TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أَمسِكوا بألسنة هؤلاء

أَمسِكوا بألسنة هؤلاء

نشر في: 30 أغسطس, 2014: 09:01 م
ما الجدوى، وما النفع، وما الضرورة في وقوف بعض السياسيين الحقيقيين والمزيفين، منّا نحن العرب، أمام كاميرات الفضائيات في عاصمة إقليم كردستان، أربيل.. نعم في أربيل، ليوجهوا الشتائم إلى نظراء لهم في بغداد وغيرها والى مسؤولين في الحكومة الاتحادية، بل حتى إلقاء الخطب المثيرة للنعرات الطائفية؟
المعنيون بهذا السؤال ليسوا فقط هؤلاء السياسيين، الحقيقيين والمزيفين، أصحاب هذا الخطاب الشتّام والتحريضي وإنما أيضاً المسؤولون الحكوميون والسياسيون في الإقليم الذين إذا كانوا لا يعرفون بخروج ضيوف الإقليم عن قواعد الضيافة فتلك مصيبة، واذا كانوا يعرفون ولا يفعلون شيئاً لإخراسهم فالمصيبة أعظم.
مع شدة خلافهم مع رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، ومع كراهيتهم لرئيس نظام البعث، لم نسمع يوماً من الزعماء الكرد شتيمة في حق السيد نوري المالكي، ولا صدام حسين قبلاً.. بل لم نلحظ أي تحريض ذي طابع قومي أو طائفي من أي من القيادات الكردية، إن في عهد الحكومة المنصرفة أو في عهد النظام المقبور.. فلماذا يسمحون لغيرهم، وبخاصة منّا نحن العرب، أن يمارسوا هذا السلوك الشائن على أرضهم وفي عاصمتهم؟
أن يعقد الكرد، مسؤولين حكوميين وسياسيين ومواطنين عاديين، المؤتمرات الصحفية في أربيل أو السليمانية أو دهوك أو بغداد، لانتقاد الحكومة الاتحادية ورئيسها ومسؤوليها عن سياسات الحكومة وتصرفات ومواقف مسؤوليها في ما خصّ الإقليم أو العراق كله.. هذا حق لهم كفله الدستور.
وأن يطالبوا بتطبيق المادة 140 من الدستور وتشريع قانون النفط والغاز.. حق لهم أيضاً.
وأن يلوموا الحكومة وينتقدوها بأقوى العبارات عن عدم صرفها رواتب البيشمه ركة لسنوات ورواتب الموظفين المدنيين.. حق لهم كذلك.
وحق لهم أيضاً أن يرفعوا نبرتهم ضد تنصّل رئيس الحكومة عن اتفاق أربيل الذي تشكلت على أساسه الحكومة المنتهية ولايتها.
وأن ينسحبوا من الحكومة احتجاجاً على تصريحات لرئيس الحكومة خارجة عن اللياقة واتهامات غير مدعمة بما يبررها ويثبتها.. حق لهم أيضاً وأيضاً.
ولكنه ليس حقاً لأي أحد أن يقف أمام الكاميرات في أربيل أو في أي مدينة أخرى في الإقليم، والعراق عامة، ليشتم اياً كان وليلقي الخطب التي تزيد نار الطائفية اشتعالاً.. وليس حقاً لأي من المسؤولين الكرد السماح بذلك، غفلةً أو تساهلاً وغضّاً للطرف. 
فما من مصلحة للإقليم وأهل الإقليم في هذا، ولا مصلحة للعراق والشعب العراقي في هذا .. المصلحة هي في ضبط هؤلاء "الضيوف" وإلزامهم بالإمساك بألسنتهم وبالتزام قواعد الضيافة ولياقاتها والمصلحة العامة.
لا ينبغي للمسؤولين الكرد أن يسمحوا لغيرهم بأن يقولوا ويفعلوا على أرض الإقليم وفي عاصمة الإقليم ما هم يربأون بأنفسهم قوله وفعله... بل ينبغي لهم أن يذكّروا ضيوف الاقليم بالقول العراقي المأثور: يا غريب كُن أديب (مؤدباً).

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. متابع

    تحية اولا تحية اولا ،وعذراً ... اين الاستاذ علي حسين (عمودنا الثامن )؟

  2. عطا عباس

    كلمة حق يراد بها حق . أن مسك ألسنة الطائفيين ومشعلي الفتن ، في أربيل وفي بغداد ، في الرمادي او البصرة ، في الحلة او في دهوك ،، في كربلاء او في السليمانية ، في العوجة او في طويريج .... أكثر من مهم الأن . ، فانتشال الوطن من أزمته يمر عبر العقل لا عبر لسان

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram