لم يكن منتظراً أن تقبل الحكومة بما توصّل إليه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تقريره الى جلسته الطارئة الأخيرة المنعقدة في جنيف يوم الاثنين، فالنفي والإنكار لأي سلبية والتبرير لكل إخفاق صارا سياسة روتينية للحكومة.
في افتتاحها الجلسة أعلنت نائبة مفوضة حقوق الإنسان في المنظمة الأممية السيدة فلافيا بانسييري ان الفظائع التي شهدتها مدن وبلدات وقرى ومناطق عراقية في الأشهر الثلاثة الأخيرة لم تكن حكراً على تنظيم (داعش) أو (الدولة الإسلامية) الإرهابي وإنما كانت للقوات الحكومية حصة فيها.
نحن العراقيين نعرف قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية ان قوات حكومية وجماعات مسلحة غير نظامية وغير شرعية (ميليشيات) ترتكب على الدوام تجاوزات على حقوق الانسان والحريات العامة والخاصة يصل بعضها الى مستوى الفظاعات التي تحدثت عنها السيدة بانسييري.
وفيما اهتم الوفد الحكومي الى الجلسة بالتركيز على فظائع (داعش)، فان المسؤولة الأممية قالت إن مسلحي هذا التنظيم وقوات الحكومة العراقية جميعاً قتلوا مدنيين، وارتكبوا "فظائع" خلال القتال الذي خاضوه في الأشهر الثلاثة الماضية.
وأضافت أن هناك "أدلة قوية" على أن مسلحي التنظيم وبعض الجماعات المرتبطة به، نفذوا عمليات قتل متعمدة وإجبار على تغيير الديانة وخطف وتعذيب وإساءات جنسية، وان الشرطة العراقية أعدمت محتجزين، فيما قصف جنود الجيش العراقي بلدات ونفذوا غارات جوية أدت إلى قتل وإصابة كثير من المدنيين.
وحذرت السيدة بانسييري من انه "قد ترقى الهجمات المتعمدة والمنتظمة على المدنيين (من الجانبين) إلى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية. وكلا الأفراد والقادة مسؤولون عن ارتكاب تلك الأعمال".
إرهابية (داعش) وفظائعها لا يجب، في أي حال من الأحوال، أن تدفع الى التهوين من تجاوزات قوات الحكومة وتبريرها.. (الدولة الاسلامية) وقبله (داعش) وقبلهما (القاعدة)، منظمات إرهابية تفاخر بوحشيتها وبالفظائع التي ترتكبها، فهي تنشر عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي نماذج منها، غير مكترثة بحملات التنديد بها والإدانة لجرائمها... قوات الحكومة وُجدت لتحمي الناس وتوفّر لهم الأمن والسلام ولتصون حقوقهم وحرياتهم، لا لتكون عوناً لمنظمات الارهاب ومتبارياً معها في إرهابها ووحشيتها.
قبل مجلس حقوق الانسان وثّقت تقارير منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" ومنظمات حقوقية وطنية انتهاكات متعددة للحقوق والحريات التي كفلها الدستور.
وبدلاً من أن يحافظ المسؤولون الحكوميون على سعيهم لنفي ما يرد في إعلانات المسؤولين الدوليين وتقارير المنظمات الأممية وتبييض صفحة الحكومة، من الواجب ان تكون الجلسة الطارئة لمجلس حقوق الانسان مناسبة لهؤلاء المسؤولين لتفحّص أداء القوات الحكومية على هذا الصعيد في سبيل التثبت من ان هذه القوات تلتزم بأحكام الدستور وتتقيد بمبادئه في أوقات الحرب كما في أوقات السلم، وبخلاف هذا فأننا ندفع بقواتنا المسلحة للسير في الطرق ذاتها التي أرادتها لها الحكومات الدكتاتورية بوصفها مؤسسة قمعية، فلا يعود الجيش سوراً للوطن ولا تعود الشرطة في خدمة الشعب.
صورتنا في جنيف
[post-views]
نشر في: 2 سبتمبر, 2014: 09:01 م