TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مرايا المسؤولين  

مرايا المسؤولين  

نشر في: 9 سبتمبر, 2014: 09:01 م

القصة الشعبية تقول ان القرد عندما توفرت له فرصة الحصول على مرآة وشاهد صورته للمرة الاولى ، اكتشف اكذوبة امه ،  بوصفه بنظر امه اجمل من الغزال ، ويتمتع بمواصفات ومؤهلات الفوز بلقب  ملك جمال الحيوانات ،  اكتشاف الحقيقة تجرع  مرارتها القرد  بالتهام المزيد من الموز ، واللعب على أغصان الأشجار ، وكان الزمن كفيلا بنسيان الرغبة في الحصول على اللقب وامتلاك الامتياز عن بقية الحيوانات الاخرى،  المشغولة في  البحث عن غذائها ، والعيش بسلام في مغاراتها  بعيدا عن سلطة ملك الغابة  الاسد وبطانته  ومساعديه ومستشاريه  المكلفين بخدمته خوفا  من بطشه ، وسطوته ، او رغبة في الاقتراب منه لتفادي غضبه.
  الجنس البشري  توصل الى اختراع  المرآة قبل الاف السنين ، وربما شاهد صاحب الاختراع    الشمس والقمر وصورته الشخصية على صفحة  الماء ، فتحفزت مجساته وتوصل الى صنع اول مرآة ،  بمباركة الآلهة ، فقرر تقديمها الى ملك زمانه  لتستخدمها السيدة الاولى ، ثم شاع تداولها  بمرور الزمن ، فاحتفظت بمكانتها المهمة لدى النساء   ، ودخلت في صناعة التلسكوبات والاجهزة والمعدات العسكرية ، وللمرايا حضور مهم  في القصور الرئاسية ،  ومكاتب كبار المسؤولين ، لإضفاء الأبهة والفخامة  على المكان ، فضلا عن تسخيرها لأغراض الرقابة قبل  وضع الكاميرات المخفية والظاهرة  لكشف تحركات الاشخاص ، في الموقع الرسمي ،  سواء كان في المنطقة الخضراء المحصنة في العاصمة بغداد او في مكان اقامة  خليقة  المسلمين الجديد  الواقع في منطقة مجهولة لم  تكتشفها بعد طائرات  الاستطلاع الاميركية .
انتقل اهتمام النساء بالمرايا الى الرجال وخاصة المسؤولين ، لانهم  واستنادا الى نصائح مستشاريهم  لابد ان يهتموا بمظهرهم وتسريحة الشعر وتعديل ربطة العنق لمن لايستحرمها ، واختيار الزاوية المناسبة للظهور أمام الكاميرا  بابتسامة عريضة للإدلاء بحديث الى فضائية حزبه عن برنامج وزارته  ومشاريعها المقبلة ، وجهوده في مكافحة الفساد والقضاء على الارهاب  وغيرها من" ملخيات " اعتاد المسؤولون في العراق ترديدها منذ تأسيس الدولة السومرية  وحتى تشكيل الحكومة التوافقية  الوطنية الديمقراطية العظمى " القذافية "  نسبة الى الرئيس الليبي معمر القذافي.
الاشقاء المصريون  المسجلة باسمهم  براءة اطلاق النكات السياسية كانوا يتداولون يوم تولى الرئيس الراحل السادات منصبه خلفا لسلفه جمال عبد الناصر  نكتة تقول  ان  الرئيس الجديد وبعد  انتقاله الى القصر الجمهوري وقف امام المرايا ،  محدثا نفسه  بصوت مرتفع :" والنبي بقيت ريس ياريس" وامضى ليلته تلك ينتقل من مرآة الى اخرى حتى حلول الصباح .
حين يلتفت الحظ لاحدهم  ويتولى  منصبا وزاريا  بضغط من زعيم حزبه او رئيس كتلته  النيابية وهو لم يكن  يتصور حتى في احلامه ان يكون موظف استعلامات في بلدية ناحية  سيد دخيل  ،  سيضطر الى  استخدام كل مرايا الكرة الارضية ليصدق حقيقة حصوله على لقب صاحب المعالي.  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram