بعد إقصاء سوريا عن المشاركة في التحالف الدولي الجديد ضد إرهاب داعش، مع أن هذا التنظيم الارهابي ناشط على الأرض السورية ويحتل مساحات شاسعة منها، بسبب رفض معظم أعضاء التحالف للتشارك مع نظام الأسد حتى في محاربة الدواعش، وعشية انعقاد مؤتمر باريس لتحديد الأولويات واستراتيجية العمل الدولية للعمليات المنتظرة، خرجت مستشارة الرئيس بشار الأسد بثينة شعبان بتصريح فاقع، حذرت فيه قوات التحالف من اختراق المجال الجوي السوري لضرب داعش، وقالت إن دمشق قد تسقط الطائرات الأميركية، لأنها أتت من دون إذن واعتدت على سيادة سوريا، وهو تصريح ينم عن عدم إدراك الواقع، وربما عن عدم معرفة القدرات المتوفرة لتهديد قوة الجو الأميركية، أو هو تصريح يمكن الحاقة بتصريحات مماثلة، عن الرد في الوقت المناسب على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ضد أهداف استراتيجية على الأرض السورية، تم تدميرها وما زالت دمشق ونحن معها ننتظر ذلك الوقت الذي لا نتوقع مجيئه.
لم يوفر الرئيس أوباما الفرصة فكان رده سريعاً ومباشراً، أكد فيه أنه إذا أمر الأسد قواته بإطلاق النار على الطائرات الأميركية التي تدخل المجال الجوي السوري، فسيتم تدمير الدفاعات الجوية السورية عن آخرها، وسيكون هذا أسهل من ضرب مواقع تنظيم داعش، التي قال جنرال أميركي إنه يعتقد أن صواريخ أرض جو متوفرة هند قواتها التواقة إلى إسقاط طائرة أميركية، سواء في سوريا أو العراق، وهذا بالطبع يشكل خطراً، ولكن سلاح الجو الخاص الاميركي على علم بهذه المخاطر وكيفية إدارتها، وهم بارعون في تنفيذ ما يتم طلبه منهم.
مؤيدو النظامين السوري والإيراني يرون أن الاتحاد الدولي للقضاء على تنظيم داعش، ليس أكثر من مشروع أميركي غامض، يرمي إلى محاربة إرهاب ناجم عن الصراع على النفوذ في المشرق العربي، وأن اجتماع باريس يستهدف توزيع الأدوار لاستباحة ما بقي من خريطة الجغرافيا السياسية لقرن مضى، في استعادة لتاريخ استعماري اعتاد توظيف المجتمعات المحلية في حروب لا أهل لها، ويرى هؤلاء أن في المنطقة قوى متباينة المواقف، فتركيا تنأى بنفسها وتخشى على نفوذها في العراق، وتطلب إجراءات تضمن سقوط بشار الأسد، ومصر تشارك في التحالف، لكنها لن ترسل قوات، وتريد شمول كل أطياف الاسلام السياسي، وفي مقدمهم الإخوان في لائحة التنظيمات الإرهابية، بينما أخذت طهران قرار عدم الانخراط في هذه المعمعة، وهي تجري حساباتها على إيقاع من نوع آخر.
يقول الوجه الآخر للمعادلة أن خصوم دمشق يأملون أن تسفر الحرب ضد داعش عن إسقاط الأسد، "ضرب عصفورين بحجر واحد"، مع أن بريطانيا وألمانيا أعلنتا عدم المشاركة في عمليات على الأرض السورية، بعكس فرنسا وبعض الدول التي أبدت استعداداً لإرسال جنودها إلى هناك، ومع أن بداية العمليات ستكون في العراق، فإن النتائج الأهم ستكون في بلاد الشام، حيث تبرز من اليوم احتمالات اندلاع حرب عالمية ثالثة في مواجهة بين أنصار الأسد وخصومه، أو عقد صفقة على صدى وقع طبول حرب طويلة الأمد، أو تقوية العناصر المحلية من الطرفين لتخوض حرباً بالوكالة، وبانتظار أن تتكثف الضربات ضد داعش في العراق، ستتضح الصورة وسينجلي الكثير من الغبار، حيث نعرف إن كانت واشنطن جادة في استغلال الظروف الناشئة للتخلص من الأسد، أو أنها ستكون مضطرة للتنسيق معه سراً، وفي كل الأحوال على الجميع توقع ضربات إرهابية، تعد لها داعش ولن تتوانى عن تنفيذها.
حرب ضد داعش والأسد!
[post-views]
نشر في: 16 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
استاذ حازم اليس من الواضح ان عملية سايكس بيكو جديدة في الشرق الاوسط وقد بانت من فرنسا التي لم تكن متحمسة من قبل واليوم هي التي رفعت لواء الحرب ليكون لها حصة من هذا التقسيم