قبل ثلاثة أيام بالتمام والكمال خرج علينا رئيس مجلس الوزراء السابق نوري المالكي ليخوض معركة "توك شو" ضد الفساد والاستبداد محذراً من أن"بعض الأسماء المرشحة للحكومة الجديدة تحوم حولها شبهات الفساد المالي والإداري، وفي درس بليغ عن أساليب الحكم الرشيد شرح لنا السيد المالكي أسباب تخلف بلاد غنية مثل العراق وكيفية معالجة آفة الخراب، مؤكداً أننا بحاجة إلى "حكومة كفوءة خالية من الفساد تواصل تصديها ولا تتراجع عن محاربة هذه الآفة التي تُعـد الوجه الثاني للإرهاب."
هكذا يريد منا السيد المالكي أن نواصل الاستمتاع بمشاهدة حلقة جديدة من برنامجه تحت عنوان: مارس السلطة وارفع خلال أربع سنوات شعار"ما أنطيها"وبدد ثروات الشعب.. ثم ترفع عن الخراب الذي أغدقته على البلاد والعباد.. آخر منتجات الديمقراطية العراقية.. هي أن تكون مسؤولا ولا مسؤولا في الوقت نفسه.. هكذا ببساطة يتوهم البعض أنه يمتلك القدرة على خداع الناس.. يقول نوري المالكي:"إن الشعب ينتظر ظهور التشكيلة الحكومية الجديدة بأسرع وقت، إلا أن المعلومات التي ترد عن أجواء المفاوضات لم تكن إيجابية، بل طغى عليها التنافس الحزبي والطائفي والقومي وغابت عنها الروح الوطنية".."ياسلام"على رأي إخواننا المصريين "ياسلام"على هذه الصحوة والجُمل المزوَّقة بعبارات"يجب ، حتماً، ضروري."
أرجو ألا يظن أحد أنني أسخرُ من حديث السيد المالكي ، فنحن مع ساسة تجاوزوا فــن السخرية بمراحل كبيرة، لكنني أحاول القول: إن لا شيء يحمي الشعوب من الدخول في جُبِّ الخراب سوى ساسة يؤمنون بما يقولونه، ويتحملون مسؤولياتهم في الصح وفي الخطأ، وأن ينتصروا لثقافة المساءلة والحساب، لا ثقافة العصمة والشعارات.
منذ سنوات و(المدى) تكتب عن الفساد الذي انتشر في جسد معظم مؤسسات الدولة وفي المقدمة منها مكتب رئيس مجلس الوزراء ولم نخترع، نحن العاملين في الصحيفة، حكايات وروايات عما يجري في الغرف المغلقة ، ولم تختلق (المدى) ملفات سرقة المال العام والخروقات الأمنية.. ولم تطلب من العراقيين الصراخ على صفحاتها ضد ما يجري من تخريب في البلاد، وإشاعة روح الانتهازية واللصوصية.
كل ما جرى من وقائع، وما نشرته (المدى) موجود على أرض الواقع، فضلا عن كونه موثقا.
غير أن ردود الأفعال من قبل السيد المالكي ومكتبه والمقربين منه دائما ما كانت تأتي منفلتة ومنزعجة على نحو مُبالغ فيه، حتى وجدنا المالكي ومن معه يناصبون الصحيفة والعاملين فيها العداء ويرفضون مجرد التصريح لها، لأننا دسسنا أُنوفنا في ملفات الفساد وتحدثنا عن مسؤولين غير أكفاء وطالبنا بحكومة كفاءات.. وكنا في كل يوم نجد أعضاء"مقاطعة"رئاسة الوزراء والمقربين منهم يخرجون علينا بمواعظ في الوطنية ودروسٍ في أصول المهنة، و إظهار (المدى) وكأنها جريدة تريد أن تخطف كرسي رئاسة الوزراء من السيد المالكي!
وكانت آخر إبداعات القائمين على مكتب رئيس مجلس الوزراء، هي رفض العاملين فيه الإجابة على أسئلة صحفية يوجهها صحفيو المدى.. لنجد أن الإجابة الجاهزة: لا نتحدث فأنتم أعداء للسيد نوري المالكي.
اليوم يخرج علينا مَن كان يتهمنا بتنفيذ أجندات أجنبية ليتحدث بكلام وعبارات كنا وعلى مدى السنوات الماضية نحذر منها وننشر عنها التقارير الصحفية ومقالات الرأي، والغريب أن المالكي ومقربيه كانوا يرفضون الحديث عن الفساد والمحسوبية.
وأرجو أن يتذكر السيد المالكي وهو يتحدث عن إخفاق الآخرين وفشلهم،أن مَن وضع البلاد في هذا المأزق الحرج، هم السادة الذين رفضوا الاستماع الى صوت الناس، فهم وحدهم مَن راهن على ضعف ذاكرة العراقيين من أجل أن يركبوا على رقاب الشعب ويتجبروا.
المالكي يكتب في (المدى)
[post-views]
نشر في: 8 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
وسام
عجبي كل العجب ان يقول من هو اكبر مسؤول في الدولة بان يجب ان يحارب الفساد ماذا كانت مسؤوليته اذا ومازالت؟؟؟؟؟؟؟. أستاذي الفاضل هذا يضحك على عقول البسطاء وقد لازمه التكبر والغرور والنرجسية فبات وضحى وأمسى مصدقا نفسه السلطة والمال ذهبت بضماءرهم وعقولهم فكي
د.مجيب حسن محمد
استاذي الكريم، بعد التحية المثل يقول (إذا كنت لا تستحي فأفعل ما تشاء ) وصرح بما تشاء، لا عتب على المالكي ومن على شاكلته فهؤلاء سياسي الغفلة،الذين تربعوا على رقاب الناس، انا بالنسبة لي المهم هو ان نضع تساؤل يتمحور حول (كيف يمكن استئصال مثل هؤلاءكسلوك وليس