في المنطقة عينها من العاصمة بغداد، الجادرية، بل في الكيلومتر نفسه الذي يضم أكثر من مدخل الى قصر السلام الرئاسي ومكاتب رسمية وحزبية، وقعت جريمتان من النوع ذاته بفارق خطوات فقط بين مكان كل منهما وأقل من خمسة أشهر بين كل منهما .. لكن ما أكبر الفرق بين تبعات الأولى وتبعات الثانية!
الجريمة الثانية وقعت للتو، وبالتحديد في الحادي والعشرين من الشهر الحالي، حيث جرت مشادة بين ضابط مرور برتبة مقدم ومواطن قيل انه من منتسبي أحد الأحزاب (الشيعية).. المشادّة سببها، كما نُشر من تفاصيل مقتضبة، ان المواطن (الحزبي) ركنَ دراجته الآلية (موتوسايكل) في مكان غير مسموح به فقام مقدم المرور بواجبه في الطلب الى صاحب الدراجة بنقلها من مكانها.. المنتسب الحزبي كان مسلحاً، أصيب بالحمق فاستخدم سلاحه لإنهاء الجدل مع ضابط المرور الذي كان أثناء الخدمة، فكان أن مات الضابط متأثراً بإصابته البليغة ومرض السكري الذي كان يعاني منه.
يومياً يموت العشرات، وغالباً المئات، من العراقيين بمثل هذه الطريقة الفاجعة أو بطرق أكثر فجائعية كالمفخخات والأسلحة مكتومة الصوت. التحقيق يأخذ مجراه المعتاد في كل القضايا، فيُلقى القبض على المجرمين أحياناً ويحالون الى القضاء كما حدث مع قاتل ضابط المرور، وأحياناً أخرى، وهي الأكثر، لا ينتهي التحقيق الى مرتكبي الجرائم فتُسجل ضد "مجهول"، كما هي الحال مع عمليات التفجير والقتل بالكواتم كلها تقريباً.
الحادثة الأولى التي وقعت في الثالث والعشرين من آذار الماضي، كان القتيل فيها الزميل الإعلامي والأكاديمي محمد بديوي الشمري، والقاتل ضابطاً في الحرس الرئاسي.. ظروف ارتكاب تلك الجريمة مشابهة الى حد كبير لظروف الجريمة الأخيرة، فقد وقعت مشادة بين ضابط الحرس الرئاسي والزميل الشمري، فأصيب الضابط بالحمق واستخدم سلاحه لفضّ المشادة.
الفرق الكبير بين الحادثتين المروعتين ان رئيس الحكومة حضر بنفسه الى مسرح الجريمة الأولى، على رأس أرتال من حمايته ومستشاريه، بل جلب معه طاقماً من شبكة الإعلام العراقي (الحكومية) لينقل في بثّ حيّ مباشر (أعيد أكثر من مرة في ذلك اليوم) وقائع تلك الزيارة وإعلان رئيس الحكومة بنبرة حماسية انه "ولي الدم .. والدم بالدم"! .. تلك الحماسة لم يكن سببها ان القتيل من أقارب رئيس الحكومة أو من خاصته أو من كبار رجال حكومته .. السبب الحقيقي لم يتعلق البتة بالقتيل، وانما بالقاتل الكردي.
كان الحادث فريداً من نوعه، فليس من المعتاد أن يقتل كردي عربياً في بغداد أو غيرها، فالمعتاد أن يقتل العرب (شيعة وسُنة) بعضهم بعضاً بالعشرات يومياً في بغداد والبصرة وبعقوبة والموصل والرمادي والحلة والكوت.. الخ. مع ذلك أراد رئيس الحكومة أن يستثمر الحادث لتصفية حسابات سياسية له مع قيادة إقليم كردستان، ظناً منه انه سيحقق نصراً مؤزراً عليها .. ولم يفلح، وما كان سيفلح، فعصبة المصفقين والراقصين على دم الضحية لم تتجاوز جوقة الطبّالين بالأجرة في كل عرس حكومي.
قاتل الزميل الشمري نال العقاب المستحق عن جريمته .. نأمل ألا تكون حزبية قاتل ضابط المرور سبباً في التخفيف من الحكم على القاتل.
بين جريمتين
[post-views]
نشر في: 22 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
ali banoon
اذكر قصة وانتم حلولها لتروا اي شخصية مليئة بالعقد هي الشخصية العراقية سنة ١٩٧٩ هربنا الى ايران واحد منا هرب مع عائلته فقال المسؤلون خطية هذا عنده عائلة فلا يكون مشمول بشئ من تدريب او شئ أخر فسلم موتور سيكل لكي يشتري بعض الحاجات لاحد المسؤلين وفي الاثناء
عطا عباس
... والكل يأمل ايضا بأن يسترد القضاء هيبته مجددا وينال المجرم الحزبي جزاءه بعد تحويله الى مجرم أعتيادي طبعا ! فالمواطنون قد جرى تقسيمهم زمن ر . الوزراءالسايق الى مقربين واصحاب واحباب ... وهؤلاء هم الحزبين والى صنف ثان مليوني يمثلهم المتبقي من
خليلو...
في كلا الحادثين اللذين رويتهما ،اخي،اختلف القاتلان كما اختلف المقتولان القاتل في الحادث الاول كان مثل المقتول في الحادث الثاني والمقتول في الحادث الثاني مثل القاتل في الحادث الاول فليست الحكاية حزورة يا استاذ عدنان انت تدري واني ادري الحمق الذي تحدثت عنه
خليلو...
والمقتول في الحادت الاول مثل القاتل في الحادث الثاني