كثيرا ما يُبدي لي أصدقاء ومعارف استغرابهم عندما اؤكد لهم إنني لست بفاقد الأمل في خروجنا من محنتنا الحالية، وأرى دائماً ان هناك ضوءاً في نهاية النفق يتدفق من كوة صغيرة قابلة للاتساع.
المستغربون يجادلون مستندين الى مئة سبب وسب، أو حتى أكثر، يُمكن أن تدفع الى فقدان الأمل الى الأبد، لكنني في المقابل أجد سبباً واحداً في الأقل استند اليه في تفاؤلي. دائماً أقول ان السوء يخلقه البشر، وان البشر ليسوا جميعاً سيئين، فاذا ما أزيح السيئون من الطريق تصبح هذه ممهدة وسالكة الى منطقة الضوء خارج النفق المعتم.. وأقول أيضاً ان المشهد العراقي بالرغم من انه يبدو ضاجاً بالسوء وحافلاً بصانعيه فان الأخيار كثيرون .. والسؤال كيف يمكننا أن ندفع بصنّاع السوء الى خلفية المشهد ليظهر الأخيار في المقدمة؟
أمس تحدثت الأخبار عن واقعتين تعززان ما أراه، وأرجو أن تساهما في إقناع المستغربين بانه فعلاً هناك ضوء في نهاية النفق، وكل ما علينا فعله أن نُضعف دور صناع السوء، وهم على وجه التحديد سياسيون ورجال أعمال مرتبطون بهم وقوى داخلية وخارجية تتلاعب بهم، في المشهد العراقي.
الواقعة الأولى
أعلن ناشطون كربلائيون الخميس (امس الأول) عن تشكيل فريق ((كلنا مواطنون)) لتعزيز المواطنة والتنوع الخلّاق وتثبيت أسس التعايش السلمي بين جميع المكونات العراقية ونبذ مبدأ إلغاء الآخر واحترام حقوق الآخرين.
الفريق يضم عشرين من الناشطات والناشطين المدنيين والإعلاميين. قال أحدهم انهم "عازمون على تنفيذ زيارات وجولات في عدد من المحافظات العراقية للّقاء بأبناء المكونات والديانات المختلفة وتقوية أواصر الأخوّة فيما بينهم"، وقالت أخرى ان "الظروف والدكتاتوريات التي حكمت العراق لسنوات طوال خلّفت ثقافة رفض وإلغاء الآخر وسيادة مكوّن على آخر ولابدّ من تغيير هذا الموروث"، وأكدت ان مهمة الفريق "نشر ثقافة الأخوة والمحبة والسلام بين أبناء البلد الواحد وتقبّل الآخر مهما كانت ديانته أو طائفته أو معتقده والتعايش السلمي معه".(المدى برس).
الواقعة الثانية
تغيّرت في الأيام الأخيرة الصورة النمطية عن شباب قضاء الضلوعية، جنوب تكريت، الذين كان يصفهم البعض بانهم "جيل البرمودا والجل"، نسبة الى اهتمامهم بمظهرهم وانصرافهم الى متابعة مباريات كرة القدم وعالم التواصل الاجتماعي.
الصورة تغيّرت الآن بعدما أظهر هؤلاء الشباب اندفاعة قوية لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي.
مدير شرطة الضلوعية قال في تصريح صحافي: "لقد فوجئت بإصرار شباب الضلوعية على الانخراط مع المتطوعين ونسيان اللعب واللهو، فملاعب كرة القدم ومقاهي الإنترنت وغيرها خلت من زبائنها، بعد انخراط هذه الشريحة معنا وهي تحمل السلاح أو توزّع العتاد على المقاتلين".
بالنسبة لي، هاتان الواقعتان على أهميتهما نقطتان صغيرتان في بحر الوطنية العراقية الذي لا يحتاج لكي يكشف عن خيراته الوفيرة سوى الى إبعاد قراصنة السياسة والمال الذين يحتلونه ويُفسدون مياهه ويسممون حياتنا بفسادهم وإرهابهم.
جميع التعليقات 2
عطا عباس
عدنان حسين ... بارك الله فيك ... هناك حتما ولو ضوء شمعة في اخر النفق العراقي . العراقيون ليسوا مسؤولين عن فساد شعيط ومعيط وبقية جراري الخيط في المنطقة الخضراء ! أنهم براء من كل الوجوه الكالحة المقرفة التي صدعت روؤسنا لسنين . ولأثبات الفرض أعلاه أقول : صح
فادي أنس
الأستاذ المبدع عدنان حسين المحترم تحيه لكم ولكل كتاب المدى المبدعون. سيدي أنت ومن معك من الكتاب ك علي حسين وسرمد الطائي وهاشم العقابي تعيدون الأمل ألى نفوس ذبلت وفقدت كل أمل في أصلاح الحال المايل. على ذكر شباب الضلوعيه وشباب كربلاء نتمنى أن تلتفت قيادة عم