من اليوم الذي تم فيه تكليف حيدر العبادي وحتى اللحظة، يلّح عليّ أصدقاء، اغلبهم عبر فيسبوك، بسؤال شخصي لا أنكر اني تعمدت تأجيل الإجابة عليه: هل انت متفائل بالعبادي؟ البعض طبعا أضاف له: ولماذا؟
سأفترض ان الصديقات والأصدقاء، الذين سألوا، يقدرون معنى الرأي الشخصي. ومن يفعل عليه ان يتقبل ما تقول حتى وان بدا رأيك بسيطا. أما بعد فأقول:
نعم اني متفائل وللأسباب التالية:
1.ان الرجل لم يصبغ شعره. الصبغ تمويه مهما كانت دوافعه. وقد عرف عن الطغاة ولعهم بصبغ شعورهم. اذكركم اني كتبت في "المدى" بتاريخ 27/8/2011 عمودا بعنوان "طاح صبغهم". قلت فيه "ومن أشهر حكايات صبغ الشعر عند السياسيين حكاية المستشار الالماني جيرهارد شرودر. لقد اتهم شرودر من قبل وسائل الاعلام، أيام حملته الانتخابية في العام 2002، بانه قد طلى شعره بالصبغ لإخفاء الشيب. وبسبب تلك التهمة اضطر المستشار للمثول أمام المحكمة للدفاع عن شعره. انتهت المحكمة بإثبات براءته بعد ان اثبت خلو شعره من الصبغ".
2.انه يحمل شهادتي ماجستير ودكتوراه حقيقيتين. الذي يحصل على شهادة عالية "حقيقية" يفترض به ان يعرف كيف يحدد الأهداف ويفرض الفرضيات ويختبرها بطريقة موضوعية، وهذا يثير في النفس بارقة للتفاؤل. وهنا أتمنى عليه ان لا يصدق كل سياسي، خاصة النواب، يدعيانه يحمل الدكتوراه. فان أتاه احد منهم فليسأله عن شهادة الماجستير أولا اذ لا دكتوراه بدونها. ثم يطالبه بنسخة من قرار المناقشة مع اسم الجامعة التي تخرج منها. بعدها يعرضها على لجنة الاعتراف بالشهادات في وزارة التعليم العالي. سيكتشف كما "دسما" من أن اغلبهم قد اشتراها من جامعات "الفوتو شوب" بعشرة دولارات. لدي قائمة ببعضهم ان أحب.
3.انه "بلدياتي" كما يقول المصريون. فهو وانا ممن عاشوا ردحا طويلا من الزمن في بريطانيا وتعلموا فيها. ومن هنا اجزم انه قطعا رأى بعينيه احترام الإنسان حين يراجع مؤسسات الدولة. فان كان قد رزق بطفل في بريطانيا فانه قطعا يتذكر كيف ان زوجته قد عوملت معاملة من الدرجة الأولى بلا فرق عن زوجة رئيس الوزراء. ثم لا بد ان شرطيا بريطانيا قد استوقفه وهو يقود سيارته في يوم ما من باب التدقيق العشوائي الذي تلجأ اليه الشرطة هناك للتأكد من صحة وثائق رخصة القيادة. أتمنى ان لا ينسى كيف ان الشرطي يقرفص عند باب السيارة وهو يخاطبه بلقب سيدي "sir"، رغم انه ليس صاحب منصب بل لأنه مواطن وحسب. ثم هل انه شاهد طفلة بريطانية تبيع الكلينكس بالشوارع او ان هناك أطفالا يتخبطون بالطرقات وينبشون في المزابل؟ أخيرا اذكره بمساعدة الأطفال المادية  child benefit  والتي تمنحها الدولة البريطانية لكل طفل حتى وان كان ابوه مليارديرا وقطعا تنعم بها اطفاله في يوم او زمن ما كما اطفالي.
وما دام الرأي شخصيا فان المرة الوحيدة التي تحادثت بها مع الدكتور العبادي كانت عبر فيسبوك ووجدته متواضعا دمثا في ردوده. ولنتفاءل بالخير يا أصحاب.