في صفحته على موقع الفيسبوك، أبدى السفير والباحث العراقي الدكتور حسن الجنابي استغرابه من حديث أدلى به النائب عن التحالف الوطني عزيز العكيلي لصحيفة المدى قال فيه:"ان وزارات مثل الثقافة والتعليم والتربية يطلق عليها وصف وزارات من الدرجة الثالثة"، فالثقافة، حسب قول العكيلي، توضع في نهاية سلم المطالب التي يسعى اليها رؤساء الكتل السياسية.
ايها الصديق العزيز علينا ان لا نصدق أن الحكومة مشغولة أصلا بالإبداع والثقافة، يكفينا إصرارها على أن تبقى الوزارة رهينة أمزجة ضباط سابقين في الجيش والشرطة – مع احترامي لكل المهن - وان لانصدق أننا في حكومة مدنية تسعى لإشاعة ثقافة التنوير والعدالة الاجتماعية والتسامح بالضد من ثقافة الكراهية والمحاصصة والطائفية المقيتة، بل نحن نعيش مرحلة"كلمن ايدو الو"على حد تعبير الفنان دريد لحام!
ففي الدولة المدنية يتم اختيار الوزير لأنه كفء وله برنامج محدد للنهوض بالوزارة ومؤسساتها، أما في حالة"كلمن ايدو الو"، فإن عدم الكفاءة والاستسهال والدوافع الشخصية تضع الوزير في منصبه لأنه يحمل الصفات السحرية الثلاث، مقرب من احد رؤساء الكتل السياسية، ومسالم ولا يثير الشغب ويرضى بالمقسوم، وثالثا يحب رفع شعار: أنا وأقاربي على الوزارة.
وعلينا ان لانصدق الشعارات التي صدعوا رؤوسنا بها عن دولة المواطنة لان المسافة بين الشعار المعلن، والواقع المعاش على الأرض بعيدة جدا للأسف الشديد، وتكفي نظرة سريعة على ما يحدث في العديد من مؤسسات الدولة لكي نكتشف أننا نعيش وهم التغيير وان نموذج حامد يوسف حمادي ما يزال جاثما على صدورنا.
وبغض النظر عن حديث النائب العكيلي وتأكيده ان الثقافة مجرد وزارة بلا نقاط، فان قرار اختيار وزرائنا هذه الأيام يتم بنفس العقلية التي تم فيها اختيار خضير الخزاعي لوزارة التربية وفلاح السوداني لوزارة التجارة وضابط الشرطة نوري الراوي لوزارة الثقافة ومثلهم العشرات وهي عقلية تصر على وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب أيضاً.
في السنوات الماضية شاهدنا كيف تم تنصيب ضابط سابق في الشرطة وزيرا للثقافة التي حولها إلى"مزرعة خاصة"يديرها احد أبنائه الميامين، ولم يكتف ساستنا بهذا الحد من إهانة الثقافة ورجالها لينصبوا متهما بالقتل كان يفتي بحرمة مصافحة النساء، بعدها ظلت عقدة"الدونية"تحاصر وزارة الثقافة التي استنكفت كتل سياسية كثيرة من أن تضمها اليها، والسبب أنها وزارة بلا موارد، بل أن بعضهم قال بالحرف الواحد أثناء مناقشة الميزانية"يا أخوان حرام أن تطالبوا بتخصيص مبالغ لوزارة لا تضم سوى راقصين ومغنين، هذه أموال اليتامى حرام أن تبذر هكذا"، وأموال اليتامى هذه لم تمنع صاحبنا المتباكي من شراء الشقق الفاخرة في دبي.
عقدة وزارة الثقافة ظلت تطارد الحكومة والقوى السياسية فلم تجد أفضل من أستاذ جامعي لا يربطه بالثقافة سوى عشقه للسفر وإقامة أسابيع ثقافية لا يعرف عنها المثقفون العراقيون شيئا، ولازلت أتذكر للوزير السابق قوله انه لم يكن يطمح أن يصبح وزيرا للثقافة، بل أن بعض معارفه في قائمة التوافق فاجأوه حين اتصلوا به واخبروه أنهم اختاروه ليصبح وزيرا، وقبل أن يعرف ما هي الوزارة التي اختير لها قال لهم:"انعم الله عليكم".
للأسف سياسيونا يضعون أصابعهم في آذانهم حين تعلو أصوات المثقفين مطالبة الاهتمام بالثقافة، لان وحوش المحسوبية والبيروقراطية والمحاصصة الطائفية دائما ما تجهض أحلام العراقيين.
لماذا الاستغراب اذن، ونحن نعيش في ظل ساسة يؤمنون ان وزارة الداخلية أهم ألف مرة ومرة من علي الوردي والجواهري والسياب، يا عزيزي هذا زمن تحويل المجتمعات الى مراكز شرطة!
"فوبيا" وزارة الثقافة!
[post-views]
نشر في: 7 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
بغداد
وضعت النقاط على الحروف يا عزيزي نحن في زمن تحويل المجتمعات الى مراكز شرطة ! انتظروا ايضا وحسب ما يشاع ان اكبر فلاسفة حزب الدعوة ابراهيم الفيلسوفي الجعفري سوف يكون وزير الخارجية قريبا للعراق ( احسن حتى ولا واحد يفتهم ) حضروا مترجمين لهذا الفيلسوف الغريب
عساكم بخير
استاذنا الفاظل كل مايقال ويكتب هنا وهناك والمقابلات الفضائية والتحليللات السياسية لم تجد لها اذان صاغية في عقول هولاء جميعا وبدون استثناء ولو اجرينا احصاء بسيط لما جرى منذ 2003 ولحد الان لوجدنا العجب العجيب حتى في زمن الطاغوت لم نره هكذا فلتان وغباء ولامب
السمري فاروق
ايها العزيز ...والله العظيم حجيت الصدك... هذوله والثقافه كجا مرحبه... هؤلاء لايفهمون سوى ثقافة الثريد والدولار لانهم سراق بالفطره...فالثقافه بالنسبه لهم كما يقول المثل( عرب وين طمبوره وين) انهم لا يختلفون عن
ابو اثير
ماذا تتوقع لوزارة ثقافة يديرها أشخاص كسعدون الدليمي الذي ترك الوزارة وأنشغل في فتوحاته ألأسلامية على أبناء جلدته وعشائرها ولبس قمصلة الجلد العسكرية والبنطلون الخاكي وحذاء العسكر بدل حمله الكتاب والقلم والفكر النير وثقافة السلم المجتمعي .