كلمة واحدة كانت غائبة عن خطاب أوباما الذي أعلن فيه الحرب على الإرهابيين؛ هي كلمة الحرب نفسها. أصر الإسرائيليون على ان ما فعلوه في غزة كان "عملية"، بينما تميل الولايات المتحدة الى استخدام كلمة "حملة". في الواقع ان آخر مرة أعلنت فيها الحرب على بلد آخر
كلمة واحدة كانت غائبة عن خطاب أوباما الذي أعلن فيه الحرب على الإرهابيين؛ هي كلمة الحرب نفسها. أصر الإسرائيليون على ان ما فعلوه في غزة كان "عملية"، بينما تميل الولايات المتحدة الى استخدام كلمة "حملة".
في الواقع ان آخر مرة أعلنت فيها الحرب على بلد آخر كانت ضد سيام عام 1942، اما الولايات المتحدة فانها حتى لم تعلن الحرب على فيتنام. يبدو ان كلمة الحرب أصبحت قديمة الطراز. منذ الحرب العالمية الثانية اعتدنا ان يكون الصراع محدودا و يمكن احتواؤه.
جزء من السبب في التردد بالحديث عن الحرب يعتبر قانونيا وأخلاقيا؛ فإعلان الحرب يحتاج الى درجة عالية من الإجماع والتصويت في الكونغرس أو البرلمان وما شابه. فبعد فيتنام عام 1973، مرّر الكونغرس قرار صلاحيات الحرب الذي حدّد صلاحية الرئيس في إرسال القوات للمشاركة في قتال عسكري لفترة لا تتجاوز 60 يوما. الا ان هذا التشريع لم يستخدم أبداً في طعن أي قرار رئاسي. بنفس الشكل، فان التصريحات الرسمية بالحرب تدعو حتما الى مناقشة تقليد الحرب العادلة.
عموما هناك شك في هذا التقليد لسبب بسيط هو انه لم يمنع فعليا أية حرب، بل على العكس عندما يكون السبب مقنعا - أي عندما تجيز المعايير العادلة الحرب شرعا – عندها تكون الحرب مبررة. باختصار، فان تقليد الحرب العادلة يشبه عمليا طريق ذي اتجاه واحد.
رغم التحفظات الكثيرة، فما زال من المفيد استذكار أحد جوانب تقليد الحرب العادلة و تطبيقه على النزاع الحالي في الشرق الأوسط؛ فالحروب العادلة لا تتطلب تناسبا فحسب و انما تحتاج ايضا الى فرصةً معقولة للنجاح. مشكلة التدخل الجم للجيوش الغربية في العراق خاصة، هي انها ليس لديها الكثير من التصور عما يبدو عليه النجاح في الواقع . ان قصف مجموعة داعش في العراق ليس أكثر من ترقيع حول حافات حريق هائل يمكن مقارنته الآن من حيث النطاق بحرب الثلاثين سنة .
الصراع الطائفي بين السنّة و الشيعة – الذي أشعلته أولا الثورة الإيرانية ثم تعمّق نتيجة للاجتياح الغربي الخالي من الحكمة للعراق- هو أمر أكبر بكثير في حجمه من نهج أوباما في استخدام الطائرات المسيرة و الضربات الجوية . نحن نشهد تحولا في الهندسة السياسية في كل أنحاء الشرق الأوسط وصولا الى افريقيا ، و ان المشاركة الترقيعية الظاهرية للغرب
ربما لن تفعل شيئا أكثر من توليد قناعة قصيرة الأجل في أنه يقوم بشيء ما. هذا لا يعني ان هناك تحسس أخلاقي من قصف المتعصبين في مجموعة داعش، و انما ينبغي الاعتراف باننا لسنا أكثر من متفرجين على حرب تفوق تصوراتنا في حجمها ، و أكثر تعقيدا من خطاباتنا عن الإرهاب و مما يسمح به الصراع المحدود .
منذ الحرب العالمية الثانية، اعتدنا فكرة كون الحرب الكبيرة أصبحت شيئا من الماضي لا أكثر . هذه هي الحرب العالمية الثالثة ، لكن في هذه المرة سيكون الغرب على الهامش .
عن: الغارديان