أخيراً امتثلت مشيخة قطر جُزئياً لصوت العقل، فقررت ترحيل عدد من قيادات الإخوان المسلمين المصريين، لكنها استبقت رأس الفتنة القرضاوي، وليس معروفاً بعد إن كان سيواصل استغلال منبر الجمعة، لبث الكراهية والتبشير بآراء سياسية تعتمد إقصاء الآخرين وتهميشهم، ويرفض بصريح العبارة الحرب ضد داعش، وهذا هو الموقف الحقيقي لجماعة الإخوان، وإذا كان قرار الدوحة جاء نتيجة ضغوط غربية وخليجية، فإنه صدر ضد قناعات الدوحة، التي تتعرض اليوم لهجمات يشنها بعض أعضاء الإخوان من القاهرة، فيما تعتبر الجماعة رسمياً أن القرار كان مفاجأة، ولا تعرف سببه الحقيقي، لكنها توقعت ارتفاع عدد المبعدين خلال الفترة المقبلة.
القرار القطري صدر عشية المؤتمر الدولي الذي ينعقد في فرنسا، لمناقشة وإقرار استراتيجية الحرب ضد داعش، ومن على شاكلتها من الجماعات الجهادية، وبعضها تابع للإخوان، الذين أصدرت القاهرة وبعض العواصم العربية قراراُ باعتبارهم تنظيماً إرهابياً، وحظرت نشاطهم، بعد انكشاف طابقهم حين حكموا مصر عاماً أسود، ويؤشر محللون أنه من المبكر القول، بأن قرار إبعاد سبعة من قيادات الجماعة، يشكل توجهاً نهائياً في السياسية الخارجية القطرية، وأن لدى الدوحة العديد من الأدوات لدعم جماعات الإسلام السياسي، وأن قرارها يأتي من باب ذر الرماد في العيون، خصوصاً بعد سقوط رهانها بخصوص دعم الإخوان المسلمين.
يتجه العالم إلى مواجهة قوى العنف والإرهاب، ومن أبرزها قوى الإسلام السياسي، ومع ذلك فإن قطر أرسلت ثلاث طائرات عسكرية محملة بالسلاح والذخيرة الى مطار طرابلس، الخاضع لسيطرة جماعة مسلحة معارضة، وفضائيتها تواصل تحريض إخوان مصر على تصعيد نشاطهم الإرهابي، في محاولة لإفشال الحكم الجديد بأي شكل ومهما كان الثمن، ويستنزف هؤلاء طاقات بلدهم بممارسة العنف العبثي بكل أشكاله، ضد الجيش الوطني والمواقع الخدمية للمواطنين، وتهيئة بيئة حاضنة للجماعات الإرهابية الراديكالية، في حين تدرك قيادتهم التي تحظى بدعم قطر، استحالة إحداث تغيير في المزاج الشعبي العام، للعودة حكاماً وتكرار تجربتهم الفاشلة.
من المبكر اليوم القول، بأن طرد بعض قيادات الإخوان توجه عام في المشيخة المشاكسة، سوف تسير عليه في الفترة المقبلة، فالقرار جاء رغم أنفها، نتيجة الضغوط الإقليمية والأميركية، التي كان لافتاً منها دعوة ديك تشيني لتصنيف جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي، لأنه من رحمها خرجت الجماعات الإرهابية، كما يبدو تفاؤلاً غير مبرر، تخلي الدوحة عن موقعها كقاعدة للتطرف الإسلامي، ومنبراً للإخوان المسلمين وساحة تحضير للحروب والكوارث في الكثير من الدول العربية، اعتماداً على فكرة بائسة، بأن الدول لا تحتاج أن تكون كبيرة لتكون فاعلة ومؤثرة، واعتبار أن المال والعلاقات مع صناع القرار والمشاركة بتنفيذ أفكارهم، سيحول المشيخة لدولة صغيرة عظمى، بدل أن تحتمي بالآخرين وهاهي اليوم تحصد أثمان السياسات المغامرة، في مصر وسوريا وتونس واليمن، وإلى حد استقبال وحماية قادة حركة طالبان الأفغانية.
أين ستكون الوجهة الجديدة للقيادات الإخوانية بعد مغادرتهم الدوحة؟، يتوقع البعض أن تكون نحو الدول الأوروبية لاسيما لندن وسويسرا، أو تركيا والسودان، وربما مناطق التوتر والعنف ومنها أفغانستان وباكستان، وأن يتم تهريبهم إليها باعتبارهم شخصيات مغضوب عليها، وعلى المشيخة التي طردتهم توقع انقلابهم عليها كما فعلوا مع دمشق، وسيكون على حكام قطر اتخاذ الكثير من الخطوات، التي تمنحهم فرصة البقاء بعيداً عن نتائج حرب العالم ضد الإرهاب بكل وجوهه وتجلياته.
قطر والإخوان.. أي مصير؟
[post-views]
نشر في: 15 سبتمبر, 2014: 09:01 م