ببساطة شديدة، كل دستور، حتى وإن كان غير ديمقراطي، يعطي حقوقا ويفرض واجبات. المالكي حين يقرأ الدستور أخاله وكأن بين أصابعه قلم تظليل أخضر يظلل به حقوقه وامتيازاته فقط. ،أما ما عليه من واجبات فلم يمر عليها ولو مرّ الكرام. وياليته انتهى عند هذا الخلل، بل صار يحول الواجب،أحيانا، إلى حق أو امتياز.
أول من أمس كرر المالكي في لقائه مع العسكريين تأكيده على ان خرق الدستور سيجر كارثة على البلد. كان قد وصفها قبل أيام بـ "فتح أبواب جهنم". بحوش كل ما في الدستور وعصره بحثا عن قطرة تمنحه الحق بالبقاء في السلطة وكأن كل الرئاسات لم تقرأ الدستور، أو لم يفهمه أحد سواه.
لم أستغرب. أليس هو من حوّل أهم واجب عليه في المادة (78) والتي تنص على ان "رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة" إلى امتياز يتباهى به على الآخرين. أثقل، لا بل وأخطر، واجب يرميه الدستور عليه وهو يراه سيفا يتسلط به على رقاب الآخرين.
لو كان يجيد القراءة لما نام الليل بسبب هذه المادة. هل سأل نفسه ما هي السياسة العامة للدولة قبل ان يفرح؟ المقصود بسياسة الدولة العامة هي ان تسعى لخدمة الإنسان أولا وأخيرا. والمسؤول التنفيذي المباشر عنها، قبل غيره يتحمل وزر كل تقصير في تلك الخدمة. الإنسان كقيمة، هو أعلى من الدولة وأغلى من الأرض ومن الدولة أيضا.
فقضية زنوبة، التي تبيع كلينكس بالشوارع بينما حفيداته وبناته ومعهن بنات مدللات الخضراء لا يفعلن ذلك، وحدها تشكل خرقا دستوريا لأكثر من مادة. من بينها:
1.المادة (29):أولاً، (ب): تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وترعى النشء والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم.
2.المادة (30) أولاً : تكفل الدولة للفرد وللأسرة ـ وبخاصة الطفل والمرأة ـ الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياةٍ حرةٍ كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم.
3.المادة (33) أولاً: لكل فرد حق العيش في ظروفٍ بيئية سليمة.
أما إذا دخلنا على اهم مسؤولية عامة للدولة وهي حماية أرواح المواطنين وامن البلد وحرمة أرضه وسمائه فانه وبحكم كونه المسؤول التنفيذي المباشر يتحمل مسؤولية كل مفخخة تنفجر وكل قطرة دم تسيل وكل بيت أو دكان انهدم وكل شبر احتلته داعش.
تقول المادة (15): لكل فردٍ الحق في الحياة والأمن والحرية. أيعلم الحجي ومن يردح له اليوم، ان شواهد قبور ضحايانا الجسدية من الإرهاب وحدها، والتي بلغ عددها خلال ولايتيه فقط قرابة ريع مليون شاهد، كافية لإدانته بخرق روح الدستور 250 ألف مرة ؟!
فعن أي خرق دستوري يتباكى هذا الرجل اليوم؟
مما ابتلى به المالكي يأخذ ما له ويترك ما عليه (2)
[post-views]
نشر في: 13 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو اثير
سيدي الشاعر المغترب.. هل سيحاكم المالكي على خرقه الدستور 250 الف مرة كما أدعيت ...؟ وهل تقوم الحكومة المقبلة بمحاسبته أم سيسدل الستار على أنتهاكاته حقوق الأنسان وقتله الآلاف من المواطنين والسبب في تعوق الآلاف الأخرى وتشرد الآلاف من اليتامى والأرامل وتهجير