هل تحقّقت مأثرة في آمرلي تستحق كل هذا الجَيَشان الدعائي؟.. ما من شك في هذا. لكنّ مجترحي هذه المأثرة وأصحابها الجديرين بأن تُسجل بأسمائهم فرداً فرداً ويُقام لهم نصب تذكاري عند مدخل البلدة التركمانية، هم أهالي آمرلي الذين صمدوا لأكثر من شهرين داخل بلدتهم ولم يُمكّنوا (داعش) من الوصول اليها واحتلالها.
مناسبة هذا الكلام، هذا التدافع المحموم بين سياسيين ووزراء وزعماء ميليشيات لتسجيل المأثرة بأسمائهم وأسماء أخوة وأبناء وذوي قربى لهم وموظفين في مكاتبهم، فوسائل الإعلام الحكومية والحزبية أظهرت هؤلاء الذين كانوا في الواقع يسيرون خلف القوات المتقدمة نحو آمرلي كما لو انهم محررو البلدة، متغفلة عن انهم كانوا جزءاً من الوضع الذي أفضى الى أن تعاني آمرلي محنة الحصار لأكثر من شهرين والى أن ينجح تنظيم (داعش) الإرهابي في السيطرة على ثلث مساحة البلاد بكل يسر، ويومها لم نر أثراً لهؤلاء وقواتهم وميليشياتهم في التصدي للزحف الداعشي ومقاومته.
نعم، في آمرلي تحققت مأثرة صنعها أهاليها رجالاً ونساء، شباباً وشيوخاً وأطفالاً، وعاونهم ببلوغ حسن الختام فيها جنود الجيش الاتحادي وعناصر البيشمه ركة المدعومين من القوة الجوية الأميركية التي فتح قصف طائراتها الطرق الى آمرلي وأرغم الداعشيين على الفرار نحو المناطق التي لم يزل تنظيمهم يفرض احتلاله الثقيل عليها.
للنصر دائماً آباءٌ كثيرون فيما الهزيمة تبقى يتيمة لا أحد، حتى المتسبب الرئيس والمباشر بها، يجرؤ على تسجيل أبوتها أو أمومتها باسمه وعلى تحمّل المسؤولية عنها.
ما كان لآمرلي أن تعاني محنة الحصار من التنظيم الإرهابي كل هذا الوقت الطويل لو لم تكن هناك هزائم متعددة قادت الى أن يصل الإرهابيون الداعشيون الى مشارف آمرلي بعد أن اجتاحوا مدناً كبرى ومحافظات مترامية الأطراف. وتلك الهزائم التي هي بمجملها هزيمة مركبة كبرى كانت متعددة الآباء والأمهات، والذين حرصوا على الوقوف أمام الكاميرات للظهور بمظهر محرري آمرلي هم من بين آباء تلك الهزيمة وأمهاتها. فما جرى في الموصل وتكريت وتلعفر وسنجار وسهل نينوى وصولاً الى مشارف أربيل وكركوك وبعقوبة، مروراً بطوزخرماتو وسليمان بيك وآمرلي وسواها، وما رافق ذلك من مجازر كبرى ومنها مجزرة قاعدة سبايكر، كان هزيمة سياسية مدوية قبل أن يكون اندحاراً عسكرياً.. وهي هزيمة للطبقة السياسية المتنفذة في الحكم بأجمعها، وكان الأولى بأفراد هذه الطبقة، وبينهم الذين ظهروا بمظهر صناع النصر في آمرلي، أن يحاسبوا أنفسهم وحكومتهم عمّا جرى، لا أن يسعوا الى المزايدات والتدافع لاختطاف مأثرة الصمود في آمرلي من أصحابها وتسجيلها بأسمائهم وإخوانهم وأبنائهم وذوي قرباهم وموظفي مكاتبهم.
عيب ثم عيب هذا الرقص الدعائي على دماء الضحايا في المدن والبلدات المحتلة.. وعيب ثم عيب الرقص على أجساد النساء والرجال الذين تُركوا للمحنة أشهراً عدة في المدن والبلدات المحاصرة.
كم أباً لمأثرة آمرلي؟
[post-views]
نشر في: 1 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
الشمري فاروق
ايها العزيز من منهم يستحي مما حدث ويحدث ... اما ترى( بطل الاربعاء) المنتهيه ولايته يخرج علينا مستعملا سبابته يوزع الوصايا يمينا وشمالا ويأمر وينهي كبطل مغوار بدلا من يتوارى خجلا مما اوصل اليه البلد من هزائم بعنجهيته ولايزال حتى الان يحاول ان يضع العص
عطا عباس
يقول أخواننا المصريون : اللي أختشوا ماتوا ! لا يبدو أن هناك كلمة عيب في قاموس ساكني المنطقة الخضراء الكشرة ! أمرلي منذ شهور تئن من وطأة حصار أجرامي لعصابات داعش ، فيما الحكومة وطوائفها مشغولة ( وللأن ! ) بمعركة تقاسم الكعكة وأسلاب السلطة القا
فادي أنس
الأستاذ الفاضل عدنان حسين المحترم...ياريت لو تكتب عن مدن أخرى صامده بوجه داعش منذ شهور. الضلوعيه وحديثه مثالا. يقدر اهالي الضلوعيه جهد جريدة المدى لأنها غطت قضيتهم أكثر من مره ولكن أن بسلط الضوء على محنتهم كاتب كبير من وزن عدنان حسين فهذا سيسمع من به صمم
عراقية
لماذا لم تنشروا تعليقي؟ ..لاتنتقدوا السياسيين اذن فانتم مثلهم ايضا