TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اخمدوا هذه الرائحة رجاء

اخمدوا هذه الرائحة رجاء

نشر في: 19 أغسطس, 2014: 09:01 م

من جديد، مع انطلاق عملية التمهيد لتشكيل حكومة جديدة، نتشمّم الرائحة نفسها.. الرائحة الكريهة التي تزكم الأنوف وتسمم الأبدان وتثقل على الأرواح .. رائحة التكالب المسعور على المناصب الحكومية.
لم نلحظ حتى الآن حركة نشيطة للدفع باتجاه وضع برنامج للحكومة الجديدة يؤمّن مستلزمات الخروج بالبلاد من الدهليز المظلم الذي أوقعتنا فيه الحكومة المنتهية أعمالها (الاحتلال الداعشي والانقسام السياسي الحاد وانهيار الأمن ونظام الخدمات العامة وتردي مستوى المعيشة).. وهو دهليز ساهم في جرّنا اليه أيضاً البرلمان السابق الذي يمكن القول، من دون أدنى تردد، انه كان أسوأ برلمان في تاريخ البلاد، فأمام أنظار أعضائه انهارت القيم الوطنية في العمل السياسي، وجرى الدوس على الدستور بمبادئه وأحكامه، والتعدي على الاختصاصات والصلاحيات المختلفة لمؤسسات الدولة، ودائماً من جانب السلطة التنفيذية خصوصاً وبمباركة السلطة القضائية. في المقابل فاننا نتفرج على عملية تدافع محموم في سبيل كسب أفضل المواقع في القصر الحكومي، فهذا يريد باسم الأكثرية أغلبية الوزارات، وذاك طامع في وزارات بعينها، وثالث يسعى لتأصيل وتأبيد نظام المحاصصة الطائفية والقومية الذي ما فتئ يشتكي منه ويشتمه.
ما يتوجب ان يعرفه رئيس الوزراء المكلف والقوى الرئيسة المتبارية في ملعب تشكيل الحكومة، ان الشعب العراقي ليس لديه يوم واحد فائض عن الحاجة ليضحَي به من أجل أن تواصل الطبقة السياسية المتحكمة بقضية تشكيل الحكومة صراعاتها ومماحكاتها ومنافساتها على المناصب والمكاسب .. وما يتعين أن يعرفوه أيضاً ان الشعب العراقي انتظرهم الآن أكثر من عشر سنوات ليجعلوه في حال أفضل من الحال التي كان عليها في عهد صدام، وقد فشلوا فشلاً ذريعاً في هذا.
وما يتوجب ويتعين أيضاً أن يعرفه المتصارعون على كراسي الحكومة الجديدة، ومعهم المتزلفون والمتملقون وماسحو الأكتاف ولاعقو الأكفّ، مستجدو المقاعد الوزارية الثانوية، اننا لن نمهلهم كثيراً هذه المرة، فلابدّ أن ينتهوا من تشكيل حكومتهم في الموعد المحدد دستورياً أو قبله، ولابدّ أن تبدأ الحكومة منذ يومها الأول بالعمل المثابر والمتواصل على مدى أربع وعشرين ساعة في اليوم وسبعة أيام في الاسبوع من أجل إزالة ركام الماضي.
عندما أدرك الشعب في ربيع 2011 ان الحكومة السابقة لم تكن على مستوى التوقعات انطلق في حركة احتجاجات سلمية، جوبهت بوحشية سافرة من جانب قوات الحكومة واجهزتها الأمنية التي صار واضحاً للعيان الآن انها لا تستأسد الا على الناس العُزّل، فقد سابقت هذه القوات والأجهزة الارانب في فرارها من ساحات المواجهة مع داعش من دون أي قتال! .. هذه المرة يمكن ان تتحول تلك الحركة السلمية المقموعة الى حركة عصيان مدني واسعة النطاق وهادرة، فلم يعد لدى الناس ما يخسرونه في حركة من هذا النوع، بعدما خسروا مساكنهم ومحال عملهم وأرواحهم في نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى وكركوك.. امتداداً الى بغداد والبصرة.
أوقفوا انطلاق روائحكم الكريهة قبل فوات الأوان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram