ذروة جديدة تنتقل إليها الأزمة اليمنية، حيث أدى تعنت الحوثيين رغم تنازلات الرئيس، إلى مواجهات بالرصاص الحي مع القوات الأمنية، أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى، تباينت أعدادهم وكشفت استعداد الأطراف المتناحرة، للمشاركة في المواجهة التي تدق الأبواب، بعد التصعيد الخطير المنذر باندلاع دوامة عنفٍ تجرّ كل المكونات اليمنية المتناحرة، خصوصاً بعد تهديد عبد الملك الحوثي باللجوء إلى خيارات استراتيجية تصعيدية تتجاوز محيط العاصمة، علماً بأن المعارك مستعرة في محافظة الجوف حيث فقد الحوثيون 100 قتيل في يومين جراء قصف الطيران الحربي اليمني لمواقعهم، وأدى ذلك لتهجير وطرد العديد من الأسر من منازلهم وهربهم إلى مناطق مجاورة، كما تهدمت العديد من المنازل، وتضرر المزارعون جراء العمليات العسكرية.
لم تؤثر الإجراءات الأمنية التي بدأتها السلطات في العاصمة، على المفاوضات والاتصالات الجارية بين الطرفين، بحثاً عن اتفاق يحل الأزمة القائمة، الحوثيون ينصبون مخيمات جديدة أضافوها إلى مخيمات سابقة قائمة في مناطق أخرى، وانتشر مسلحون بزيّ مدني في مناطق بعضها محسوب على الحوثيين والآخر خاضع للحواشد، ما يكشف استعداد الأطراف كافة لكل الاحتمالات، وبهذا تلاشت الآمال بحدوث انفراج في الأزمة الناجمة عن تصعيد الحوثيين ضد الحكومة والمطالبة بإسقاطها.
رفض "أنصار الله" استجابة الرئيس هادي لمطالبهم بهدف إنهاء الأزمة، واعتبروا أن ذلك يأتي في إطار المحاولات التي تسعى إلى الالتفاف على مطالب الشعب اليمني، كان المأمول استجابة تجنب اليمن وأهلها حرباً يعرف الجميع نتائجها المأساوية، كما يعرفون أن أياً من الطرفين لن يخرج منها منتصراً، ومع لجوء الحوثيين للتصعيد، يبدو أن صنعاء تعتقد أنها قدمت ما يكفي من التنازلات، وأن الحوثيين يقفون أمام خيارين، إما مناقشة مشروع مبادرة الرئيس لتشكيل حكومة كفاءات وطنية ومراجعة سعر المشتقات النفطية، أو البقاء خارج تلك الحكومة فيما تمضي الدولة في طريقها، خصوصاً وأن المبادرة لبّت الحد الأعلى من مطالب الحوثيين، سواء لجهة تشكيل حكومة جديدة، وإعادة النظر في الكلفة المضافة إلى السعر الدولي للمشتقات النفطية، بما يؤدي إلى خفض السعر بما يزيد عن دولارين، إضافة إلى إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، وتنفيذ حزمة من الإصلاحات العميقة، ورفع الحد الأدنى للأجور.
يعتمد الرئيس هادي على الدعم الخارجي والحشد الدولي والاقليمي، بإثارته المخاوف من تنامي النفوذ الإيراني، خصوصاً عند الحدود السعودية حيث السيادة للحوثيين، المسيطرين على المرافق الحكومية، ويجبون الضرائب ورسوم الماء والكهرباء وغيرها، وهو حريص على استدعاء هذا الخطر في نشاطاته كافة، والواضح أن مخاوفه حقيقية من تنامي نفوذ خصومه المدعومين إيرانياً للسيطرة على السلطة، ووصل التصعيد حدّ سحب سفير اليمن من طهران، وعدم الموافقة على اعتماد سفير إيراني جديد في صنعاء، وليس سراً أنه يتلقى دعماً خليجياً "سعودي أكثر"، لتطبيق مخرجات الحوار الوطني، ومكافحة جميع أشكال العنف والإرهاب التي تضرب مفاصل الدولة اليمنية.
يبدو اليمن اليوم ساحة صراع بين السعودية، التي شددت أنها ومعها المجتمع الدولي ترفض تحركات الحوثيين، "الهادفة إلى زعزعة أمن اليمن واستقراره، باعتبار استقرار اليمن من أمن السعودية واستقرارها، وهذا الموقف هو موقف وطني وإقليمي ودولي" وبين إيران التي لا تخفي دعمها المذهبي للحوثيين، الذين يطالبون بمنفذ بحري يربطهم بإيران، التي دعمتهم مالياً ولوجيستياً وإعلامياً، ودرب الحرس الثوري مقاتليهم في لبنان وإريتريا، كاستراتيجية إيرانية بعيدة المدى تجاه اليمن، باعتباره عمقاً استراتيجياً لدول الخليج، وحزامها الأمني الجنوبي وخاصة للسعودية.
حرب بالوكالة بين السعودية وإيران في اليمن، وتعاون وثيق في مواجهة الدواعش، في تأكيد لضبابية الصورة في عموم المنطقة.
الحوثيون والحرب القادمة
[post-views]
نشر في: 10 سبتمبر, 2014: 09:01 م