اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ملف الشبيبي على طاولة العبادي

ملف الشبيبي على طاولة العبادي

نشر في: 19 أغسطس, 2014: 09:01 م
لا يستقر بلد ينجو فيه السارق والانتهازي والطائفي بمساعدة القانون وقوته، كتبت هذه العبارة قبل اكثر من عام حين كنت ارى المتهمين ببعض صفقات الفساد وهم يبتسمون من على شاشات الفضائيات، فيما العدالة لم تتحرك، ولم تر فيهم سراقا ولا مجموعة انتهازيين استغلوا مناصبهم في السحت الحرام.. وكان هناك من منع وسعى وصمم من اجل ان لا تصل الحقيقة الى أروقة القضاء، وهناك من أتحول الى سد منيع بوجه فتح ملفات الفاسدين والمفسدين، وهناك من أراد لقضايا الفساد أن تبقى جرائم عائم يتم الحديث عنها في البرلمان ومن على الفضائيات، ولكن لا وجود لها في سجلات المحاكم. 
قبل عام ونصف من هذا التاريخ قررت الحكومة وبمعاونة بعض النواب ان تطلق قذائفها الثقيلة ضد الدكتور سنان الشبيبي محافظ البنك المركزي ومعاونه مظهر محمد صالح تحت شعار: "لا نريد خبراء اقتصاد يتولون شؤوننا" ، وبنى هؤلاء القناصون والرماة خطتهم في القصف على أساس ان الشبيبي ينتمي إلى طائفة من التكنوقراط لا تنسجم مع مقتضيات الواقع الجديد، الذي يريد له البعض أن يستند على قيم المحاصصة الطائفية والمحسوبية والجهل والخرافة، بل ذهب خبراء دولة القانون إلى اتهام الرجل بأنه مسؤول عن تهريب أموال العراق الى المنظمات الإرهابية. 
لا اناقش هنا صحة الاتهام الذي وجهته الحكومة انذاك للبنك المركزي من عدمه، فقط أتحدث عن المنهج والطريقة التي تعاملت بها الحكومة السابقة مع سنان الشبيبي ونائبه مظهر محمد صالح، ومعهم بعض الموظفات ، فالقرار الذي اتخذ بإقالة سنان الشبيبي و اعتقال مظهر محمد صالح دون ان يسمح لهم بتوضيح وجهة نظرهم او ان يقدموا ادلة براءتهم، كان يؤكد بالدليل القاطع إن العراق يعود وبقوة الى أجواء ما قبل 2003، حيث عاود مؤشر التفرد بالسلطة إلى الارتفاع، من خلال إغراق الناس في خطب متحذلقة، فاقدة للمعنى والثقة، خطب وقرارات جعلت المواطن يشعر بالأسى وهو يرى إصرار مسؤولي الدولة الكبار آنذاك على إفراغ البلد من أصحاب الكفاءات والخبرة، وحيث وجدا سنان الشبيبي ومظهر محمد صالح وأمثالهم أنهم في مواجهة سياسيين يكرهون أوطانهم.. في الدول التي تحترم إرادة مواطنيها نجد مؤسسات الدولة تكرم علماءها ومبدعيها من خلال الحفاظ عليهم باعتبارهم عملاتٍ نادرة الوجود، فيما مارس مسؤولينا سياسة الجدل السياسي الفارغ الذي فسح المجال للمحسوبية والمزاجية في الإدارة والتي هدمت أكثر ممّا بنت 
لعل قمة التناقض والازدواجية، حين جيشت الجيوش ضد عالم وخبير اقتصادي كبير لمجرد أنه رفض دخول احدى الهيئات المستقلة الى حظيرة الحكومة ، وحين تحركت قطعات المدفعية لدك محاولاته لإصلاح النظام المصرفي في العراق، في الوقت الذي كان فيه رئيس مجلس الوزراء السابق يخرج على الناس كل يوم بخطب ثورية عن الإصلاح ومحاربة الفساد والاستفادة من الخبرات.
الخاسر الأكبر من قرار اقالة الشبيبي كان ولايزال الشعب العراقي الذي يحتاج في هذه الايام العصيبة الى كل الكفاءات الوطنية ، بالمقابل فان العدو الاكبر لاستقرار البلاد هم مقربو السلطة الذين يصرون على اشاعة الفوضى والمحسوبية. 
لقد تعرض الشبيبي والذين معه للإهانة والتخوين لمجرد أنهم قالوا يوما إن "البنك المركزي هيئة مستقلة" والسيطرة عليه حرام .
ان ملف الشبيبي يجب ان يدرج على قائمة اولويات الحكومة الجديدة.. وبعيدا عن أي قرار يتخذه السيد حيدر العبادي بخصوص هذا الملف الذي شغل الاعلام طويلا وراح ضحيته واحد من اهم العقول الاقتصادية في العالم "، فأن عالما مثل سنان الشبييي سيبقى شامخ القامة رافع الرأس، عالي الضمير.. وستذكر له الأجيال القادمة انه ظل في أصعب الأوقات رجلا بلا صفقات ولا مؤامرات، ثابت الموقف، نقي الضمير.. والأهم انه رفض ان يساوم على نزاهته وامانته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد الربيعي

    السلام عليكم ابو حسين الله ينور دماغك على هل الذاكره الجميله نحن بامس الحاجه في هذه المرحله الصعبه والمحرجه ان نعبد الطريق امام العبادي ندعوا منالعليا القدير ان ينسلخ من الافكار المسمومه وان يرميها في المزبله وان يضهر للسطح مثل الشبيبي ومثلك تحيه لكل كتاب

  2. مصطفى جواد

    هناك مصارف اهلية كثيرة وبتواطؤ موظفين بالبنك المركزي سرقت اموال المودعين مثل مصرف الوركاء والبصرة والاقتصاد وقد خسر المودعون كل تعب عمرهم بل ان بعضهم فقد ثمن دار باعها ووضع امواله في المصرف بقصة شبيهة ب سامكو رغم انه لا يخضع لرقابة الدولة اما المصارف فله

يحدث الآن

"الأبنية متدهورة".. سجون العراق تعاني اكتظاظاً يفوق 300% من الطاقة الاستيعابية

اجتماع هام لديكو لحسم صفقة جديدة لبرشلونة

العمليات المشتركة تكشف تفاصيل هجوم "الفصائل" على قاعدة عين الأسد

السجن 15 سنة بحق مدان أطلق النار على مفرزة أمنية

آفة تتفاقم.. الداخلية تعلن القبض على (31) متسولاً في بغداد

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram