TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الحرب العظمى الثالثة

الحرب العظمى الثالثة

نشر في: 12 سبتمبر, 2014: 09:01 م

نعم، إنها حرب عظمى، أو كونيّة أو عالمية، مكتملة الأركان .. أطرافها المتحاربة بالعشرات من الدول في مقابل تنظيم إرهابي دولي عابر للقارات، له دولته القائمة بحدودها المتحركة وامتداداته وحواضنه عبر العالم، بينها حكومات كحكومة قطر.
الحرب العالمية الثالثة التي تقودها الآن الولايات المتحدة، عدا عن الأربعين دولة التي ستنخرط فيها بقواتها العسكرية أو بأموالها أو باستخباراتها وتسهيلاتها اللوجستية، من استراليا في أقصى الشرق والجنوب الى كندا في أقصى الغرب والشمال ، وبينها أكثر من عشرين دولة عربية وإسلامية بما فيها إيران التي ستتهادن و"الشيطان الأكبر" هذه المرة، ستمتد رقعة جبهاتها الى أكثر من قارة. الجبهة الرئيسة ستكون في العراق وسوريا حيث أقام (داعش) دولته، لكن الولايات المتحدة وحلفاءها عازمون في هذه الحرب على التحرك أيضاً نحو الجبهات الخلفية حيث توجد الخلايا النائمة ومراكز التعبئة والتطويع لهذا التنظيم الإرهابي. الرئيس أوباما أكد أثناء إعلانه مساء الأربعاء الماضي ستراتيجيته للحرب ضد (داعش) : " سنلاحق الإرهابيين الذين يهددون بلدنا أينما وجدوا"، وتابع: "هذا مبدأ أساسي لرئاستي: إذا هددت داعش أميركا، فلن تجد ملاذاً آمناً".
هذه الحرب، كما الحربان العالميتان السابقتان، لا يجوز أن تنتهي الى معادلة من قبيل لا غالب ولا مغلوب أو بتسوية ما.. لا مناص من النصر المؤزر فيها وفي وقت قصير نسبياً، والا تواصلت العمليات الحربية عقوداً، بل قروناً، والكلفة ستكون فظيعة ومهولة للغاية.
هذه ليست حرب نجوم، فرحاها تدور على الأرض .. وعلى الأرض، وبالذات أرض العراق وسوريا، يتوجب أن تتوفر كل الظروف والوسائل الكفيلة بهزيمة (داعش) ومنظمات الإرهاب الأخرى متعددة الأسماء، العاملة على امتداد القارات الخمس.
بتخطيط أو من دون تخطيط تتكدس الجماعات الإرهابية الآن بمعظمها على امتداد دولة داعش الإسلامية في العراق وسوريا، والمنطقي ان تكون هذه المنطقة هي الجبهة الأمامية .. لم تعد (داعش) مجرد مجموعات تمارس إرهابها على طريقة حرب العصابات .. إنها الآن دولة بجيش شبه نظامي لديه الجحافل من المقاتلين والمعسكرات والآليات المدرعة والصواريخ وحتى الطائرات التي "تبرع" له بها، بقصد أو من دونه، الجيشان السوري والعراقي .. هذه الدولة لديها أيضا بنوك وآبار نفط.. الولايات المتحدة وحلفاؤها سيقدمون كل ما يلزم للحرب من إسناد جوي وخدمات تجسسية وأخرى استشارية، فضلاً عن الأسلحة والذخائر والأموال، لكن الميدان الحاسم لهذه الحرب هو الميدان البري .. لابدّ من قوات مشاة وقوات مدرعة وقوات استخبارات تحارب على الأرض .. في العراق هذه مهمة الجيش العراقي، وفي سوريا مع تأكيد أوباما وحلفائه من ان الدكتاتور السوري لا يمكن أن يكون شريكاً في هذه الحرب، فالمهمة لابدّ ان تُناط بالجيش السوري الحر والائتلاف الوطني السوري.
في العراق الجيش غير مؤهل تماماً بعد.. هذه حقيقة بانت جليّة واضحة قبل ثلاثة أشهر (هزيمته المخجلة في الموصل وتكريت وسواهما أمام داعش) .. وكيما يُعاد تأهيل هذا الجيش تتعيّن إعادة هيكلته وتشكيله من جديد على أسس وطنية مهنية وليست طائفية أو قومية .. هذه العملية يمكن لها أن تستغرق سنتين أو اكثر، لكن يمكن تسريعها لإنجاز قاعدتها الأساس في غضون ستة الى تسعة أشهر، بشرط أن تترافق عملية إعادة الهيكلة مع إجراء مساءلة لكشف كيف جرى الذي جرى منذ ثلاثة أشهر. اما في الجبهة السورية فالحلفاء ملزمون بمغادرة ترددهم حيال الجيش السوري الحر والائتلاف الوطني لتمكينهما من أن يكونا بديل نظام الأسد ودولة (داعش) على السواء.
الانتصار على داعش في العراق لا يكفي، فسوريا ولبنان والأردن يمكن أن تكون المركز البديل لدولته إذا ما خسر أرض العراق، وفي هذه الحال فان هذه الخسارة ستكون مؤقتة فحسب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. علي النقاش

    لا يمكن ان ينجح الجيش العراقي ان لم يعاد العمل بالخدمه الالزاميه وهنا نضرب عصفورين بحجر واولها هزيمة الطائفيه وثانيها هو تحشيد اكبر عدد من الشباب لربح المعركه وبوحدة العراقيين ...هل يقبل الطائفيين الذين يحكمون البلد هذا الاجراء ؟ لا اعتقد ...احترامي

  2. عطا عباس

    على العين والراس الخوف على الجيران من السعودية الى ايران مرور بلبنان والاردن والخليج وسوريا وحتى تركيا . لكن المؤكد ان العراق سيكون جبهة ساخنة وساحة رئيسة للحرب القادمة ... أتساءل ، كملايين العراقيين : هل نضمن بقاءوأستمرار الأنتصار ( أن حصل طبعا ) مع وجود

  3. فلاح المعروف

    في حرب كهذه يجب ان تكون هناك تنازﻻت.هل الجيش السوري الحر والائتلاف الوطني مهيئان وبعد ثلاثة سنين من تشكيلهما ان يكونا بديلا لجيش السلطه وفي اهم موقع للمواجهه؟؟

  4. ابو سجاد

    ليس من المعقول يااستاذ عدنان خرجت علينا داعش اعتباطا هذا من المستحيل ان دخولهم واعلان دولتهم بهذا الشكل عملية مدبرة ومبنية على اسس منظمة وورائها عقول جبارة واعتقد ان عملية تقسيم المنطقة وبناء الشرق الاوسط الجديد لقد بانت معالمها واصبحت حقيقة اذن العملية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram