استغرب الوسط الرياضي عندما اطلع على القائمة التي شملت لاعبي المنتخب الأولمبي الذي يُعسكر حالياً في مدينة أنطاليا التركية تحضيراً لخوض منافسات دورة الألعاب الآسيوية المقرر إقامتها في مدينة أنجون الكورية خلال المدة من 19 ايلول ولغاية 4 تشرين الاول المقبلين وهي تخلو من لاعب نادي الكرخ الحائز على لقب أفضل لاعب واعد في الدوري الممتاز للموسم المنصرم بحسب الاستفتاء الذي أجراه عدد من وسائل الإعلام، عبد القادر طارق (عبودي) كما يحلو للبعض أن يُسميه .
الجميع يعرف أن هذا اللاعب لم يأتِ من فراغ، بل انه ينهل من عائلة رياضية قدمت نجوماً تلألأت في سماء العراق ابتداءً من والده اللاعب الدولي طارق عزيز الذي كان يُلقب بصاحب الرأس الذهبية يوم كان يمثل منتخبنا الوطني وفريق آليات الشرطة خلال فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي ليترك إرثاً جميلاً على المستطيل الأخضر بعد أن غادر الملاعب تجسد بنجله الأكبر زياد لاعب منتخبنا الوطني ونادي الشرطة سابقا، ذلك الفتى الذي اختزل الزمن وقفـز من ناشئة الشرطة الى الخط الأول من دون المرور بفئة الشباب حاجزاً له مكاناً بين لاعبي منتخبنا الوطني بين عمالقة اللعبة الذين كانوا يتجاوزونه في العمر بفارق كبير ، ولم يقف هذا البيت الرياضي في ضح المواهب ليأتي دور اللاعب الآخر إياد الذي مثـّل فريق الشرطة ايضا لكن للأسف كان للإصابة اللعينة دور كبير بحياة هذا اللاعب التي لم تمهله ليغادر الملاعب مرغماً إلا أنه لم يبتعد كثيرا، بل انه حصل على شهادة البكلوريوس من كلية التربية الرياضية ، فليس بغريب عن هذه الأسرة التي قدمت لنا كوكبة اللاعبين الكبار على مرِّ السنين لتختتم صناعتها للأبطال بالنجم (عبودي) الذي ذاع صيته خلال فترة وجيزة وهو لا يزال في عمر يمكنه من الثبات على المستطيل الأخضر لفترة قد تتجاوز الفترات التي عاشها والده واخوانه من قبل بعد أن ترترع في كنف مصنع النجوم نادي الكرخ الذي يُعد الممول الرئيس للمنتخبات الوطنية لاسيما انه قدَّم أغلب النجوم خلال الفترة الأخيرة ليكون عبد القادر أحد لاعبيه الذين تمكنوا من تأهيله وإعادته الى الواجهة مجدداً بعد أن هبط قبل موسمين الى دوري المظاليم لينبري عبودي وينفرد بأدائه ويحجز له مكانا أساسيا ضمن تشكيلته ويفرض نفسه بقوة لتنهال عليه العروض بعد انتهاء الموسم المنصرم لتؤكد حقا انه لاعب المستقبل لاسيما انه مثل منتخبي الناشئين والشباب خير تمثيل وما كان من إدارة نادي الكرخ إلا الاحتفاظ به موسماً آخر وعدم التفريط به برغم إلحاح الأندية الجماهيرية في تقديمها عروضاً مغرية له في محاولة ضمه الى فرقها.
المفاجأة، بل الفاجعة أننا فوجئنا بعدم وجود اسم هذا اللاعب ضمن تشكيلة المنتخب الأولمبي ، ولربّ سائل يتساءل: هل أن اسمه سقط سهواً أم أن المدرب حكيم شاكر لم يعرفه أو يشاهده؟ وهذان الاحتمالان غير واردين على الإطلاق فما بقي لدينا سوى انه قد تكون هناك مشكلة ما بينه وبين مدرب المنتخب أو المدير الإداري أو أحد القائمين على هذا المنتخب وأيضا لا اعتقد كون عبد القادر يمتاز بصفات قلـَّما نجدها في اللاعبين فهو يتمتع بدماثة خلق والتزام راقٍ بكل القيم السامية التي من شأنها أن تجعله محبوباً لدى الجميع فضلا عن ان المنتخب مُلك للعراق وهذه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المسؤولين عنه ، خصوصا اذا ما عرفنا انه تمت دعوة اللاعب البديل لهذا اللاعب في فريق الكرخ الى صفوف المنتخب وهو اللاعب عماد محسن ولم نود هنا التقليل من شأن محسن، بل العكس فنحن نشد على يديه وندعمه على ان يكون أهلا لتلك المسؤولية الجديدة، لكن نتساءل: لماذا لم تتم دعوة عبد القادر، ولماذا هذا الإجحاف بحقه؟
أتمنى مخلصاً من القائمين على الكرة العراقية أن يُدركوا جيداً أن منتخب العراق ليس حكراً على مجموعة من اللاعبين على حساب المواهب الأخرى، وإنه مسؤولية وأمانة في أعناقهم وديمومته واجبة عليهم ليعود العراق الى سابق عهده وتعود كرتنا تتدحرج بكبريائها المعهود الذي انتزعه عمالقة الكرة من قبل ليكون (عبودي) وأقرانه امتداداً لأجيال فلاح حسن وحسين سعيد ورعد حمودي وعدنان درجال وأحمد راضي ونشأت أكرم ويونس محمود لتستمر المهمة ويستمر الإبداع.
أين عبودي؟
[post-views]
نشر في: 18 أغسطس, 2014: 09:01 م