واشنطن و طهران لا تتواجهان في الكثير من الأمور، لكنهما مهدا الطريق لنوري المالكي كي يصبح رئيسا للوزراء قبل ثماني سنوات و ساعداه في الحفاظ على منصبه منذ ذلك الحين . اليوم و مع انضمام إيران إلى الولايات المتحدة في الدعوة إلى رحيل المالكي ، فان رئيس الو
واشنطن و طهران لا تتواجهان في الكثير من الأمور، لكنهما مهدا الطريق لنوري المالكي كي يصبح رئيسا للوزراء قبل ثماني سنوات و ساعداه في الحفاظ على منصبه منذ ذلك الحين . اليوم و مع انضمام إيران إلى الولايات المتحدة في الدعوة إلى رحيل المالكي ، فان رئيس الوزراء المحاصر يواجه خيارا تاريخيا ؛ إما ان يسلّم زمام الأمور سلميا إلى خليفته أو ان يتجاهل أقرب حلفائه و يستخدم القوة للبقاء في السلطة .
منذ البداية، كان المالكي رئيس وزراء بالصدفة، حيث كانت واشنطن و طهران تريان انه الأفضل من بين مجموعة غير ملهمة من المرشحين الشيعة لأعلى منصب في البلاد. بعد توليه المنصب، استطاع المالكي بمهارة إقناع كل داعميه، حيث أعطى انطباعا جيدا للكثيرين في الولايات المتحدة من خلال استخدامه الجيش لسحق واحدة من أقوى المليشيات المعارضة للحكومة ، و في نفس الوقت أسس نوايا حسنة في ايران من خلال دمج السلطة بيد الشيعة على حساب السنّة و الكرد في البلاد .
منذ أشهر بدأ الدعم الأميركي و الإيراني للمالكي يضعف ، و في يوم الثلاثاء 12 آب وافق علي شمخاني ، سكرتير مجلس الأمن الوطني الأعلى في ايران، على رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي و أوضح ان طهران تعتقد بأن زمن المالكي في السلطة قد انتهى ، حيث قال " نهنئ حيدر العبادي شخصيا على تسميته رئيسا للوزراء و نهنئ المراجع الدينية و الشعب العراقي و كافة المجموعات السياسية". و أضاف بانه يدعم العملية القانونية في اختيار رئيس وزراء عراقي جديد . كان لهذه الكلمات وقع كبير بسبب رسالتها الواضحة و المصدر الذي صدرت عنه؛ فالسيد شمخاني لديه علاقات شخصية وثيقة بالقائد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي ، و انه قضى معظم حياته المهنية في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني الذي يعتبر القوة البرلمانية الصلبة المكلفة بضمان استمرار حكم القيادة الدينية في ايران. هذا يعني ان شمخاني يتحدث باسم كافة مكونات هيكل السلطة الإيرانية من الزعيم الأعلى نزولا.
أسقطت طهران المالكي بعد يوم واحد فقط على اتصال الرئيس الأميركي أوباما بالسيد العبادي لتهنئته على تكليفه برئاسة الوزراء و لحثه على سرعة تشكيل حكومة وحدة جديدة . في ملاحظاته الموجزة لم يذكر الرئيس أوباما المالكي و لو لمرة واحدة - في ازدراء يشير بكل وضوح إلى رغبة البيت الأبيض الشديدة بخروجه من المسرح. يقول فيصل العيطاني زميل مجلس الأطلسي " في نهاية المطاف لا يمكن للمالكي ان يبقى حاكما للعراق من دون الدعم الأميركي و الإيراني . ان مسألة توليه رئاسة الوزراء قد انتهت الآن ، و لم يعد رئيسا للوزراء مهما قال". و قال ميشيل ايزنستاد من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى " لقد خسر المالكي الدعم في داخل و خارج العراق، مع دعم 38 نائبا من بين 96 في ائتلافه دولة القانون يدعمون العبادي". يقول ايزنستاد " بالمصطلحات العملية، فان مصير المالكي كسياسي شرعي قد انتهى ".
ليس واضحا ما اذا كان المالكي سيخرج بأمان، ففي مساء الأحد اتهم الرئيس الجديد بانتهاك الدستور العراقي من خلال منح العبادي أول عرض لتشكيل ائتلاف حاكم ، و بعد ذلك بوقت قصير أتبع المالكي كلامه بنشر الدبابات و الجنود المؤتمرين بأمره في مواقع حول المنطقة الخضراء. مع ذلك، ففي يوم الثلاثاء كان المالكي يبدو متهاودا حيث أبلغ الجيش بالابتعاد عن الأزمة السياسية .
حتى لو تنحى ، فان العيطاني يحذر من ان بإمكان المالكي تصعيب الحياة على حكام العراق المقبلين. حيث يقول بأن المالكي أمضى سنوات في تعيين الموالين له في مناصب عليا في الحكومة العراقية و الأجهزة الأمنية. يمكنه ان يظهر بمظهر" زعيم مليشيا بحكم الواقع، قادر على التسبب بأنواع الصداع للولايات المتحدة و إيران ومنافسيه من الشيعة " . كما يقول ايزنستاد ان بإمكان المالكي ان يقرر بأن العنف هو الرد المناسب ، " قد يحاول تجربة حظه في الاعتماد على وسائل خارج الدستور .. أي الاعتماد على وحدات الجيش الموالية له للبقاء في المنصب. من وجهة نظره، ان يكون دكتاتورا ربما أفضل من ان يكون ديمقراطيا سابقا ".
عن: فورن بوليسي