عندما تغرق الحكومة بالفساد ، وتظل الجهات الرقابية عاجزة عن ملاحقة المسؤولين المفسدين وتفشل في إحالتهم الى القضاء لاسترداد المال العام المنهوب ، وعندما توفر جهات متنفذة الحماية للسراق ، و تعطيهم الإشارة بالسفر الى الخارج لحين هدوء العاصفة ، وترتيب التسويات داخل الغرف المغلقة ، يتدهور الأداء التنفيذي ، ويصبح الحصول على الخدمات معجزة في بلاد العجائب والغرائب والمصايب .
"كراعين الحكومة" مصطلح محدود التداول يستخدمه بعض رجال الأعمال من فئة السوبر المتعاقدين مع مؤسسات رسمية لتنفيذ مشاريع "إعادة البنية التحتية "والمصطلح لم يكن معروفا قبل الغزو الأميركي للعراق ، وربما يكون مستوردا من الخارج ، وفي البيئة العراقية وجد من يرعاه ويحتضنه سواء من جهات وشخصيات رسمية او سياسية، "كراعين الحكومة" تعني وجود ثغرات يعرفها أصحاب المصطلح ، يجيدون التغلغل منها في الوقت والظرف المناسب للحصول على عقود بملايين الدولارات ، قسم من المبلغ يذهب الى "الكراع الأول " بعد توقيع العقد ، ثم الى الثاني بعد الإنجاز فإلى الكراع الثالث المسؤول عن تسلم المشروع ، وحين تقل أعداد "الكراعين" تكبر الحصة ، وكل كراع يأخذ نصيبه من الرزق الحلال .
منفذ المشروع يمتلك شبكة واسعة من العلاقات والمستشارين ، يقدمون له الرأي والنصيحة للتقرب الى "الكراع الأكبر" بدعوة أسرته لقضاء شهر سياحي في دولة أسيوية او أوربية ، واختيار هدية ثمينة لام العيال لا تقل عن نصف كيلو ذهب ، ثم يتم إبرام الصفقة مع اخذ تعهدات بضمان حقوق "الكرعان الأخرى " .
العراق باحتلاله مرتبة متقدمة في قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم ، يحتاج الى حملة وطنية شاملة لرصد خطر "الكراعين" ،بتحديد مواقعها ، ومتابعة تحركاتها ، والحملة تتطلب تضافر جهود جهات رقابية مع مجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني والسلطة الرابعة ، وفي خبر عاجل لنشاط المفسدين العراقيين ضياع مبلغ قدره 70 مليون دولار خصص لتشكيل صحوات لمواجهة عناصر تنظيم داعش في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين، وما يؤكد حقيقة ضياع المبلغ وربما توزيعه بين شخصين او اكثر ، انحسار بث الأخبار في فضائيات تابعة لجهات سياسية حول نشاط المنتفضين ضد دولة الخلافة الإسلامية .
وجود عشرات الأحزاب الدينية العاملة في الساحة السياسية العراقية يعني ان البلد خال من الفساد المالي والإداري ، وجهازه التنفيذي نزيه ، لان اغلب الموظفين الحكوميين ان لم يكونوا منتمين لقوى دينية فهم من اتباعها، او مؤيديها، وبرغم ذلك يوجد حضور ونشاط للكراعين وتناسلهم مستمر وبنجاح ساحق في ظل وجود بيئة مناسبة لتكاثرهم ، فيما يعاني العراقيون مشاكل مستعصية من ابرزها ما يتعلق بالملف الأمني ، وتراجع الأداء الحكومي في تقديم الخدمات ، ورؤساء الكتل النابية انشغلوا بجدال طويل حول تقاسم المناصب والمواقع والوزارات السيادية والأخرى الخدمية .
"كراعين" الحكومة
[post-views]
نشر في: 31 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
لطيف الحبيب
تحياتي عزيزي علاء اتابع ما تكتب منذ زمن الهجرات , اليوم وضعت الفأس على مقربة من الرأس , تتصاعد الجرأةحتى لم يعد لنا سوى التمنى لطلقة حتى ولو علاها الزنجار تستقر في مفرق الراس لنستريح ونريح , لا اخاف عليك لقد نذرت نفسك تيمنا باهلك واصدقائك , لك مودتي ع
ابو اثير
سيدي الكريم... لا تفيد مع هذه الشلة من الطارئين على السياسة والسلطة أي لجان للنزاهة ومفتشين عاميين في الوزارات او مجلس النواب لأن معظم أعضاء لجان النزاهة في مجلس النواب ثبت تورطهم وكذلك المفتشين العاميين في الوزارات وأذا أردت التحقق من ذلك راجع معدل ايفاد