الإخوان، الذي أفشله الشعب المصري وقواته المسلحة، وبحيث عاثت داعش فساداً وفُحشاً في سوريا ومصر وسوريا ونسبياً في لبنان، حتى أن البعض "وهو المطلوب" استذكر بالخير تنظيم الإخوان "المعتدل"، مقارنة بتطرف دولة الخلافة، ما يدعو السيسي لتحرك عاجل وفي كل الاتجاهات، للحد من خطر هذا التنظيم التكفيري وخطاياه، وتبعات ذلك على الأمن القومي.
حين تستعيد مصر دورها
[post-views]
نشر في: 12 أغسطس, 2014: 09:01 م