TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الاهم من وقف القصف

الاهم من وقف القصف

نشر في: 13 سبتمبر, 2014: 09:01 م

قرار رئيس الحكومة حيدر العبادي بوقف قصف المدن اشاع ارتياحا عاما، لكن حجم التعقيد في امن اماكن الحرب والنزاع، اكبر من ان يحله قرار كهذا، بمعنى ان الموت لن يتوقف حتى اشعار آخر، بعد ان ورطنا انفسنا في كل هذا التخبط. لكن قيمة قرار العبادي الحقيقية هي في زاوية اخرى.
اذ يحاول الرجل ان يقول انه ملتزم بالنوايا المعلنة لكتلة التحالف الوطني: "تغيير المسار، واعتماد اصلاحات مؤثرة". وليس هذا وحسب، بل يريد اثبات انه قادر على اتخاذ قرارات كان مجرد مناقشتها في مكتب سلفه المالكي، امرا يثير السخرية واتهامات بالخيانة والتعاطف مع داعش. وحتى هذه اللحظة يبدو التحالف الوطني ورئيس وزرائه، ممتلكا ارادة واضحة للمراجعة والبدء باجراءات عملية، واعلان وقف القصف مهما كان معناه وحجم الوفاء به، هو امر يقول لنا بأن كتلة رئيس الحكومة تحاول ان تمد يدها من اجل صوغ علاقة جديدة بين الاطراف الرئيسية. وهذا امر جيد، قد لا تمتلك الاطراف الاخرى ثقة كاملة بمآله ومنتهاه، الا ان امامها الان يداً ممدودة وفرصة نقاش علني بلا خطوط حمر، لاعقد الملابسات، واستعداد لاتخاذ القرارات التي كانت مستحيلة، وترحيباً بامتلاك ضمانات تتعزز حين نرى العالم بأسره راغباً بمساعدتنا لمساعدة نفسه.
الرسالة التي يريد التحالف الوطني ان تتضح ايضا، هي القسم المتعلق بالمجتمع الدولي، فالعالم يقول انه يريد مساعدة العراق لتخفيف الكارثة، ويشترط ارادة للتصالح الداخلي، وكتلة التحالف بدأت الان تقدم للدول الكبرى اشاراتها بهذا الشأن، ومدى انفتاحها على الخيارات التي يمكن ان تنتهي بالتهدئة. ولو تفاءلنا قليلا فسنقول ان قيادات التحالف الوطني تريد ان تفهم ان اي تنازل تقدمه، هو ليس تراجعا عن شيء، بل خطوة مسؤولة من اجل ان تصبح الحكومة شريكاً موثوقا في امن المنطقة والعالم، وحينها سيكون العالم الى جانبها في خوض التحديات.
ولكن كيف سيكتمل المشهد، او يتقدم؟ ان الاهم من كل قرارات العبادي ورغبات التحالف الوطني، هو شكل صناعة السياسات. ان وقف القصف ليس صناعة لسياسة جديدة، بل الغاءا لسياسة قديمة. وعلينا الان ان نبدأ بصوغ الخطط المبتكرة لوقف الكارثة، واذا كان العبادي ومعه التحالف الوطني يريدون وزيرا "سنياً شكلياً" ومشاركة كردية "شكلية"، وينفردون بصناعة قرارات مهمة لوحدهم، فان الاعتراض سيعود، بوجود القصف او عدمه. لكن الجيد ان التحالف الوطني يتحدث ولو بنحو أولي، عن تشكيل "مجلس لقيادة القوات المسلحة" او "هيئة لاتخاذ القرارات الامنية"، يضم ممثلي الكتل النيابية، وهو ما سبق لكتلة المواطن والاحرار ايضا، ان تحدثت عنه بحماس قبيل الانتخابات كنوع من الاصلاحات المطلوبة، وهذه النقطة هي التي من شأنها ان تخط السياسة الجديدة، رغم صعوبتها وتعقيدها.
ان سؤال: كيف نتعامل مع المدن التي يسيطر عليها داعش...؟ ينبغي ان تتبلور بشأنه اجابة عراقية واسعة، تحظى بالقبول العام بين مراكز القوى، وحينها سنحصل على قرارات يمكن الدفاع عنها وانجاحها، بل حين يشعر الناس ان صانع القرار ليس رجلا متسرعا يسخر منهم ويريد اخضاعهم، وان الخطط وضعت بحرص وتفاهم وتنسيق طيب، فان الجمهور سيتعامل حتى مع اخطاء الجيش والقيادة السياسية، بتسامح اكبر، وسيصبر على الثغرات ونقاط الضعف، احساسا منه بان المسار العام للامور صحيح وأمامه فرصة كبيرة ليختتم بنتائج معقولة. اما حين تقصفني لست شهور دونما نتيجة، واتعرض في الوقت نفسه لاضطهادات داعش واشباهها، ويجري تخويفي بما ستفعله "الميليشيات" لاحقاً، فانني ساحتج وقد اتحول حقا الى داعشي يائس وخطير.
التغيير تأخر ودفعنا جميعا ثمن تأخره. والمسار حالياً، امام فرصة كبيرة، ولكي لا نتفاءل كثيرا فانني احرص على تعبير "تخفيف الكارثة" ويتمنى مليونا نازح ان يروا نتائج لهذا قبل برد الشتاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram