إذا صحّ الأمر، بالتأكيد يكون عزة إبراهيم الدوري قد أخطأ في العنوان، فرسالة التفاهم التي أطلقها منذ أيام باسم قيادة حزب البعث حملت عنواني البيت الأبيض في واشنطن دي سي وقصر سعد آباد في طهران، والحال أن الرسالة ما كان يتعيّن توجيهها إلا إلى كل العناوين المسجلة وغير المسجلة لدى دائرة البريد العراقية في بغداد والبصرة والموصل وأربيل وسائر مدن البلاد وبلداتها وقراها.
قيادة البعث برئاسة نائب صدام حسين وخليفته في زعامة الحزب عرضت في رسالتها إلى الرئیس الأميركي باراك اوباما ونظيره الإیراني حسن روحاني التفاوض معها "للتعاون" من أجل تأمين خلاص العراق مما "یمر به الیوم من صراعات ونزاعات" و"اعادة الاستقرار" اليه و"تجنب تقسيمه".
الرسالة تنطوي في الواقع على إهانة سافرة للشعب العراقي، فهي ترفع من شأن الولايات المتحدة وإيران الى مستوى المرجعية في الشؤون العراقية، فتقترح على واشنطن وطهران "بدء صفحة جدیدة في العلاقات" و"العودة من جدید إلى طاولة المفاوضات وإعادة الأمور إلى نصابها".. عودة الأمور الى نصابها بالنسبة للدوري وقيادة حزبه تعني إعادتهما الى السلطة، وفي المقابل تبدي الرسالة الاستعداد لأن "نتجاوز جراحاتنا وآلامنا التي تسببتم بها طیلة العقد الماضي".
قيادة البعث إذن تتوسل واشنطن وطهران الاتفاق من وراء ظهر الشعب العراقي وإعادتها الى السلطة، مطمئنةً إياهما الى ان المصالح الأميركية والإيرانية ستكون مضمونة.. لكن ماذا عن العراقيين ومصالحهم؟
قيادة البعث تُخطيء العنوان في الواقع.. فمن باب أولى كان على هذه القيادة أن تتوجه برسالة الى الشعب العراقي تتوسله الصفح عنها... كان يتعيّن أن تراجع قيادة البعث بموضوعية تجربة حكمها الطويل العابث والمغامر للعراق.. أن تعترف بالأخطاء والخطايا التي ارتكبتها تحت حكم صدام وعزة الدوري. فالدماء التي سالت أنهاراً دافقة على مدى ذلك العهد لم تكن ماءً، وأرواح مئات الآلاف التي أزهقت في الحروب العدوانية وأعمال القمع والتعذيب الوحشي في السجون والمعتقلات وفي عمليات الأنفال والمقابر الجماعية، كانت لبشر عراقيين، بينهم الآلاف من البعثيين أنفسهم، وليست لحشرات ناقلة للأمراض المعدية... قيادة البعث ليست مسؤولة عن ذلك وحده.. انها تتحمل ايضاً المسؤولية عما جرى للعراق والعراقيين منذ 2003 حتى الآن، فهذا كان نتيجة لما جرى منذ 1968 أو في الأقل منذ 1979... بطريقة حكم غير الطريقة التي اتبعتها قيادة صدام – الدوري كان ينتظر العراق مصيرٌ آخر، مختلف تماماً.. كان العراق الآن سيسابق النمور الآسيوية في التحضر والرفاه والاستقرار، وربما كان سيتقدم عليها.
في سعي قيادة البعث للتفاهم مع الولايات المتحدة وإيران إهانة للشعب العراقي وتجاوز على حقه في أن يقرر مصيره بنفسه، وفي عدم مراجعة هذه القيادة لتجربتها وتقديم الاعتذار عن أخطائها وخطاياها إهانة مضاعفة وتجاوز على حقه في أن ينعم، بعد طول معاناة، بنظام حكم ديمقراطي لا يؤمن به البعث ولا قوى الإسلام السياسي الحاكمة الآن.
إهانة قيادة البعث
[post-views]
نشر في: 25 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 5
ابو اثير
كان ألأ ولى على قيادة حزب البعث في العراق تقديم أعتذارين صريحين للشعب العراقي بجميع مكوناته وطوائفه... ألأعتذار الأول يكون عما أقترفه الحزب من ويلات وحروب وقتل وتهجير وحكم دكتاتوري مقيت أتجاه الشعب وألأعتذار الثاني تسليم ما تبقى من الشعب العراقي الى شلة
ماجد شاكر
هذا ليس بالغريب عليهم عام 1963 وصلوا الحكم بقطار امريكي هؤلاء دمويين وارهابيين بطبيعتهم والدليل تحالفهم على ابناء جلدتهم مع اعتى المجرمين داعش لا نستغرب من المجرم عزة ابو الثلج ولكن نستغرب من العراقيين الذين يطالبون بالعفوا عن البعثيين دون ان يطالبوا البع
سمیر المهاجر
الناس نوعان ذوعلم ومستمع واع...وغیرهما کاللغو والعکر...!!
سمیر المهاجر
قیل منذ القدیم أن الطیورعلی أشکالها تقع وأن مایمارسه عزت الدوري هو أمتواد لمجرم عرفه التأریخ علی مدی سنین صدام الذي نسی نفسه الی أیة عائلة تنتمي والی أی أصاله یعود ضمیره وکیانه ..!! ألم یعرف أنه ما جلبه للحکم غیر السقوط آلأخلاقي !!!والتبجح الذي تحمله الکث
سمیر المهاجر
أمثال عزت الدوري کثیرین لما یحیط بهم من جهل مطبق بشکل کامل علی شخصیاتهم الغیر مرنه ملیئة بالأنانیه ولا یهمهم ما تعرض له الشعب المسکین من آلالام کثیره علی مدی عقود من الزمان لا یؤمن الطغاة حتی بحریة الأنسان ...ولا زالوالا یعترفوا بالأخطاء الذین تعرض لها شع