نسمح لأنفسنا بأن نعمل على تجاوز حدود المصالحة السياسية، التي لم تقم يوما على أساس مصلحة جمهور العراقيين قدر قيامتها لمصلحة نخب سياسية، خَبِرها جمهورُها خلال اكثر من عقد من الزمن وانتهى الأمر، فهي باتت تعرف كيف تسعى لمصالحها الشخصية، من خلال العزف على وتر إرادة الناخب. نسمح لأنفسنا بذلك، ونقول: ماذا لو كانت مصلحة العراق بطوائفه مجتمعة تكمن في تنازل الطرف الغالب(الشيعي)عن مجموعة مواقف أو مناصب، في فعل وطني، غايته خلاص العراق وحقن الدم العراقي، مستميحاً العذر من ناخبيه لمصلحة الطرف الآخر، وكانت نتيجة ذلك كله خروج العراق بشكل نهائي من دائرة العنف؟ نقول : ما الضير في ذلك، إذا كان الفعل الأخلاقي هذا ضامنا لحقوقنا في العيش والعمل والمستقبل .ولنكون عبر ذلك قد قدمنا الإنموذج الحي لمعنى الوطنية والشراكة والمصلحة السياسية.
الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي المكلف ومعه رئاسات الكتل الأخرى جهود لا شك كبيرة، وما الضغوطات التي يتعرضون لها بخافية على احد، ووجدنا في بعض التسريبات تغييرا ملحوظا ومهمّا في الشكل الذي ستكون عليه الوزارة الجديدة، لكن قضية مثل إناطة وزارة الدفاع بشخص مثل زعيم منظمة بدر، مع تقديرنا لجهوده في الدفاع عن البلاد، أو إعادة وجوه كانت معروفة بالفساد والتلكؤ والإضرار بمصلحة البلاد، او إناطة حقائب وزارية بأسماء لا تقدم ولا تؤخر لا لكفاءة فيها، إنما هي مفروضة باستحقاق انتخابي، قضايا ستجعل من الوزارة الجديدة لا قيمة لها، إن لم نقل بانها ستفاقم أزمات العراق وسيذهب الجهد الذي بذل خلال الـ 40 يوما الماضية إدراج الرياح والماء .
معلوم ان قضية تشكيل الوزارة ابتدأت بجملة مصاعب منها ان جماعة القوى السنية تقدمت باشتراطات واسعة لم تتحقق لها في المرحلة السابقة فيما يستثمر الكرد فرصة التشكيل الجديد في الضغط لحل جملة قضايا بينها الموازنة والنفط والمناطق المتنازع عليها، وكذلك يرغب الشيعة بمساحة مشاركة اوسع بناءً على استحقاقات انتخابية، وهذا في حساب الكتل، إما إذا تحدثنا عن حساب المشاركين بالأسماء فسنقع على جملة تباينات ومطالب قد تتجاوز المصلحة الفئوية، الكتلوية إلى ما هو شخصي ضيق، وبذلك تكون مصلحة البلاد ومستقبلها هي الاقل تداولاً داخل القاعات المغلقة. ولا أظن، مثلما لا يظن معي الملايين من أبناء الشعب بأن مصلحة العراق كانت قد تقدمت كل الطاولات يوما، لأننا لو قطعنا بذلك لما كانت أحوالنا على الذي إلّنا إليه، ولما تخرب اقتصادنا وقتل الآلاف منا وأصبحنا فرجة لشعوب الارض.
ولكي نفصح أكثر نقول: سينفق الوزير الجديد، إذا ما اختير على أساس معيار الوطنية والكفاءة والمهنية، في أي وزارة نختارها، أشهراً او ربما سنوات من وقته قبل ان يتمكن من تخليصها من صبغتها السابقة، ولنأخذ وزارة الداخلية او الدفاع او الأمن الوطني او المالية أو أي وزارة طبعت بمواصفات وزيرها السابق، والذي فرض هيمنة حزبه وكتلته عليها، وجعل الاقربين من اخوانه وأهل بيته وابناء عمومته وأبناء حزبه على مفاصل هامة فيها . ترى كيف سيتمكن الوزير الجديد من استرداد الصورة التي يجب أن تكون عليها الوزارة هذه؟ وكيف سنحسب خسارتنا في الزمن الذي سيمضيه الوزير هذا ؟ هنا إذا سلّمنا بقدوم الوزير المهني ذي الكفاءة، العابر للطائفة والكتلة والحزب والعشيرة- مع استحالة وجوده طبعا- اما إذا قدم الوزير السني على خلفية وزير شيعي او كوردي وبالعكس فتلك لعمري واحدة من مصائب العمل، لأن الوزارة ستنقلب رأسا على عقب بذلك، ولن يامن أي موظف محسوب على الوزير السابق بقائه. لأن الرجل سيقدم مع بطانته.
نحن بحاجة لمن يقدم مصلحة العراق على مصلحة حزبه ودينه وطائفته وقوميته وحتى اللحظة هذه لا يلوح في الافق من تجاوز العقد المتشابكة تلك. لكننا لا نعدم وجود المعجزات بكل تأكيد.
في صورة الوزارة الجديدة
[post-views]
نشر في: 6 سبتمبر, 2014: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
محمد توفيق
كنت متفائلاً كالعقابي بتشكيل الوزارة التي صرح العبادي انها ستكون حكومة حرفيين ومهنيين وليست محاصصة طائفية أو سياسية، وأنه سوف لن يقبل اشخاصاً من ذوي السمعة السيئة او ليسوا أكفاء. توقعت مثلاً أن يستدعي العبادي زهى حديد مثلاً ، جواد هاشم ، وغيرهم لياخذوا مك