TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > انها مجرد معركة "كراسي"

انها مجرد معركة "كراسي"

نشر في: 6 سبتمبر, 2014: 09:01 م

عندما انطلقت صفارة تشكيل حكومة حيدر العبادي ، كان الخطاب الموحد لمعظم القوى السياسية أن لا خيار سوى تشكيل حكومة تكنوقراط، فالمرحلة المقبلة مرحلة إنقاذ الوطن من محنته لا مرحلة مزايدات سياسية، واتفق أكثر القادة السياسيين على تبني شعارات تتغنى بالخبرات وأهميتها في بناء الوطن.
ولكن ما أن اقترب موعد إعلان الحكومة ، حتى فتح الكثير منا عيونه على حقيقة الوهم الذي عشناه تحت ستار الديمقراطية الزائفة.. ليصدق الذين لم يكونوا يصدقون أن النظام السياسي في العراق يتراجع خطوات كبيرة إلى الوراء وأضحى اليوم بأمسّ الحاجة إلى هزة من الأعماق تعيد بناءه من جديد، وأن البعض من الذين قفزوا في قطار السلطة غير قادرين على ملاحقة تطورات العصر، والخروج من نفق التعصب الطائفي والفكري إلى آفاق الحرية والديمقراطية الحقة.
من دواعي الأسف الشديد أن أساليب الممارسة السياسية في العراق أفسدت قطاعات واسعة عن طريق شراء الذمم، وتغليب قيم التبعية، والانصياع لمنطق السلطة والمال، ولكنها بالمقابل نجحت في كشف زيف بعض القوى السياسية التي تباهت بالدولة المدنية ورفعت لواء الكفاءات، وصدّعت رؤوسنا بحديث عن المهنية لكنها أمام تقاسم السلطة آثرت أن تنضمّ إلى عالم المحسوبية السياسية، مما أفقد الكثير من السياسيين بريقهم،لأن الناس اكتشفوا زيف الشعارات الكاذبة والوعود الخادعة، فليس لديهم شيء يقدمونه لحلّ المشكلات، ولا لمواجهة الأزمات غير المتاجرة بالشعارات.
إحدى الذرائع التي دَفعت المعارضة العراقية لمهاجمة صدام والطلب من أميركا التدخل لإنقاذ البلاد كانت حكومة الحزب الواحد وأهل الثقة،. لا حزب واحد اليوم بل أحزاب من الأقارب تنشر قيم المحسوبية والانتهازية،. هل هناك ما هو أقسى؟ نعم إن الفحش السياسي حين يعود بعض من فشلوا في إدارة مؤسسات الدولة ، إلى الواجهة بعناوين ومناصب.. وإذا كنتم لا تصدقون أتمنى عليكم متابعة اجتماعات الكتل السياسية وقراءة التقارير التي تتحدث أن لابديل عن "فلان" إلا"علان"، وأن من ضيع الموصل يجب أن يُكافأ على ويمنح منصباً سيادياً ، يحميه من المسألة أبد الدهر.
والآن أيها السادة بعد أن قرأتم بعض أسماء وزرائنا الجدد، هل تصدقون أن ساستنا بوضعهم الحالي يفتحون أبوابهم للكفاءات والخبرات وأنهم مشغولون أصلا ببناء دولة المؤسسات؟.
هل هذا ما كنا نتوقعه عندما كنا نحلم بدولة المساواة والديمقراطية؟ هل هؤلاء هم الرجال الذين كنّا نتأمّل وصولهم؟ هل كنت أيها المواطن المسكين تصدّق أنك سوف تفيق ذات يوم لترى نفسك مطارداً من القتلة ويأكل ثرواتك السرّاق، وأن هناك ما هو أسوأ؟ الوجوه الكالحة التي لا تاريخ لها، تحتلّ واجهات الساحات والشوارع!
أعلم أنه من قبيل التكرار السمج أن نذكر بأن وزراء في ديمقراطيات محترمة مثل اليابان يقدمون على الانتحار إذا وقعت في دائرة اختصاصهم حوادث أقل مما يحدث في بلاد النهرين بكثير، وأن حكومات بكاملها تسقط وترحل في كوارث صغيرة، مثل غرق عبارة أو سقوط طائرة.. اعرف جيدا أننا لسنا اليابان ولا كوريا الجنوبية ولا نفكر قطعا في أن نكون مثلهما يوماً من الأيام، لكنني أعرف وادرك أيضا أنه لا يوجد بلد في العالم يدلل الخراب الأمني والفساد والفشل ويحنو عليها مثل بلدنا السعيد الغارق في أنهار حكومة المحاصصة بشعار جئنا لنبقى.. ايها السادة ما أتعسها من معركة تدار من اجل الكراسي فوق بحيرات الدم ومواكب سبي النساء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. بغداد

    تبقى انت يا ايها الكاتب صاحب الوجدان والظمير يا علي حسين قلماً صحفياً لامعاً لا يخاف ولا يهاب كثر الله من أمثالك ونسأل الله سبحانه ان يحفظك ذخرا للعراق انك رجل القيم والثوابت الأخلاقية التي لا تتلون ولا تنهار . ما ادري لماذا كلما أشاهد صور غلمان الاحتل

  2. رمزي الحيدر

    تيتي تيتي مثل ما رحتي إجيتي .!

  3. عمار القطب

    ساتكلم فيما اعرف كتدريسي في التعليم العالي ان وجود السيد وزير التربية السابق من عدمه سيان لقد استقبلت العام المنصرم طلبة بمستوى يدق ناقوس الخطر اذا كنا بصدد انشاء دولة ففي اللغة الانكليزية لا يعرف احدهم الA من ال B واتسائل كيف مرر الطلبة من السادس الاع

  4. كاظم

    الحكومة الجديدة .........لاشئ ولن تعطينا شئ...لأنها بنفس الشخصيات الفاشلة شعارها نفط العراق للسياسيين الفاسدين ذكاء القاضى جحا ========= تنازع شخصان وذهبا إلى جحا – وكان قاضيا – فقال المدعي: لقد كان هذا الرجل يحمل حملا ثقيلا ، فوقع على الأرض ، فطلب مني أن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram