منح الرئيس المجري السيد يانوش آدر الأربعاء الماضي الكاتب إمره كرتيس أرفع وسام مجري وهو وسام القديس اشتفان. وسيبلغ الحائز على جائزة نوبل للآداب لسنة 2002 الخامسة والثمانين من العمر في تشرين الثاني المقبل، وقد عاد ليقيم في بودابست قبل عام إثر سنوات طوي
منح الرئيس المجري السيد يانوش آدر الأربعاء الماضي الكاتب إمره كرتيس أرفع وسام مجري وهو وسام القديس اشتفان. وسيبلغ الحائز على جائزة نوبل للآداب لسنة 2002 الخامسة والثمانين من العمر في تشرين الثاني المقبل، وقد عاد ليقيم في بودابست قبل عام إثر سنوات طويلة قضاها في برلين.
وامتدح الرئيس المجري كرتيس قائلاً: لم يصبح الكاتب أهلاً لهذا التكريم لأنه حاز على نوبل، وأنه المجري الوحيد الذي حاز نوبل الآداب، بل كذلك تقديراً لنشاطه الإبداعي. أعماله تعطينا وصفاً تشريحياً بما تفعله الدكتاتوريات في النفس البشرية. أعمال إمره كرتيس تتحدث عن إمكان عيش الحرية بصورة داخلية". وأضاف "أنه يشكر الكاتب على كل شيء تعلمناه من إثبات الجدارة الانسانية والشجاعة الأدبية والصراحة الفنية العنيدة في مواجهة العالم".
وعبر الأديب الذي يعاني من من مرض الباركنسون عبر زوجته "أن قبول التكريم وتسلمه هو تعبير عن رغبته في رؤية تحقق الإجماع وضرورة الوصول إلى ذلك دون تأخير". ويجيء التكريم بمناسبة اليوم الوطني المجري في 20 آب من كل عام، يوم تأسيس الدولة المجرية على يد الملك إشتفان قبل ألف سنة ونيف، وقد أمرت ماريا تيريزيا امبراطورة النمسا وملكة المجر بهذا التكريم للمرة الأولى سنة 1764، واستمر العمل به لغاية إلغائه في 1946، ثم أعيد العمل به سنة 2011.وسيصدر قريباً كتاب جديد لإمره كرتيس بعنوان "الحانة الأخيرة" وهو أشبه بيوميات وأفكار ومسودات أدبية ونتف كتبها بين 2001-2009، كأنها القصة الغريبة والمؤلمة لعملية كتابة رواية لم يكتبها بعد، لربما لا يمكن كتابها.
نبذة من الكتاب:
"بزغ الفجر من جديد، الخامسة وأربعون دقيقة. إعادة تركيب اليوم الماضي: استلقيت في التاسعة والنصف صباحاً لأغفو قليلاً حتى الحادية عشرة والنصف؛ أيقظتني م. وهي تجلب الفطور، بعدها تملكني مزاج عظيم للعمل، لكن م. أبلغتني أن العائلة س. سيأتون في السادسة، حيث يتوجب علينا استضافتهم على العشاء. ملاسنة قصيرة، هكذا لن يبقى عندي وقت كافٍ للعمل؛ لكني توقفت سريعاً عن التبرم، رأيت م. تشعر بالضيق. تمشيت لوحدي تحت أشعة الشمس الشتوية المباركة، ثم عدت الى البيت، ولم أكتب سوى بضع ملاحظات عن خطاب ريمتسما حتى جاء الضيوف. ذهبنا إلى مطعم تايلندي، وشعرت بالسرور بعد أن تناسيت غيظي. في طريق العودة إلى البيت هاتفنا ليغتي، ثم أبلغتني م. بقرارها النبيل: تسمح لي بقضاء عيد الميلاد هنا، في برلين: بهذا ربما سيصبح في وسعي كتابة خطاب ريمتسما، وصياغة هذه المادة التي غدت بمرور الوقت عصية في الشكل المناسب.كآبة بالغة العمق. ومر في ذهني بشكل عابر، أنني بلغت الخامسة والسبعين. غير معقول. لكن هذا يعني اقتراب الموت. من المحتمل ان ليس هناك من معنى لكل ما كتبت وفعلت. من يقرأ باللغة المجرية؟ سوى بضعة شرطة سريين في مهمة غريبة. حسب مقالة في مجلة "الحياة والأدب" أن مترجمي أعمالي اعترفوا بأنهم يثلمون حد نصوصي، حتى – كما يدعون – "لا يجرحوا ذوق القارئ". لم أفعل شيئاً طوال اليوم. ترافق النعاس مع الكآبة. أشفق على م. وعلى نفسي. أخشى أن تكون حياتي الإبداعية قد انتهت.
أقرأ FAZ (جريدة فانكفورت آلغماينه) في حسد عن كوتزي الفائز الجديد بالنوبل، أنه لا يعطي كقابلات صحفية، لا يتحدث مع أحد، لا يتحدث عن الأدب، بل عن كرة القدم الأمريكية. أما أنا فقد انتظرني فاكس من صفحتين عند عودتي البيت، مليء بمقترحات من كل أنواع المشاغل المقيتة المقززة بمناسبة صدور الطبعة الفرنسية من "التصفية". اعتراني مزاج سيئ وتعب شديد، في المساء استمعت إلى تسجيل أندراش شِف لتنويعات غولدبرغ. وجدت فيها بعض العزاء. يرن تلفون م. اليدوي دون انقطاع كالشريط. تحدث معها في مدير مدرسة مدينة بابا البروتستانتية في المساء: أخذ لقائي بطلبة الثانوية البروتستانتية الذي بدا بصيغة حوار، أخذ يتوسع ويتمدد بشكل مخيف: وصل الحال حد أنه سيعقد في أحد الكنائس لكثرة عدد الطلاب الراغبين في الحضور، وأخذ يخرج عن السيطرة، ما عاد بالإمكان معرفة ممن يتكون الحشد. لا أستطيع لوم م. التي وضعت كل هذا الأمر على كتفي، لأنهم سيستقبلونني بكل ترحاب – كما قالوا – ولأن مهمتي تستوجب أن أكون تحت أمر الناس. أخذت كل أهدافي ومساعيّ تتحول ضد حياتي شيئاً فشيئاً. من المثير أن الحياة تبنى على الكذب، وعلى الكذب وحده، أما أنا فأخذت انجرف في هذا التيار دون حول ولا قوة، أكذب أنا الآخر. لماذا لا أستطيع التخلص من هذه الآلية؟ لا أفهم نفسي، لا أفهم حياتي. هاتفت صديقي كالاي في المساء. قال لي: "هل كنت في حاجة لجائزة النوبل العفنة هذه؟ لولاها لاستعطنا الآن التمشي على الدانوب والتحدث بكل حرية". نعم، كل شيء تغير من الأساس، أتابع هذه المتغيرات التي تحدث صامتاً في عجز، بدلاً من أن أتحكم فيها واستمتع بها. في آخر المساء هاتفتنا فيرا ليغتي: مسكين ل. لا يزال في حالة سيئة، لكنه يقرأ – أتم الآن قراءة دكتور فاوست. تناقشت معه كثيراً حول هذا الكتاب الذي لم يفه حقه، أما الآن فهو يمتدح عظمته بتعجب كبير كما قالت فيرا. أخلدنا إلى النوم مبكرا (نسبياً)".