مثل الكرسي النقال في المطارات والمستشفيات، بدا للعراقيين مشهد بعض "النائبات" و"النوائب" وهن يتنقلن بين الكتل، على قدر البراعة في التقاط مؤشرات البورصة السياسية وإمكانية الفوز بمقعد برلماني أو وزاري، أو ما شاء للحظ أن يكون عليه. وقد كانت أفواه المتابع
مثل الكرسي النقال في المطارات والمستشفيات، بدا للعراقيين مشهد بعض "النائبات" و"النوائب" وهن يتنقلن بين الكتل، على قدر البراعة في التقاط مؤشرات البورصة السياسية وإمكانية الفوز بمقعد برلماني أو وزاري، أو ما شاء للحظ أن يكون عليه. وقد كانت أفواه المتابعين لمشهد هؤلاء وهن يتصايحن في الحوارات الساخنة عن أولياء نعمتهن، فاغرة عن آخرها لشدة الدهشة من القدرة على التلون والتشقلب وإعلان الولاء المُسِف غير اللائق.
كان ممكناً، لولا تراكم الخيبة من الآثار السلبية للظاهرة على الوضع العام، التعامل مع تعبيراتها كنوعٍ من التسرية عن المواطنين المأخوذين كل يوم بما يتعرضون له من محن ونوائب، خصوصاً وأن المحظورات أتت على كل لون من ألوان الترفيه والتسرية البريئة، وصار العراقيون يتندرون فيما بينهم "على انفسهم أحياناً" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويقارنون بين حال وحال، وهم يتبادلون ما تقع عليه أبصارهم من مشاهد ومظاهر التطور والتقدم والتنوع الحضاري الأخاذ، في كل حقلٍ من حقول الفنون والثقافة والترفيه، وهي متاحة لبني البشر بغض النظر عن السلّم الاجتماعي الذي يفصل الفقير ومتوسط الحال عن الغني والمسرف في الغنى. ولا يتوانى العراقي المغلوب على أمره، إذا ضاقت به أسباب تصريف الكآبة والتحول عنها، عن التندر بأبناء جلدته من العراقيين وما هم فيه من عسف منظور وغير منظور، ومن اتساع دائرة المحرمات في هذه الزاوية المظلمة من العالم التي يقبعون فيها على كراهة من كثرتهم، ممّن لا حول لهم ولا طاقة على تغيير أحوالهم، كما الانتقال إلى مكان أكثر دعة وأمناً، وإن داخل حدود بلدهم.
تسأل أُستاذة مغتربة كما يبدو ومهتمة بالفلسفة، إلى غيرها من تصاريف الشأن العام الذي كان وراء غربتها، مثل ملايين العراقيات والعراقيين: لماذا نحذّر من إيراد أسماء ومسميات، من نتحدث عن أداورهم في نخر المجتمع وترويعه عبر كل ما يقع بين أيديهم، من وسائل وأدوات الدولة. أهو الخوف أم لأن ما يُقال لا يرقى الى مستوى البيّنة والإدانة الصريحة..؟
والواقع أن للسؤال ما يبرره، كما أن للجواب ما يتحمل التردد والتسويف!
أي خوفٍ أو قلقٍ يحول دون كشف المستور عن صنّاع ظاهراتٍ لم تعد بحاجة الى كشّافٍ يميط اللثام عن وجوههم التي باتت مألوفة الى حد لم يعد ممكناً فرز وتمييز أصحاب الضمائر والأيادي البيضاء في المجتمع. انهم لكثرتهم، على تنوع سحناتهم ولحاهم وجباههم الموشومة، يغطون شاشات القنوات الفضائية كل يوم، ويتباهون بما عندهم من دالة ورصيدٍ وجاهٍ لدى المتنفذين في السلطة، فلا يرى الجمهور غيرهم في المشهد.
يقول قاضٍ صديق معلقاً على سؤالٍ ساذج مني: إلى متى يظل اللصوص والعابثون بالسلامة العامة، والقتلة على الهوية، يمرغون كراماتنا ويستبيحون نفوس الأبرياء ويغتالون الأمل....؟ انه ليس في المستطاع اعتماد غير القوانين السارية، وفيها ثغرات ونواقص كثيرة دون شك، بما في ذلك الأوامر الصادرة من بريمر التي لم يلغها البرلمان، وقرارات "مجلس قيادة الثورة"، والفراغات التي لم يعالجها البرلمان، بالنسبة للمواد الدستورية التي تتطلب تنظيمها بقانون وهي تكاد تبلغ ٨٠٪ من الدستور.!
لم يلتقط القاضي الصديق سؤالي البريء. المسألة لا علاقة لها بما ينبغي تشريعه وتعديله من قوانين، بل المسألة هي في تطبيق القوانين السارية، وبصيغة أدق، تطبيقها بعدالة.
لم يلتفت القاضي الى أن السؤال البريء يطاول حالاتٍ يجري فيها اغتيال القضاء علناً، أمام سمع الناس وبصرهم، وتكون الضحية نفسها "حجة على البراءة".
ولم يلتفت القاضي الى أن الناس يتساءلون من عشر سنوات قاحطات: لماذا لم يلق القبض الا على "مرتشٍ هاوٍ" قبض على سبيل الخطأ مليون دينار أو خمسة ملايين دينار، في حين يخرج علينا نائبٌ من بطانة المختار بالصوت والصورة، يُرشي من ممتلكات الدولة ويشجع علناً على تزوير الإرادة ويهدد، ثم يظل نائباً عن الأمة؟
يقول القاضي الصديق: هذا حكم القضاء!
ولماذا لم يسرِ حكم القضاء العادل على سنان الشبيبي الذي يشهد كل ذي ضميرٍ على نظافة يده وتاريخه وسويته، أسوة بنموذج المشهود له بالجريمة مشعان الجبوري؟
يقول القاضي: هذا حكم القضاء..!
وأسأل القاضي الصديق: كم في رأيك عدد سراق المال العام ..؟
يقول: اقلب السؤال لأستطيع الإجابة..!
رغم تنحية رأس البلوى بعد جهدٍ جهيد، فإن البطانة الممسوخة ما تزال ترفع أصواتها، وتبحث لها عن دور. بينها من يحاول البحث عن ولاءٍ جديد، والبعض الآخر، يستعذب لوعة إدمان التعلق بذيل المختار.
الملفت، أن البطانة القديمة تكشف عن طبيعة التطرف فيها، وتُظهر انها مجبولة على طبيعتها، لا تريد مفارقتها. والخطر الداهم أن تستطيع في لحظة فوضى التغيير العشوائي أن تجد لها مكاناً، وهي قادرة، في المحراب الجديد، وهو ما نتمنى أن يلتفت لمعالجته من بيده قرار التغيير.
ذكر أحد قادة دولة القانون قبل أكثر من سنة، انه نبّه صاحب السلطة والصولجان إلى أن "فلان الفلاني" المشهور عن ارتباطه بعدي وبات يصول ويجول في غير مجاله، معروف في مدينته، بما لا يجوز ارتباطه بنا وتشويه سمعتنا السياسية والاجتماعية..
يقول القيادي المعروف: أجابني زعيمي: اعرف ذلك. المرحلة بحاجة لأمثاله..!
عسى أن يلتفت العبادي لهذه الظاهرة، وهو يعرفها حق المعرفة، ليتناولها "بالتجريف" ..!
جميع التعليقات 4
بغداد
المهم ان يعي العراقيين ان الصحافة وأقلام الكتاب فيها اما ان تكون توجيهات مدمرة للعقول ومخدرات للنفوس حتى حالة الارتخاء وعدم اللامبالاة حتى تصل الى درجة عدم اللاوعي ولا تحس بحدة السكين التي تحز رقابها بدم بارد او صحافة حرة فيها أقلام نابضة بالحس الإنسان
ابو سجاد
العبادي جزء لايتجزا من منظومة المختار واعضاء الحزب قد يكون يقوم بتغيير بعض الشي ولكن لاينفك ختى يرجع الى ارادة الحزمة الجزبية التي تدور حوله
د.مجيب حسن محمد
تحية طيبة كي يتم تجريف البطانة السيئة من اللاتي تنقلن بين الكتل والتيارات السياسية بناءأً على القراءة الخاطئة للبورصة السياسية، لابد من مواجهتهم بالصراحة والصدق ،عسى ان يصحو فيهم بقية من شرف او ضمير بدلا من التقلب واللعب على الحبال، على حساب مأسي شعبهم
محمد سلمان
الاخ العزيز ............ من هو المجرم السارق بلمليارات والمحاط بلمسدسات وحولة سياج الامان من الناس الذين يدعون الدين ام المجرم الذي يعرف الحقيقة ويسكت .لاريب ولا شك فقد عرفنا نحن جموع العراقين البعيدين عن سياج السلطة . ان السراق هم عراقيون ولهم اعوان من ل