أكاد ألمح علامات الحيرة في وجوه العراقيين وهم يشاهدون الناطق باسم القيادة العامة للقوات المسلحة قاسم عطا يبتسم لهم ولسان حاله يقول: ما بالكم صدّعتم رؤوسنا بـ1700 شهيد في سبايكر، فالقوات الأمنية فقدت أحد عشر ألف جندي خلال الأشهر القليلة الماضية في تكريت وحدها ، وبالتأكيد فإن ملامح الحيرة ستنقلب إلى ملامح رضا عند المسؤولين وسيصفقون لتصريح الناطق الذي ما أن انتهى من قوله حتى التفت إلى صاحب"الوزارتين سعدون الدليمي الذي حذر مجلس النواب من مناقشة الخراب لأن هذا يضع القادة الأمنيين في دائرة الخطر حسب قوله.. أما الضحايا فإن الدليمي يقول: "ماذا نفعل قاعدة سبايكر كبيرة ومساحتها 49 كيلومتراً مربعاً ولم يكن من الممكن السيطرة على الجنود فيها؟" فيما مجلس النواب الذي تحوَّل إلى سوق عكاظ، فان القائمين عليه يبشروننا بأن أمر الضحايا قيـد البحث والدراسة.
في كل مرة تضعنا الأجهزة الأمنية أمام خيارين لا ثالث لهما، الاستقرار أم الفوضى، هذا الخيار يُطرح في كل أزمة أمنية وسياسية طبعا مع الاشتباك الدائر حول أيهما أفضل للناس، أن يبقى صالح المطلك في منصبه نائباً رمزياً لرئيس مجلس الوزراء أم تركه يُغرِّد منفرداً، فيما خطيب الأربعاء لا يزال مستغرقاً في حديثه الصاخب عن الانقلابات العسكرية والمؤامرات التي تحاك في الظلام، وأن لا تحريك لأي ملف ما لم يتم الانتهاء من قضية"اجتثاث"معظم العراقيين لأنهم لم يحتجوا ويقطعوا الطرق مطالبين بأن يبقى نوري المالكي في ولاية دائمة على كرسي العراق.
لا يريد لنا مسؤولونا"الأفاضل"أن نسأل عن عمليات القتــل والتهجير، وعن مصير المخطوفين.. وعن العناية التي توليها الدولة لضباط فاشلين.. لا يريدون منا أن نعرف متى سيقدَّم المجرمون في قضية سبايكر وقبلها قضية الحويجة والزركة للعدالة.. هذه الأمور ليست من شأن المواطن، فما أن تطرح سؤالاً حتى يخرج عليك بعض"الصناديد"بدروس عن الأمن الوطني، والمؤامرة التي تتعرض لها البلاد، ولهذا لا يجوز"للرعية"أن تتحدث عن عمليات قتــل وتهجير وتشريـد ، فهذه أمور من اختصاص"الناطق"الذي اكتشف أن الوضع تحت السيطرة، وان ما تنشره وسائل الإعلام مجرد أكاذيب مُغرضة وأخبار يُراد منها الإساءة للإنجازات الكبيرة التي حققها الفريق الركن مهدي الغراوي!
عندما وقعت تفجيرات بوسطن في اميركا قبل أشهر، لم تمر سوى ساعات قليلة حتى تم الإعلان عن أسماء المشتبه بهم، وتحركت الأجهزة الأمنية للقبض عليهم.. فيما أتاحت الدولة للمواطنين كافة كل المعلومات حول منفّذي الجريمة وأسبابها، وسمحت للإعلام أن يُجري لقاءات مع المتهمين.
لم يكن المواطنون الذين قُتلوا في قاعدة سبايكر فى مهمة سياحية.. فقد تم قتلهم بدم بارد وهم يخرجون من القاعدة بأوامر من ضباط كبار لم يوفروا لهم الحماية اللازمة، ولم يكن هؤلاء مجرد 175 شخصاً فقط لا غير مثلما أخبرنا المالكي في أربعائه المصادف 18/6/ 2014، بل هم حسب قول الناطق تجاوزوا الأحد عشر ألف شهيد، حتى يتذرع السيد سعدون الدليمي بأن محددات الأمن الوطني لا تسمح لوزارة الدفاع أو مكتب القائد العام للقوات المسلحة، بالإجابة عن سؤال: ماذا جرى، أو السماح لوسائل الإعلام لمعرفة ملابسات الجريمة ُ
أيها السادة كل يوم يمر، من دون عمل حقيقي لمساعدة أهالي ضحايا سبايكر في معرفة مصير أبنائهم، جريمة ليست بحق الضحايا وذويهم، وإنما بحق الشعب العراقي.
ولهذا سأعيد السؤال نفسه الذي طرحته أكثر من مرة في هذا المكان: أليس من حق العراقيين أن يخرج عليهم مسؤول ليقول وبكلام واضح وصريح: مَن يقف وراء هزيمتنا في الموصل وتكريت؟ الإجابة على هذا السؤال حتماً، ستكون مفتاحاً لمعرفة ما جرى في قاعدة سبايكر.
وعند "الناطق" الخبر اليقين
[post-views]
نشر في: 5 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
مصطفى جواد
مذ كنا في الجيش هناك قادة كثر يتخذون امكانات الجيش ملك مسجل باسمائهم والجنود حاشيتهم و يكثر ذلك في الوحدات الثايتة اما في الجبهات فكان هناك مجموعة تنظر الى الجندي باعتباره كائن بشري ينبغي حمايته فهو في ذمة قائدسريته او فوجه او فرقته والمجموعة الاولى ذات
متابع
اكاد اشك ان للعراق تأريخا قرأنا انه يمتد آلاف من السنين وعن حمورابي ومسلته ونبوخذ نصر وجنائنه والكثير من الاسماء التي كنا نتعب في تذكرها عندما كنا نمتحن فيها ايام الدراسة،وسومر وآشور وغيرها ،والسبب لان ما عاصرته من تأريخنا الحديث وما نحن فيه الآن يثبت عكس
عساكم بخير
الامر غريب فعلا جلسة النواب كانت مخيبة للامال والاغرب من ذلك الحديث الذي تناوله وزير الدفاع وعن الحاضنة للجيش العراقي اول مرة اسمع ان يكون للجيش الوطني حاضنة تحميه اليس هو الحامي وهو من يصنع الامان والامن والطمانية للناس ام الامر معكوس
ابو اثير
سيدي الكريم ... هل تتوقع أن حكومة تباع وتشترى وزاراتها في سوق الأسهم الوزارية والمناصبية ووجوه معادة ومكررة ونواب دخلوا المجلس عن طريق رؤساء كتلهم ممكن أن يخرجوا للرأي العام العراقي ويكشفوا الحقيقة عما جرى للمغدورين الشهداء في قاعدة سبايكر لقد ذهب الألاف