TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > خطة لمحاربة الدولة الإسلامية

خطة لمحاربة الدولة الإسلامية

نشر في: 24 أغسطس, 2014: 09:01 م

القتال السرطاني ينتشر في العراق و سوريا، و ما زالت خيارات الولايات المتحدة متصدعة، لكن بالإمكان قلب الوضع. عندما وصف الرئيس أوباما الدولة الإسلامية بالسرطان يوم الأربعاء ، فربما كان الوصف مناسبا أكثـر مما كان يقصد. في الواقع ان المجموعة المسلحة هي

القتال السرطاني ينتشر في العراق و سوريا، و ما زالت خيارات الولايات المتحدة متصدعة، لكن بالإمكان قلب الوضع. عندما وصف الرئيس أوباما الدولة الإسلامية بالسرطان يوم الأربعاء ، فربما كان الوصف مناسبا أكثـر مما كان يقصد. في الواقع ان المجموعة المسلحة هي بمثابة ورم خبيث ينخر جسد الشرق الأوسط . لكنه ، مثل السرطان ، سيكون من الصعب التغلب عليه كما ان بعض أنواع العلاج يمكن ان ينتهي بها الأمر الى قتل المريض .
كان انتشار المجموعة سريعا بشكل يسبب الصدمة، ففي حزيران اندفعت بعمق الى العراق و استولت على الموصل، و تقدمت حتى وصلت قريبا من بغداد، كما هددت مناطق كردستان. حتى انها أعلنت " الخلافة "، و لم يوقف تقدمها الا قرار السيد أوباما في 7 آب بشن ضربات جوية أميركية . لقد توقفت الدولة الإسلامية عسكريا الا انها لم تندحر. لكن هناك وسيلة لقلب الموقف.

 

ان شر الدولة الإسلامية من النوع الرهيب ، و آخر مثال على فظائعها هو قطع رأس الصحفي جيمس فولي. في العراق دعت المجموعة الى إبادة الذكور من الإيزيديين و بيع نساءهم في سوق العبيد . في سوريا قامت بشنق الذين يعارضونها و هي تتحمل اللوم في معظم الأعمال الوحشية ضد المدنيين في سوريا . هذه الكارثة الإنسانية كبيرة و سيئة بما يكفي ، لكن الدولة الإسلامية تشكّل ايضا تهديدا ستراتيجيا لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لا يمكن التغاضي عنه. يتعرض استقرار العراق الآن الى خطر شديد رغم ان البلد لم يكن مستقرا حتى قبل حملة الدولة الإسلامية . يمكن ان ينضم العراق الى سوريا كدولة فاشلة ، بل و أكثر أهمية من سوريا بالنظر للاحتياطي النفطي الموجود فيه . أي حريق أوسع يمكن ان يخاطر بالمزيد من التدخل من جانب إيران و تركيا و السعودية و غيرها من دول االجوار. الحكومات الأوربية الغربية تخشى من إنتقال الإرهاب الى بلدانها عن طريق المنتمين من مواطنيها الى الدولة الإسلامية . ان التهديد الإرهابي للولايات المتحدة هو اليوم تهديد مباشر أكثر من قبل ، فبسبب ضرب الدولة الإسلامية ازداد عدد أعداء الولايات المتحدة . لدى إدارة أوباما – التي حاولت تجنب الانخراط في العراق و سوريا- الكثير من أنواع العلاج لمهاجمة هذا السرطان المتنامي لكنها جميعا تشترك بخاصية واحدة هي انها لا تنفع . المشكلة العظمى هي قلة الحلفاء المناسبين . باستثناء تجمّع " تحالف الإرادة" فان أفضل ما يمكن ان نحصل عليه هو تحالف غير كفوء و فاسد و متعصب و متردد . 

في العراق ، كان رئيس الوزراء نوري المالكي يستعدي بشكل ممنهج السنّة و الكرد. مع تقدّم داعش ثار الكثير من السنّة ضد حكومته، و تفككت القوات العسكرية التي قام الأميركان بتدريبها. السيد المالكي هو الآن خارج السلطة الا ان الحكومة الجديدة في بغداد مزعزعة، و الكرد يناقشون علنا استقلالهم و الانقسامات الطائفية تجتاح البلاد . في سوريا المشكلة أسوأ، فسياسة الولايات المتحدة تهدف اليوم الى إسقاط دكتاتور البلاد بشار الأسد و في نفس الوقت تسعى الى دحر الدولة الإسلامية . قبل عام واحد فقط كانت الولايات المتحدة على وشك قصف نظام الأسد ، اما اليوم فانها تقصف عدو نظام الأسد . المعارضة السورية لم تعد موحدة و العنصر الراديكالي فيها أكثر قوة . بعض الأساليب تبدو كارثية بشكل واضح ؛ اذ ان دفع فدية مالية لإنقاذ الصحفيين الشجعان الواقعين في براثن الدولة الإسلامية لن يقود الا الى المزيد من الرهائن، فالمجاميع الإرهابية تفضّل خطف غربيين من دول كفرنسا التي دفعت للإرهابيين اكثر من 50 مليون دولار منذ عام 2008 كفدية . كلما دفعت الولايات المتحدة أكثر كلما خطفت المجموعات الإرهابية أميركيين أكثر و علينا الاستعداد للمزيد من أشرطة قطع الرؤوس . 
مشكلة أخرى هي ان الأميركيين لا رغبة لديهم في نشر القوات العسكرية على نطاق واسع، ففي استطلاع جرى في حزيران ظهر ان أغلب الأميركيين لا يفضّلون الضربات الجوية ضد الدولة الإسلامية هذا عدا القوات البرية . لكن أمامنا مسار آخر ، مزيج من الخيارات متوسطة المدى – إصلاح سياسي في بغداد ا، ستخدام محدود للقوة العسكرية الأميركية ، و جهود لبناء قدرة محلية و منع التعفنات الجديدة – توفر الأمل حتى لو استغرق هذا المزيج شهورا أو سنينا كي يترسخ . 
الإصلاح السياسي في العراق هو الأساس الذي يستقر عليه كل شيء آخر . ان استبدال المالكي بالعبادي يوفر بعض الأمل في ان تصبح الحكومة العراقية أكثر شمولا و تقنع السنّة بالانقلاب على الدولة الإسلامية . كما ان الجارة الشيعية إيران التي تدعم حكومة العبادي تعارض المسلحين مما قد يشجع السيد العبادي ان ينهج نهجا تصالحيا اكثر من سابقه . لكن في أحسن الأحوال من المحتمل ان نرتفع من الحضيض الى الأعلى قليلا . مع ذلك فان عزل متعصبي الدولة الإسلامية عن باقي السنّة في العراق غير قابل للتنفيذ تماما . فالدولة الإسلامية اندفعت في حزيران جزئيا لأن العشائر السنية و البعثيين السابقين و غيرهم من السنّة انضموا الى القتال ضد حكومة المالكي . في ذروة ادامة زخم القوات الأميركية في 2007 تمكنت الولايات المتحدة من تحويل مقاتلي العشائر ضد المسلحين . تكرار ذلك دون وجود الولايات المتحدة على الأرض سيكون صعبا جدا – لكن اذا ما مدت حكومة العبادي غصن الزيتون للمواطنين السنّة فمن الممكن جدا ان تخسر الدولة الإسلامية و بسرعة الكثير من الدعم . 
الأمل الأفضل على المدى البعيد هو المساعدة في نمو قوات عسكرية محلية و بناء قدرتها . لقد انهارت القوات العراقية أمام هجوم الدولة الإسلامية و يجب استعادة معنوياتها و تماسكها. جزء من هذه المشكلة يتعلق بالأمور الفنية و بنشر مستديم للمستشارين الأميركيين ما يمكن ان يحسّن من أداءهم . لكن الجزء الأكبر من المشكلة سياسي. القوات العراقية أفضل تدريبا و تجهيزا من الدولة الإسلامية – رغم ان المسلحين استولوا على تجهيزات عسكرية أميركية متطورة عند هزيمة الجيش – الا ان الكثيرين منهم ليس لديهم ثقة بضباطهم أو ولاءً لقادتهم السياسيين . لذا فبدون إصلاح سياسي سوف يفشل الإصلاح العسكري . اندفاع الدولة الإسلامية داخل العراق سيستمر اذا بقي قويا عبر الحدود الضبابية مع سوريا . يجب تكثيف تدريب قوات المعارضة المعتدلة المحاصرة في سوريا، ما يمكّنها من مقاومة القتلة في نظام الأسد إضافة الى مقاومة متعصبي الدولة الإسلامية . 
يمكن للقوة الجوية و قوات العمليات الخاصة الأميركية منع الدولة الإسلامية من التوسع أكثر. لكن الضربات الجوية لا تستطيع طردها مرة واحدة و الى الأبد. النجاح الدائم سيتحقق عندما تتمكن القوات البرية من احتلال المنطقة بعد هرب المسلحين ، و هذا يعني ان على الحكومة العراقية ان ترتقي ، و ان الثوار السوريين المعتدلين بحاجة الى مساعدة عاجلة . 
أثناء عملها على هذه الجبهات ، على واشنطن ان تحاول احتواء المرض، و عليها العمل مع تركيا و الأردن و غيرها من دول الجوار لتلبية نداءات الإغاثة في مدن مخيمات اللاجئين السوريين و إحباط سلوك الاندحار الذاتي . سنكدح طويلا ، فسوريا دولة فاشلة و العراق في طريقه الى الفشل . على المدى القريب ، فان أفضل ما يمكن ان تقوم به الولايات المتحدة هو ان تضع الدولة الإسلامية وراء ظهرها. و من المغري ان تستدير و تعود الى الوطن ، الا ان ذلك سيخاطر بوقوع كارثة أسوأ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وفاة المخرج السينمائي العراقي محمد شكري جميل

الداخلية: طرد أكثر من 4 آلاف منتسب وإحالة 15 ألف قضية إلى المحاكم

ائتلاف المالكي يحذر من عودة المفخخات والتهديدات الارهابية الى العراق

طقس صحو والحرارة تنخفض بعموم العراق

الفصائل تهدد "عين الأسد" بسبب احتمالات بقاء الأمريكيين فترة أطول في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جنديان

جنديان "إسرائيليان" متهمان بالتجسس: معلومات حساسة للغاية عن القبة الحديدية نُقلت إلى إيران

متابعة/ المدىكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الاثنين، عن توجيه اتهامات إلى جنديين "إسرائيليين" بالتجسس، فيما أشار الى أن معلومات حساسة للغاية عن القبة الحديدية نُقلت إلى إيران.وذكرت الصحيفة في تقرير انه "استعدادا لتوجيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram