TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > انقراض التقدمية والرجعية

انقراض التقدمية والرجعية

نشر في: 24 أغسطس, 2014: 09:01 م

حتى وقت قريب كانت "التقدمية " صفة غالبة على الأحزاب العربية، والرفيق يكون تقدميا عندما يؤمن بالتطور، ويناضل من اجل إقامة نظام يحقق العدل والمساواة ، والرجعي من وقف ضد هذا  التوجه ،  وحارب الأفكار المستوردة ، وتعاون مع السلطة في كتابة التقارير لملاحقة "التقدميين "  ونتيجة اضطراب الأوضاع السياسية ، وبروز الصراع على السلطة في ابشع اشكاله ، وهيمنة الحزب الحاكم على مقدرات العباد والبلاد ، اختفت ثنائية التقدمي والرجعي وحل مكانها "صخام الوجه" في زمن الانحطاط العربي .      
عراقي هاجر الى الولايات المتحدة قبل اكثر من عامين بعث الى صديقه المقيم  في بغداد برسالة إلكترونية ، تتضمن  حقيقة  عدها غائبة لم  يلتفت لها احد ، تفيد بان كل شيء في العراق، يتجه نحو التراجع،  ف"التقدم" يحصل في الاعمار فقط، وفي  كثير من الاحيان،  ونتيجة اضطراب الأوضاع الأمنية ،  يفقد الكثير من العراقيين فرصة ضمان حتى هذا "التقدم"  في ظل استمرار العنف  واعلان تشكيل دولة  الخلافة .
الاوضاع في العراق سياسيا وامنيا  بتراجع ، والاسباب كثيرة  ومعروفة ، وهي من وجهة نظر البعض  تقف وراءها دول الجوار ، وهناك من يعزو الاسباب الى غياب مبدأ الشراكة  والقفز على المواد الدستورية ، والابتعاد عن التمسك بالقواعد الديمقراطية ،  والمشهد السياسي  بعد اكثر من عشر سنوات  من عمر" العراق الجديد"  كشفت احداثه  عن وجود اكثر من برميل بارود قابل للاشتعال في اية لحظة.
 عمر العراقي طيلة  عشرات السنين الماضية ،  يصفها من عاشها،  بانها كانت فصولا ميلودرامية على طريقة السينما الهندية ، فمن المطاردة من قبل رجال السلطة بتهمة الانتماء لتنظيم سياسي معارض  الى متاعب الدراسة والحصول على  وظيفة براتب لا يكفي لتسديد بدل الايجار،  الى الالتحاق بالخدمة العسكرية  والمشاركة في الحروب  ثم الخضوع لحصار اقتصادي ، والتمسك بشرف الحفاظ على البطاقة التموينية  فلم يستطع العراقي استعادة انفاسه ، فظل اسير الفقر والحرمان ، وعندما دخل في مرحلة "العراق الجديد " سمع  الوعود والشعارات وسرعان ما تبددت اماله في العيش الكريم ، عندما انطلت عليه كذبة الديمقراطية بالنسخة العراقية شعر بانه عاد الى العصور الحجرية، منتظرا الرحمة والشفقة والعدالة وتحسين الحال ،  دافعا سنوات عمره،  ثمنا لانتظار طويل .
يقال ان الزمن كفيل بتفكيك الأزمات سواء بانقلاب لإسقاط نظام الحكم او بتدخل عسكري اجنبي او بمخطط ينفذه  المتنفذون في القصر الجمهوري او البلاط الملكي ،  وهذه القاعدة قد تصلح في  احد بلدان المنطقة  وليس في العراق ،  لان الوصول الى السلطة يتم عبر صناديق الاقتراع  بمعنى ان النظام الديمقراطي بشكله الحالي ابعد ما يكون عن المفاجآت ، وليس من المعقول ان تفكر جهة باحتلال الإذاعة وبث بيان رقم واحد لوجود مئات المحطات الإذاعية التابعة لأحزاب وقوى سياسية ، فضلا عن استعداد من يمتلك الميليشيات والمجاميع المسلحة  للدفاع عن النظام وإشعال براميل البارود وحينذاك  يضيع التقدم في عمر العراقي . وبوجود دولة الخلافة انقرض التقدمي والرجعي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. خليلو...

    فحل smuel Huntignton محل Karl Marx و the clash of civilizations محل the capital اذن لا غرابة في الامر يا سيد علاء الدين

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram