TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لحظات للتاريخ والعرفان

لحظات للتاريخ والعرفان

نشر في: 7 سبتمبر, 2014: 09:01 م

لا خير في رياضة تهمل أبطالها ويتنكّر مسؤولوها لصانعي الانجاز وسواهم الباذلين في رحاب العطاء الوطني ممن أحرقوا سني أعمارهم من أجل ارتفاع سارية العراق بينما هم منشغلون بارتفاع دُرج مكابرتهم وزيادة متاريس المنتفعين حولهم ليصدوا عن اسماعِهم أصوات النقد التي تضرب صومعات مصالحهم كالمدافع فاضحة مآربهم وتفننهم بقتل المبدعين بحسراتهم.
نقف اليوم باعتزاز كبير لاستقبال المكرّمين بجائزة الإبداع التي أطلقها الخبير الرياضي د.باسل عبد المهدي حاملاً أزكى مبادرة عرفتها الرياضة العراقية حتى الآن ليس لأنه راعي الجائزة من ماله الخاص فحسب وما يمثله هذا الدافع الوطني الصميمي للتلاحم الوجداني مع الأبطال، بل لأن رياضتنا منذ بزوغ فكرة العمل الأولمبي بقيادة المرحوم أكرم فهمي عام 1936 لم تشهد تخصيص جائزة تعنى بالإبداع الإنساني في المجال الرياضي حيث سبقتنا دول عدة في احتضان ابرز المتميزين كل عام، وتقف في مقدمتها الإمارات عبر جائزة محمد بن راشد للإبداع العربي التي حظي الرباع كرار محمد جواد بتكريم النسخة الأخيرة، وسبقتها صحيفة (غازيتا ديللو سبورت) الإيطالية يوم منحت جائزة (فاكيتي) لقائد منتخبنا الوطني يونس محمود صاحب الهدف الثمين في مرمى السعودية الذي أهدانا كأس أمم آسيا عام 2007.
يمكن الجزم أن مبادرة د.باسل عبد المهدي تكاد تكون فريدة في مفرداتها التي اشتملت على مرتكزات (المنجز العلمي والأخلاق والموهبة) وهي قيم تعزز السلوك الرياضي السوي وتحث على بذل المزيد من العطاء للعاملين في الرياضة ليكونوا في طليعة البارزين المتنافسين على الجائزة ، فضلاً عن تحفيز الطاقات العلمية لمضاعفة الجهد الفكري في خدمة المكتبة الرياضية لاسيما إن تطور الألعاب والقوانين وبروز مشكلات سرقة الميداليات عبر المنشطات وتصاعد عمليات الاستثمار المربحة في الأندية والصراع المحموم حول صفقات النجوم وغيرها من القضايا في العالم أصبحت الآن مفاتيح دراسات علمية مهمة تستحق أسرة الرياضة لعموم الكرة الأرضية أن تطلع عليها من زاوية الرؤية العراقية وهناك أمل كبير أن تستجيب شريحة واسعة من المهتمين في التأليف الرياضي للشروع بالإفراج عن أفكارهم التحليلية في كتب تخصصية قيّمة.
بمنطق الحياد والعدل والقناعة المرهونة بالنية الحَسِنة تم تحويل المبادرة من فكرة تحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل للتحضير وتعميم شروط المشاركة وتلقي المساهمات وفرز المبدعين وما تتطلبه معايير الجائزة لتشتمل على مواصفات لا تقبل الاجتهاد أو الطعن ، إلى قرار ناضج أخذ بنظر الحسبان حداثة إطلاق الجائزة ورغبة راعيها أن تكون النسخة الأولى منها هذا العام متزامنة لهذا اليوم 8 أيلول تاريخ أول ميدالية عراقية أولمبية نالها الرباع الراحل عبد الواحد عزيز في دورة روما عام 1960 وليكن قصّ شريط الحفل الذي سيجرى في فندق السفير إيذاناً رسمياً لإشهار جائزة الإبداع الرياضي لعام 2014 بمشاركة نخبة من مسؤولي الرياضة وأبطالها وحشد من الإعلاميين وأُسـرالمكرمين لنحتفي بهم ونبارك جهودهم الطيبة في نضح العرق بسخاء للوطن وتألقهم بإمكانيات لا حدود لها وسط مجتمع رياضي قلما تجد اليوم ظاهرة إيجابية استثنائية تتفق معها الآراء كلها بسبب تعدد الرؤى وتباين التقييم والبون الشاسع في التحصين الثقافي من تأثيرات السياسة والانتماء والمزاج النفسي بين شخص وآخر.
نعم .. هي لحظات للتاريخ والعرفان وليس للنسيان بعد انتهاء حفل السفير، فنياط قلب المنشىء الموجوع تهتز شوقاً لوجه العراق بعد أن فارقه صبيحة انتكاسة صحته قبل خمسة أعوام وهاهو يعود باسمه وحضوره الاعتباريين ومنجزاته العلمية الرائدة التي ختمها بـ(الأسرع والأعلى والأقوى في الرياضة العراقية) ليستحق جائزة الإبداع لما خطّه اليراع وما أضاءته جوهرة العقل في الحقب الماضية.
وذاك الراحل اللواء محمد نجيب كابان أحد ملوك الخلق الرياضي ، ظل مخلصاً لعمله وأنيقاً في سلوكه المجتمعي وإيثاره مع المحيطين ، احتفظ بسمعته الطيبة ولم تتلاعبه رياح شياطين المصالح وتمسك بزهده برغم تسنمه مناصب قيادية في سلك الشرطة ، يستحق هو الآخر أن تكون جائزته مثلاً عالياً في حكمة تواضع الروح وعدم اختلال السلوك في الخدمة الوطنية ، وإذا كان استذكاره اليوم يفتح نافذة الضياء لقبره ترحماً لسيرته الطيبة، فعلى مسؤولي الوطن أن يسهموا بإزاحة ظلمة معاناة زوجته وابنه بعد أن أضنتهما الظروف بقسوة عن تسديد ضريبة زهد كابان.
وهنيئاً لسفير الإعلام الرياضي المهني عدي حاتم بجائزة الإبداع بعد أن تألق في مسيرته هذا العام متنقلاً في خنادق أزمات ملتهبة معتمراً خوذة جرأته وغير آبهٍ في قول الحق لخوض معركة السلطة الرابعة مع الانتهازيين والفاسدين والغارقين في فشلهم ممن سرقوا عذرية الرياضة العراقية وأدموها بصراعات مفضوحة فانبرى بسلاح كفاءته وموهبته لإعداد تقارير تنتصر للحقيقة وتشرّف دور الإعلام في أصعب مرحلة لما تزل تشهد إتلاف ميزانيات طائلة.. في مكبّ التبريرات !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram