TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > داعش.. واللي شبكنا يخلصنا

داعش.. واللي شبكنا يخلصنا

نشر في: 24 أغسطس, 2014: 09:01 م

فجأة اكتشف البيت الأبيض أن داعش يمكن أن تكون خطراً يهدد المصالح الأميركية، فبدأ بتسريب أنباء عن استعداد واشنطن للتحرك، وأنه يدرس بجدية إمكانية شن ضربات عسكرية على مسلحي هذا التنظيم في سوريا، بينما اعتبر البنتاغون أن القيام بمثل هذه العمليات قد يكون ضرورياً، هذا الموقف جاء بعد نشر فيديو لذبح الصحفي الأميركي جيمس فولي، وهو ما اعتبرته واشنطن مؤامرة ضد الأميركيين، وتهديداً للولايات المتحدة، يستدعي مطاردة الفاعلين أينما وجدوا، وعلى نفس المنوال نسج مسؤول عسكري أميركي تصريحاً، أكد فيه إمكانية مهاجمة معسكرات تدريب الدواعش، وشن هجمات ضد أهداف مهمة جداً وشخصيات من الحركة.
في الأثناء بدأت الصحافة الغربية التمهيد لاحتمالات التعاون الغربي مع النظام السوري، في إطار الحرب ضد داعش، معترفة بصعوبة حربها في العراق من دون سوريا، هذا التعاون بدأ عبر السفارة الألمانية في بيروت، التي فتحت قنوات التواصل المخابراتي، حيث زودت الاستخبارات الأمريكية دمشق بمعلومات دقيقة، عبر الاستخبارات الألمانية حول أماكن وجود قادة المسلحين، ما مكن الجيش السوري من شن هجمات دقيقة على مواقع تنظيم الدولة، والواضح أن أوباما لن يكتفي بهذا القدر من التعاون، إذ سيرضخ لمطالبات أعضاء بارزين في الكونغرس، بتكثيف الضغط العسكري ضد مقاتلي الدولة الإسلامية، بما في ذلك قصف مواقع في سوريا، فيما تسربت معلومات عن قيام الجيش الأميركي، بعملية فشلت في تحرير عدد من الرهائن الغربيين، كانوا مُحتجزين في معسكر أسامة بن لادن، التابع لتنظيم "داعش" في ريف الرقة السورية.
بالتزامن مع هذه التسريبات، انطلقت في عالمنا العربي دعوات لعمل إقليمي متكامل بقيادة واشنطن، لدحر داعش ووقف الانهيار في سوريا والعراق، وعلى أساس أن هذه الكارثة لن تنتهي إلا إذا استُؤصلت من سوريا، حيث لن يكون كافياً مجرد القصف الجوي الأميركي لمقاتليها في العراق، إلا إن كان جزءا من خطة شاملة، تستهدف دحر هذا التنظيم عسكرياً، وتجفيف مصادر تمويله، على أن المخاوف المرافقة لهذه الدعوة، تكمن في موقف الإدارة الأميركية الانعزالي، في ظل قيادة أوباما، الذي أثبت عدم امتلاكه غير بلاغة خطابية لم تعد مجدية، وخبا الأمل من ترجمتها إلى واقع إيجابي على الأرض، كان وعد بتحقيقه في بداية فترته الرئاسية.
يعني ذلك أن على القادة العرب وضع خطة شاملة للقضاء على داعش، وتحجيم نهجها التكفيري الظلامي، وبما أنهم عاجزون عن قيادة الحل وتنفيذه منفردين، فإن عليهم إقناع العالم بمشاركتهم، عبر تنويرهم بخطر هذا التنظيم المنفلت من كل عقال على مصالحهم وعلى مجتمعاتهم، بديهي أن سياسات القادة العرب الانعزالية عن العراق بعد سقوط نظام صدام، أسفرت عن تمزقه الى طوائف متناحرة، وألقت أزمته بظلالها على سوريا، ما يعني وجوب الارتكاز إلى خطة شاملة، تؤطر الجهد العسكري في حل سياسي متكامل، مُدرك لترابط الأوضاع فيهما، وقادر على مواجهة واقعهما، الذي بدأ بتفكيك مجتمعاتهما إلى طوائف متناحرة، وأعراق تبحث عن الحماية.
العمل العسكري بأفق سياسي واضح هو الحل، حيث استحالة وقف هذا الانهيار المريع، بغير مبادرة تنبع من المنطقة، وتكون مدركة لشروط الخروج من واقعها المؤلم، وتستند إلى مشاركة دولية حقيقية، وتسعى لفرض حل حقيقي يقتلع الأزمة من جذورها، ولا يتوقف عند محاولة معالجة تداعياتها، التي فتحت عين واشنطن على عمق الأزمة، وإلا فإن عسكر أوباما سيغادرون، بعد التثبت من انحسار خطر داعش على مصالحهم وحياة الأميركيين، فيما يظل العرب يتدحرجون في هاوية الضياعٍ، ترافقهم أصداء أغنية "اللي شبكنا يخلصنا".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram