أظهر تقرير دولي ان معدل العمليات القيصرية في العراق ارتفع من 23 المائة في عام 2008 إلى 50 في المائة عام 2014 وهذا لو قارناه أو حاولنا وضعه على قدم المساواة مع الولايات المتحدة سيكون الفرق زهاء 30 في المائة ، وأعلى بكثير من المعدل العالمي البالغ 15 في المائة ، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وزيادة العمليات القيصرية في المستشفيات إنذار خطر يهدد حياة وصحة المرأة والطفل على حدٍ سواء .

حيث تم فتح أجنحة خاصة في المستشفيات العامة مقابل ثمن معين يقال انه رسمي ، وان مستوى الخدمة أفضل قليلا مما متاح في المستشفيات الحكومية .

ويقول مسؤولون أطباء انه يتم تشجيع النساء على اجراء العمليات القيصرية بحيث اصبحت في العراق خلال السنوات الأخيرة تمثل نسبة 79 في المائة من الولادات في المستشفيات الخاصة والعامة ،ووسط الحديث عن اتهامات من مسؤولي الصحة الذين يقولون ان بعض الطبيبات يدفعن النساء الى اجراء عملية جراحية غير ضرورية مع عواقب وخيمة محتملة من أجل كسب المزيد من المال في حين تؤكد طبيبات نسائيات ان 

النساء يرغبن بذلك خصوصا الصغيرات بالعمر لخوفهن من الولادة الطبيعية . ويمكن ان نضيف معلومة مهمة جدا حصلنا عليها من احدى الممرضات في مستشفى ان كل عشر نساء تجرى لهن عمليات قيصرية في احدى المستشفات الاهلية في منطقة الوزيرية بعد الساعة الثانية ظهرا لان القانون لا يُجيز إجراء العمليات الا بعد انتهاء الدوام الرسمي ،وتحقق ايرادات المستشفيات الاهلية 25 مليون دينار يوميا بسبب الجشع والمخاوف التي تزرعها بعض الطبيبات في نفوس المريضات خصوصا عند المرأة البكر التي تحمل للمرة الأولى .

المستشفيات الخاصة 

تقول خيرية رضا الممرضة النسائية في احدى المستشفيات الحكومية إن ارتفاع الولادات القيصرية يعود بالدرجة الأولى إلى المستشفيات الخاصة ، حيث يدفع المرضى من جيوبهم لأجل إجراء العملية ولا تنتظر الطبيبة المختصة المرأة الحامل على أمل ان تكون الولادة طبيعية .

نساء في خطر 

وتضيف رضا: ضعف إقبال المريضة (الحامل) على نظام الرعاية الصحية الذي هو مثقل بالأعباء ومعظم النساء اللاتي يلدن وتجرى لهن الولادة القيصرية يتعرضن لمضاعفات لفترات طويلة ، وأكثر النساء اللاتي يحتجن الى عمليات نقل الدم و يعانين من الالتهابات ، والاطفال الذين يعانون من مشاكل خطيرة في التنفس تكون عن طريق الولادات القيصرية. واشارت رضا في حديثها إلى أنه على الرغم من أن العمليات القيصرية يمكن أن تنقذ حياة المرأة والطفل عندما تكون ضرورية ، الا ان جشع الأطباء غالبا ما يكون وراء قرار لعملية جراحية. وفي المستشفيات الخاصة تكلفة العمليات القيصرية اكثر مرتين أو ثلاث مرات من الولادات المهبلية. 

واكدت سناء حسن مراجعة تحدثت قائلة "عندما كنت مرافقة لاحد المرضيات القريبات مني في احدى المستشفيات الخاصة ، رأيت اشياءً كارثية هناك" حيث تعامل المرأة التي تملك المال بكل عناية واهتمام والتي تطلب عائلتها خصماً او تقليل مبلغ العملية يجابهون بالرفض والمغادرة والذهاب الى المستشفيات الحكومية لانها افضل لهم ! ليس ترف المعيشة ولا لجمال الاجساد ولكن جشع طبيبات النساء في اجراء عمليات القيصرية والدفع باتجاه إجرائها , وكذلك المستشفيات مرتاحة لذلك كونه مدراً للأرباح وهذا هو الواقع.

تفقد حياة طفلها لأنها لا تملك المال 

وفي حادث حقيقي حدث في مستشفى الكرخ للولادة ، قدمت عائلة الضحية شكوى عبر (المدى) حيث توجهت المواطنة سُرى محمد الى المستشفى من اجل الولادة وكانت لا تملك المال الكافي للذهاب الى المستشفيات الخاصة التي طلبت منها مليوناً ونصف المليون دينار من اجل انقاذ الطفل الذي اصبح حقل تجارب ومساومة بين المستشفيات والملاك الطبي في مستشفى الكرخ، وحسب قول سرى إن الطبيبة التي تجري فحصاً بجهاز السونار اخبرتها ان الطفل بحالة سيئة ولا بـدَّ من إجراء عملية قيصرية باسرع وقت ممكن ، التقرير الذي سُلم الى عائلة سرى كان يتضمن ان الطفل سيفقد الحياة ولكن الملاك الطبي طلب منها المغادرة لعدم وجود مكان لها، لأن الردهة ممتلئة بالنساء واحدى الممرضات اخبرتها بالذهاب الى مستشفى خاص افضل لها وبعد توسلات كثيرة ودفع نقود 25 الف دينار من عائلة سرى حصلت على سرير ومن ثم تدخل الى صالة العمليات القيصيرية ليلا لتخرج الطبيبة وتخبر زوجها وعائلتها ان الطفل فقد الحياة من ساعات طوال وتصاب سرى بفقدان الوعي لأنها كانت تنزف لفترة طويلة وتم اعادتها الى الحياة بعد ان قام الاطباء باجراء صعقات كهربائية !!

 

معدل العمليات القيصرية

وتضيف إحدى الطبيبات النسائيات رفضت ذكر اسمها خوفاً من العقاب لأنها قامت بالتصريح من دون موافقة من الوزارة حسب قولها: ان ما يقرب من 26 في المائة من النساء العراقيات يلدن في المستشفيات العامة عن طريق القيام بذلك او عن طريق عملية قيصرية ، وفقاً لتقرير عام 2011 لوزارة الصحة العراقية،مؤكدة لم يكن واضحا ما إذا كانت المستشفيات الخاصة تعالج حالات الحمل عالية المخاطر ، وهذا قد يفسر ارتفاع معدل العمليات القيصرية، لكن المسؤولين في الصحة قالوا ان العامل المشترك بين النساء في المستشفيات الخاصة هو قدرتها على الدفع، فيما يؤكد طبيب في مستشفى خاص ان المرضى أنفسهم يطلبون اجراء عمليات جراحية.

 

إجبار على الولادة 

بينما قالت نبراس مصطفى ، وهي موظفة حكومية 30 عاما ، أبناؤها ولدوا عن طريق العملية القيصرية في المستشفيات الخاصة، وتضيف استغرق الأمر ما يقرب من عام على التعافي من الولادة الأولى ، واضطررت إلى تناول المضادات الحيوية لمدة 40 يوما لعلاج العدوى الناجمة بسبب عملية جراحية فاشلة لخياطة الرحم. وقالت عندما جاء الوقت لطفلها الثاني ، كانت تخشى من العملية وتتمنى أن لا تكون القيصرية ضرورية.

وتؤكد نبراس "طبيبتي قالت يجب عليَّ القيام بالعملية الجراحية وإلا أنني سأخسر الطفل لأن (السائل الذي يحيط بالجنين) أصبح أقل من المعدل الطبيعي" .

وتقول الطبيبة جنان سرمد إن انخفاض السائل الأمنيوسي هو سبب شرعي لعملية قيصرية ، إلا أنها تقول في بعض الاحيان السائل موجود وبشكل طبيعي غير أن الطبيب يُجبر المريض على اجراء العملية لكسب المزيد من المال !

وتضيف جنان إن في المستشفى الخاص يمكن أن تكلف الولادة الطبيعية من مليون الى مليون ونصف دينار في حين أن القيصرية يمكن أن تكلف ما بين 600،000 إلى 000،000 2). وفي بلدان أخرى تواجه المناقشات الخاصة حول العمليات القيصرية بآراء مختلفة . ففي الولايات المتحدة جدل يحيط القيصرية الاختيارية أو تلك التي ليست ضرورية من الناحية الطبية.

وتؤكد جنان ان بعض النساء يخشين الآلام ، والعمل المؤلم والآثار الجانبية المحتملة مثل تمزق الأنسجة الحاد أو سلس البول. وعزت وزارة الصحة العراقية ارتفاع نسبة الولادات القيصرية داخل صالات الولادة الحكومية والخاصة، الى أسباب كثيرة من بينها تعليمات الأمم المتحدة بوجوب أخذ رأي المرأة الحامل في نوع الولادة، فضلا عن ترف المعيشة، وخوف بعض الحوامل على جمال أجسادهن، مع الإشارة إلى حالات طبية تستدعي العملية، بدلا من الولادة الطبيعية.

الولادات 1500 في العلوية 

وآخر إحصائية لعدد الولادات في العراق عام 2014 تؤكد ان معدل الولادات في مستشفى العلوية للولادة التابعة لدائرة صحة بغداد الرصافة تقدر بـ(1500) حالة ولادة ما بين ولادة طبيعية وقيصرية . يُذكر ان نسبة الولادات الصناعية أو عمليات فتح البطن، بلغت 56 في المائة مقارنة بنسبة الولادات الطبيعية التي بلغت 44 في المائة"، وان "وزارة الصحة أجرت كشفاً على جميع صالات الولادة في عموم مستشفيات العاصمة الخاصة منها والحكومية، وتبين لها أن جميع هذه الصالات وفرت ما تحتاجها من أدوات وأجهزة وملاكات طبية ووسطية، وأدوات جراحية وتخدير، وهي تجري عمليات بنسب نجاح وجدناها عالية جداً، ونسب المضاعفات كالالتهابات لا تكاد تذكر". وأن "بعض المواطنين يعجبهم إجراء العملية في مستشفيات خاصة، وحتى السفر خارج العراق للسياحة ولإجراء العملية، وهذه الشريحة هم من المترفين والقادرين على تحمل هكذا أعباء؛ لكننا في العراق نستطيع تقديم خدمات كالتي يتلقونها في بلدان اخرى"،

العملية القيصرية تستغرق وقتاً طويلاً 

تقول الطبيبة ريـم جعفر الصافي طبيبة اختصاص نسائية :ان العملية القيصرية قد تستغرق وقتاً طويلاً من الولادات المهبلية، مثل أية عملية جراحية كبرى ، فإنها تشكل أيضا بعض المشاكل الصحية الرئيسة بما في ذلك من خطر جلطات الدم والتهاب وعدوى تصيب بطانة الرحم، لذلك لا بـدَّ من الحرص في اجراء الفحوصات الدورية اثناء فترة الحمل لتكون المرأة مطمئنة على وضع الجنين من البداية، إضافة الى ان الأطفال المولودين الجدد يجب متابعتهم بعد اجراء العملية القيصرية لان القيصريات يمكن ان تسبب مشاكل في التنفس .

مسؤولون في مستشفى خاص يقولون انه ليس الجشع الذي يقود الطبيب الى اجراء العملية القيصرية لكن المرضى أنفسهم يدفعون إلى ذلك. الدكتور أحمد سلمان من مستشفى الجراح الخاصة في بغداد اعترف بارتفاع مخاطر العمليات القيصرية لكنه قال ان العديد من المرضى غير متعلمين ، لا يعرفون المخاطر الصحية.

وقال "انهم لا يستطيعون تحمل الألم ، ويريدون الطريق السهل وتشجع النساء من قبل عائلاتهم أو الأمهات ،" لدينا الولادة المهبلية "وأمهات الزوجات ، معظم الوقت ، تأتي لنا بالبكاء وطلب القيصرية لبناتهم لأنهم لا يستطيعون تحمل رؤية بناتهم في الألم".

النساء يخترن العمليات القيصرية 

أظهرت دراسة جديدة ارتفاع عدد النساء اللواتي يخترن ولادة الأطفال عن طريق إجراء عمليات قيصرية في الوقت الذي حذر منها الأطباء السويديون من آثار هذا النوع من العمليات.

وأظهرت دراسة جديدة أن كل رابع إمرأة حامل آسيوية تختار ولادة جنينها عبر العلميات القيصرية وقام أطباء بدراسة مائة ألف سيدة في تسع دول آسيوية لتأتي النتيجة بمثابة صدمة من ارتفاع عدد النساء اللواتي يخترن العمليات عن الولادة الطبيعية.

وفي الصين تختار نصف النساء الولادة القيصرية في أغلب الأحيان خوفاً من مضاعفات الولادة الطبيعية واعتقاداً بأن إجراء العملية يعفيهن من آلام المخاض.

ويحذر الاطباء من مخاطر الولادة القيصرية خاصة أن أغلب الحالات لا توجد بها دواعي طبية لإجراء العملية ولأن الأم قد تتعرض لمضاعفات العملية التي قد ترفع من خطر وفاة الحامل، وتحدثت أيضا عن المشكلة المادية التي يشكلها إجراء عمليات قيصرية إذ ان الدول التي تجري مثل هذه العمليات لديها صعوبات مادية ومستواها الطبي قد يحتاج إلى الرفع ومن الأفضل أن تستثمر هذه الأموال في رفع المستوى الطبي.

يذكر أنه وبالرغم من زيادة شعبية العمليات القيصرية بين النساء في آسيا خوفا من المضاعفات إلا أن الأطباء يحذرون من أخطار العملية ليس على الأم فحسب، لكن على الجنين أيضاً.