نحتاج ان نفترض عددا من القواعد الضرورية لفهم اجواء مفاوضات تشكيل الحكومة، والتي لا تمتلك وقتا طويلا، فالمدة الدستورية لتكليف حيدر العبادي تنتهي في بحر ١٠ ايام، ولايزال هناك شوطان، الاول يتعلق بالضمانات السياسية والمطالب، والثاني توزيع الوزارات وتفاصيلها.
ومن القواعد التي يجب ان لا ننساها ان اتحاد القوى الوطنية والتحالف الكردستاني، قادمون من زمن نكران الاتفاقات، وزمن تلقي العقوبات غير المعقولة من فريق نوري المالكي، لذلك فان من الطبيعي ان يلحوا في المطالب ويصوغوا الضمانات الصارمة، لجهة الدخول في زمن جديد، يكون شعاره: لا يمكن ارساء الاستقرار بلي الاذرع، عبر اعتقال السنة وقطع رواتب الموظفين الاكراد، لان المستفيد من هذه الطريقة في ادارة البلاد هو كل الظواهر"الداعشية"من كل الاطراف.
وهنا تتبلور لدينا قاعدة جديدة، وهي تعريف"الموقف القوي"للتحالف الوطني. اذ هناك من يعتقد ان على الكتلة الشيعية ان لا تتنازل كي لا تبدو ضعيفة امام الاخرين في الداخل والخارج. بينما العكس تماما صحيح، ومن التعبيرات الجيدة التي استخدمها العبادي الجمعة، ان تشكيل حكومة في جو من الرضا، هو ابلغ رد على عدوان داعش. وهذا كلام في الصميم، اذ ان القوة والسيادة الحقيقية التي يحترمها العالم كله، هي تلك النابعة من قدرة الحاكم على تقديم الترضيات المتعقلة للشركاء، كي لا يحتاجوا الاستعانة بنفوذ الخارج او المشاريع المسلحة، وكي يشعروا انهم ضمن القيادة الحقيقية للبلاد، وتكون بلادا تستحق الدفاع عن نظامها واستقرارها.
التنازل الذي يقدمه التحالف الوطني، ليس تنازلا عن حق عراقي ولا شيعي، بل هو فعل ضروري يقوم به لتعزيز الشراكة مع باقي الاطراف، التي يراد لها ان تلتحم بمصالحها مع مصلحة الشيعة كعراقيين امام خطر متشابه.
نحتاج في هذا الاطار توضيحات من اللجان المفاوضة، بعد طرح التحالف لورقة البنود ال١٨، كنواة تسوية. هل حقا ان احدى المشاكل التي ظلت عالقة تتصل بطلب سني باعادة محاكمة المحكومين خلال السنوات الاربعة الماضية؟ وان بعض اطراف التحالف الوطني رفضوا ذلك؟
بالتأكيد ان لدى الرافضين اسبابهم المحترمة، ولكن اليس علينا ان نتذكر ان مثل هذه الخطوة ستشيع جوا من التفاؤل بدخول عصر مراجعة جديد واصرار على تصحيح الاخطاء؟ وبعد كل التضحيات والدماء، ماذا سيخل بالعدالة لو راجعت اوراقها، وهي اوراق مررت في لحظات ارتياب صعبة وجو مشحون نعلم دوافعه وارتجالاته وحماقاته؟
ويقال كذلك ان واحدة من الخلافات تتعلق بالحوار مع المسلحين السنة، واحسب ان لدينا تجربة طويلة في اطار نموذج ديفيد بترايوس الشهير، تسمح للنظام السياسي ان يتقدم بشجاعة ويحاور المسلحين. هؤلاء ايضا شباب عراقيون يستحقون ان نتوقف عندهم ونقيس اسبابهم واستعدادهم لالقاء السلاح، في ظل هذا المناخ الملتهب. واذا لم نفعل فامامنا ان نقتلهم ويقتلوننا، ثم تأتي الوساطات الاممية بعد سنة او عشر سنوات، لتفرض علينا وعليهم الحوار والصلح، رغما عن الجميع. فلماذا لا نختبر الفرصة الان؟ وهل ننكر ان اطرافا شيعية عديدة كانت على اتصال مع بعض الفصائل المسلحة طوال الشهور الماضية، وفق قناعة بالحوار؟ وهل نسينا كعراقيين، ان العالم مستعد لمساعدتنا فورا، بمجرد ان يقيس استعدادنا لسد ذرائع الظلم والقمع؟
بقي لدي سطران عن الخلاف مع اربيل، فالاخيرة مقتنعة ان من حقها ان تقوم بتنمية حقل الطاقة من كهرباء ونفط، بخطة مستقلة، لان خطط بغداد لم تكن كافية بسرعتها ونوعيتها، واربيل مستعدة لوضع كل عوائد النفط في جيب بغداد شرط استيفاء موازنتها. وظلت مشكلة أساسية تتحدث عنها بغداد هي قياس حجم التصدير. وقد اقترح احمد الجلبي وضع منظومة قياس رقمية حديثة في آبار البصرة واربيل معا، ليمر كل شيء"شفافاً"، فأين انتم من مقترحات هذا الرجل الان؟ فعلا اين هو احمد الجلبي؟
مفاوضات نفط ومساجين وبنادق
[post-views]
نشر في: 30 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عادل
.....الموقف القوي للتحالف الوطني. اذ هناك من يعتقد ان على الكتلة الشيعية ان لا تتنازل كي لا تبدو ضعيفة امام الاخرين في الداخل والخارج. بينما العكس تماما صحيح، ومن التعبيرات الجيدة التي استخدمها العبادي الجمعة، ان تشكيل حكومة في جو من الرضا، هو ابلغ رد على
ابو اثير
لا يمكن ان يحكم العراق بمجرد ان هناك نسبة اكثرية فازت بالأنتخابات التي يعلم القاصي والداني بأنها غير نزيهة وتدخلت السلطة في نتائجها النهائية اضافة الى شراء الاصوات والذمم وتوزيع سندات الأراضي الكاذبة بأدارة عرابها محمود الحسن المفروض أنه قاضي يمثل العدالة