اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حارسة بوابة الكذب

حارسة بوابة الكذب

نشر في: 15 سبتمبر, 2014: 09:01 م

أن تعتبر قتل المدنيين العزل عملاً بطولياً، وارتكاب المذابح أياً كان سببها عملاً وطنياً، فهذا منتهى الإصرار على تأسيس نظام يبني فاشيته على الكذب، وخرافة بناء دولة القانون.
هناك أنواع عدّة من الكذب السياسي، جميعها مضحك، أكثرها ساذج . وأسوأها هو قلب الحقائق، واعتبار ما كنت ترفضه بالأمس مقبولا، صبيحة هذا اليوم ، أما الأسوأ من الكذب، هو الإصرار على أن الجمهور مجموعة من السذّج .
في كل مرة أقرأ فيها تصريحا لأحد المقرّبين من"فخامة"نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، أتساءل ما الفائدة التي تعود على العراقيين من تصريحات وبيانات تسعى إلى تفخيخ المشهد السياسي بأكمله حين يصرّ أصحابها على أنهم وحدهم يملكون الحقيقة؟ بالتأكيد كل الذين يشاركون في مسرحية:"اكذب اكذب حتى يصدّقك الناس" يدركون جيداً أنّ شيئاً ما سينفجر في وجوه الجميع، ليأخذ البلاد إلى فقرة جديدة في مسلسل الخراب الذي لا تنتهي حلقاته.
بالأمس خرجت علينا النائبة حنان الفتلاوي لتكتب نشيداً جديداً ومثيرا، ففي تصريح غريب وعجيب ومثير قالت السيدة النائبة:"لا يحقّ لرئيس الوزراء حيدر العبادي أن يشوّه صورة أو يدين قوات ورجالاً تصدّوا وضحّوا لأجل أهلهم وبلدهم، من خلال تصريحه الأخير الذي يقول فيه: إنه أصدر أمراً بوقف قصف المدن، وعليه أن يقدّم توضيحاً".
وتكمل الفتلاوي تصريحها المثير بتساؤل :هل قامت القوة الجوية وطيران الجيش بقصف الأبرياء؟ ما هو دليل العبادي؟
سأصدّق أنّ النائبة تدافع عن الجيش، وسأفترض حُسن النية وهي تقول إن حيدر العبادي يريد تشويه صورة القوات الأمنية ولكن كيف لي أن أصدّق أن نوري المالكي نفسه في 4/6/2014 "وجّه من خلال حديث الأربعاء بإيقاف قصف أي هدف مدني أو أي هدف داخل التجمعات السكنية، وتوخّي الدقّة والحذر في ضرب المجاميع المسلحة، مشددا على ضرورة ألاّ يكون القصف بصورة عشوائية".. وأريد أن أنبّه السيدة النائبة التي ربما تعاني من فقدان للذاكرة أحياناً، من أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وفي اتصال هاتفي مع"نائب الرئيس الأميركي جو بايدن بتاريخ 19/ 6 /2014 اعترف بخروق تحدث أثناء القصف، مؤكداً للسيد بايدن أنه أصدر أوامره بإيقاف القصف العشوائي على المدنيين ، ولا أريد أن أُذكّر صاحبة الموازنة في القتل بتقارير هيومن رايتش واليونسيف وبشهادة ممثل الأمم المتحدة عما يحدث من انتهاكات أثناء القصف العشوائي على الأحياء المدنية.
تدرك النائبة حنان الفتلاوي أن زمن الصراخ قد ولّى . ولذلك لن تضيع الفرصة الأخيرة من دون فاصل هزلي جديد يُنسي الناس جميع الفصول الساخرة التي سطّرت بها سيرتها النيابية.
سيقول البعض إنه من العبث أن تتوقع من هؤلاء المصفّقين لولي النعم ، أن يؤسسوا دولتهم على الصدق، لأنهم يبنون"سلطاتهم"على تغييب الحقيقة وامتهانها واحتقار عقول الناس.. ليس مهماً أن يموت العشرات بلا ذنب.. أو تتحول مؤسساتنا الأمنية إلى حراسات خاصة لمن يمنح العطايا والامتيازات.
وأزعم أن هذا النوع من السياسة"الخادعة لا يختلف كثيراً أو قليلاً عن الفلسفة"العسكرية"التي أثمرت بفضل خبرات المالكي"الأمنية"ضياع عدد من المدن العراقية وتهجير أكثر من مليون ونصف مليون مواطن، وستثمر مستقبلاً مآسيَ أخرى، خصوصاً أنّ الحكايات المؤسسة لها واحدة، وتقوم على اختراع مُنتَج جديد اسمه"حارسة بوّابة الكذب"!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. مراقب

    أخي الكريم 1-كأنك في قلبي. لم أسمع بامرأة ذات صلف وصفاقة كمثل هذه البرلمانية(!!!!) 2- أتمنى أن تواصلوا المطالبة بالمحاسبة القضائية للمسؤولين الأمنيين المقصرين وحماتهم من السياسيين الذين تولوا مناصب قيادية وتسببوا بحدوث الكوارث التي أصابت البلاد والعباد, و

  2. رعد الصفار

    لو كان هناك عداله حقيقيه لقدمت هذه النائبه الي العداله لمحاكمتها

  3. مصطفى جواد

    هل سيكسب العراقيون من وجود رئيس وزراء بغدادي هذا سا ستفرزه الايام وقد قالها امام البرلمان ولكني اقتبس الفكرة من مفكرنا علي الوردي فالمدني يحاول جذب الاخرين الى العمارة والمدنية والاخرون ربما تستويهم حياة البساطة البدوية وجلسات الليل الطويلة دلة وحمل التف

  4. ابو سجاد

    انا معك استاذ علي ان العملية مستقبلا ستثمر ماسي احرى وللاسف الابواق الطائفية لاتزال اصواتها عالية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram