حوادث سقوط طائرات الركاب المدنية صارت مألوفة مع الركون المتزايد إلى النقل الجوي، حيث يسافر عشرات ملايين البشر يومياً بين بلدان العالم التي يزيد عددها عن مئتين، بيد ان النقل الجوي مع ذلك لم يزل الأكثر أماناً.
شهر تموز الماضي كان من الأشهر الأسوأ على هذا الصعيد، فقد شهد حادثي سقوط طائرتين مدنيتين في اثنتين من قارات العالم، ما أدى الى موت ركابهما وأفراد طاقميهما، وهم جميعاً من جنسيات مختلفة.
الحادث الأليم الأول كان من نصيب طائرة ماليزية سقطت في شرق أوكرانيا أثناء رحلة معتادة لها بين العاصمة الهولندية أمستردام والعاصمة الماليزية كوالالمبور، تشير الدلائل إلى انها أُسقطت، ربما خطأ، بصاروخ للمتمردين الأوكرانيين المدعومين من روسيا. والطائرة المنكوبة الثانية كانت جزائرية حيث سقطت على أراضي دولة مالي الإفريقية أثناء رحلة روتينية لها بين باماكو والجزائر العاصمة.
خمس دول في الأقل لها علاقة بالطائرتين وركابهما أعلنت الحداد الرسمي ليوم واحد أو ثلاثة أيام على أرواح الضحايا، وهي، بالاضافة الى ماليزيا والجزائر، هولندا وأستراليا وفرنسا. وإعلان الحداد في حوادث من هذا النوع أو من نوع الكوارث الطبيعية صار ممارسة معتادة في كثير من بلدان العالم تعكس تحضّر الدولة والمجتمع فيها وتقديرهما لحياة البشر.. لروح الانسان ولدمه وعقله وعلاقاته الاجتماعية وقيمته الإنسانية.
على مدى الإحدى عشرة سنة المنصرمة ظل يُقتل في العراق شهرياً ما يعادل عددهم في المعدل عدد ركاب ما بين اربع وخمس طائرات، وهم يُقتلون بطرق بالغة الهمجية وفي ظروف مؤسية وموجعة للغاية.. ومع هذا لم نجد أياً من الحكومات التي تعاقبت على السلطة قد بادرت الى إعلان الحداد، أقله في الحوادث، أو بالأحرى المجازر الكبرى، ومنها على سبيل المثال مجزرة قاعدة سبايكر التي قتل تنظيم (داعش) الارهابي نحو 1700 من جنود وضباط القاعدة، فضلاً عن عمليات التفجير الكبرى التي وقعت في أسواق المدن وساحاتها العامة والمدارس والمستشفيات والدوائر الحكومية والمساجد والكنائس وسائر دور العبادة، وهي عمليات تقف وراءها منظمات إرهابية وميليشيات طائفية.
حتى المؤسسة التي يُفترض بها تمثيل الشعب تمثيلاً مباشراً، مجلس النواب، لم نسمع فيها دعوة من نائبة أو نائب لإعلان الحداد. والدعوات الضعيفة للمساءلة والمحاسبة وتحديد المسؤوليات التي قلما نسمعها، ما تلبث أن تتلاشى وتضيع في بازار الصفقات السياسية والمحاصصات بين القوى المتصارعة على مصادر الثروة والسلطة والنفوذ. لا ليس لدينا مثال واحد على إعلان نتائج التحقيق التي من المفترض انتهت اليها عشرات لجان التحقيق المشكلة من جانب الحكومة أو البرلمان.. كل اللجان انتهت أعمالها الى تقارير تُركن فوق الرفوف العالية أو في أدراج رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة والوزراء المعنيين، أو تُلقى في سلال المهملات.
مع برلمان جديد وحكومة جديدة هل نشهد نهاية لتلك الحقبة التعيسة التي لم يكن لروح الإنسان ودمه وعقله أي قيمة؟
يجب أن يحصل هذا، فقد بلغ السيل الزبى.
لا عزاء لقتلانا
[post-views]
نشر في: 31 أغسطس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
متابع
لانهم ليسوا سياسيون حقيقيون جاءت بهم الصدفة في غفلة من الزمان والزمان في هذا البلد المنكوب كثيرا ماغفل ويففل ،ولانهم ليسوا رجال دولة صنعوا خلال مسار تكوينها وما هم الا شلل من النفعيين والانتهازيين وسراق المال العام والنيابة البرلمانية عبارة عن وظيفة تدر ع
ابو اثير
سيدي الكريم ... لو قدر للحكومة العراقية منذ ألأحتلال ومنذ تسنم الجعفري رئاسة الحكومة وبعده المالكي لدورتين رئاسيتين في العمل على أعلان الحداد الرسمي عند حدوث ما يحدث من وفاة وقتل نتيجة حوادث طائرات او قطارات او عبارات راكبين في البحر او حوادث طبيعية تخلف
مصطفى جواد
كاتبنا الرائع لا ادري ان كنا خارج هذا العالم فنحن نعطي يوميا ضحايا بالجملة مما يعني اننا سنكون في حداد دائم اما ماليزيا والتي غرقت يوما ما بحرب اهلية والان اصبحت عملاق اقتصادي بفضل سياسيات حكامها واولهم مخاتير العظيم كذلك الجزائر ولبوتفليقة دور بارز في اس