في 31 تموز عام 1944 ، تحطمت طائرة الروائي أنطوان سان اكزوبيري مؤلف ( الأمير الصغير ) في البحر المتوسط ..واليوم ، يحاول كاتب سيرته آلان فيركوندليه تناول فصل مجهول من حياته وعمله عندما كان مراسلا صحفيا في بداياته في فيتنام وإسبانيا ..يقول اكزوبيري في ر
في 31 تموز عام 1944 ، تحطمت طائرة الروائي أنطوان سان اكزوبيري مؤلف ( الأمير الصغير ) في البحر المتوسط ..واليوم ، يحاول كاتب سيرته آلان فيركوندليه تناول فصل مجهول من حياته وعمله عندما كان مراسلا صحفيا في بداياته في فيتنام وإسبانيا ..
يقول اكزوبيري في روايته الأكثر شهرة ( الأمير الصغير ) انه " لايمكن للمرء ان يرى بوضوح الا بقلبه ، فماهو جوهري لاتراه العينان " ويعني بذلك التجارب الصحفية التي عاشها والتي ساعدته ليكون مراسلا صحفيا لكنها لم تحقق له الشهرة كما فعلت الكتابة ..
كان اول ظهور لاكزوبيري في الصحافة في بداية سنوات الثلاثينات وتم تبرير ذلك بالحاجة الى كسب عيشه ، ثم مارس عمله كطيار في سن الثلاثين وكان شغوفا بهذه المهنة وحين عمل لدى شركة ( ايربوستال ) اعتاد التنقل بين تولوز وداكار لكنه وجد نفسه فجأة دون مصدر للمعيشة حين ساءت أحوال الشركة وكان اكزوبيري متزوجا للتو ، لذا بدأ بالكتابة في الصحف والمجلات مثل ( ماريان ) ( باريس سوار ) ( انترانسينا ) ..ولأنه كان شاهدا على أزمات كبيرة جرت في النصف الاول من القرن العشرين في دول فيتنام ، روسيا ، إسبانيا وألمانيا من خلال تقاريره الصحفية هناك فقد ضمها في كتاب يحمل عنوان ( ارض البشر ) عام 1939 وفاء منه لعمله كمراسل صحفي ..
كاتب سيرته آلان فيركوندليه هو أستاذ جامعي عمل على توجيه طلبته الى هذا الجانب من حياة وعمل اكزوبيري ومع ذلك فهو يرى ان عمله كصحفي جزء لايتجزأ من عمله ككاتب ، فالكاتب في نظره يجب الا يكون حكواتيا فقط بل يجب ان يكون في قلب القصة وهذا ماقدمته له الصحافة ..
في عام 1936، ارسل اكزوبيري لتغطية حرب إسبانيا ، وهناك قرر على العكس من كل مثقفي عصره ألا يدافع عن الاشتراكيين واصفا فظائعهم دون مواربة او تحريف فلم يتردد وقتها في سرد الهجوم على الدير الذي قام به الجمهوريون وذبحوا بدم بارد العديد من الراهبات ..لقد أوحى المشهد الرهيب للكاتب بتلك العبارة التي تقشعر لها الأبدان اذ وصفه قائلا : " هنا جرى القتل كما تجتث الأشجار " ..
كان اكزوبيري يؤمن بالأعمال اكثر من الكلمات الكبيرة ويفضل فكرة التعاطف مع موضوعه وليس معه كما انه لم يكن يناصر في أعماله إلا الانسان بأمجاده او بمآسيه فالشيء المهم لديه هو العلاقة بين البشر ، لذا كان يحرص في جولاته بين البلدان ان يستخلص العجينة البشرية من الأحداث التي شاهدها وشهدها ..ويقول كاتب سيرته آلان فيركوندليه ان عمل اكزوبيري كصحفي قام على الاهتمام بالتفاصيل وماكان يهمه اكثرمن أي شيء آخر هو الانسان فنظرته اليه لم تكن موضوعية ولا ذاتية ..كانت نظرة الى روح الانسان ..
في عام 1938 ، وبعد مقاله الأخير الذي كتبه عن ميونخ في صحيفة ( باريس سوار ) دفع اكزوبيري غاليا ثمن تصوراته الانسانية اذ حوصر في عمله ، وبعد موته عام 1944 ، أشار فيركوندليه الى مفارقة غريبة فالكاتب الأكثر شعبية والأكثر قراءة ، اذ بلغت حقوق الطبع لديه 100 مليون في العام ، ومع ذلك ، لم يتم تدريس أعماله في الجامعة ّ، ربما لأنه اهتم كثيرا بالانسان خلف القصة وبالطفل خلف الواقع السياسي وبأن يكون حرا تماما في أوقات لايسمح له فيها بذلك..
من المتوقع ان يصدر كتاب ( كنوز الأمير الصغير ) الذي يروي الجانب الخفي من حياة اكزوبيري للمؤلف آلان فيركوندليه في 15 تشرين الثاني المقبل عن دار نشر ( اد .غروند ) ..