كان لتقليد " الخربشة " على الجدران، رسماً و كتابةً، ( غرافيتي graffiti )، تاريخ طويل في روما يمتد آلاف السنين بل يمكن القول إن كلمة غرافيتي نفسها قد استُعملت أول مرة دلالةً على الإشارات التي وُجدت في خرائب بومبَي. و يمكن رؤية النسخة الحديثة من " الشخ
كان لتقليد " الخربشة " على الجدران، رسماً و كتابةً، ( غرافيتي graffiti )، تاريخ طويل في روما يمتد آلاف السنين بل يمكن القول إن كلمة غرافيتي نفسها قد استُعملت أول مرة دلالةً على الإشارات التي وُجدت في خرائب بومبَي. و يمكن رؤية النسخة الحديثة من " الشخبطات " اليوم للتعبير عن أمور مختلفة. و سواء كان ذلك في الأحياء الغنية في شمال روما أو ضواحي الطبقة العاملة في جنوبها، فإن الرومان لا يتحرجون من هذه الشخبطة، و غالباً بعبارات من اللهجة المحلية. و يتضمن ذلك السخرية من الحكومة، و الاحتفاء بالفوز في مباريات كرة القدم، و تصريحات عن الحب، شاعريةً أو فجّة، يمكن مشاهدتها إلى جنب الإساءات العنصرية و الأيقونات الفاشية. و هي ليست بالأمر الجديد وفقاً لأنجيلا دوناتي، الخبيرة في النقوش الرومانية القديمة. " فمعظم الرسائل على جدران روما القديمة كانت إعلانات. لكن كانت هناك أيضاً أشعار في تمجيد الأسرى المقاتلين حتى الموت، أو مفاخرات بأعمال جنسية مزعومة .. " ، و هذا الغرافيتي يُظهر أن الرومان القدماء كانوا يعرفون الكتابة و القراءة جيداً، خلافاً للتصورات الحديثة عنهم، كما تقول.
و قد أطلقت شركة Atac للنقل في روما مشروعاً فنياً يتعلق بالغرافيتي، أو الكتابة و الرسم على جدران الشوارع و الأماكن العامة هناك. و يتراوح غرافيتي أيامنا هذه بين رقعة الرش في ضاحية براتي، و الرسوم أو اللوحات الجدارية في شارع تيبورتينا. و السكان المحليون منقسمون بين مَن يراها أعمال تدمير و آخرين يقيّمونها باعتبارها فناً خاماً. و قال أغوستينو لاكورتشي، و هو فنان شوارع شاب، إنه قد مر بمرحلة " الرقعة "، لكنه الآن يرسم " جداريات "، غالباً ما تكون جزءاً من تجديد ضواحي الطبقة العاملة. و أضاف قائلاً " لم أكن سابقاً أستطيع الاهتمام أقل بما يفكر به الناس، لكنني الآن أحب التعبير عن نفسي و الحصول على رد فعلٍ كشخص و كفنان. والشارع يقدم هذا النوع من القرار كلما مر فيه مشاة. "
و قد استحوذ على خيال الرومان في أوائل هذا العام عمل من أعمال فن الشارع عنوانه " سوبربابا superpope "، و هو عبارة عن صورة للبابا الشعبي فرانسيس، بردائه الكهنوتي الأبيض و كأنه سوبرمان!
و ينظر الفنان موبال إلى فن الشارع باعتباره فناً اجتماعياً. " إن فن المدن هذا لا يتحدث عن نفسه أو عن الفنان، و إنما عن الناس، ما يحيط به، و ما يردُ في الأخبار، و ما هو جمالي "، كما قال.
و تشاطره هذه الرؤية جماعية من الشعراء الشباب، " Poeti der Trullo "، قاعدتها في ضاحية فقيرة من المدينة يكتب أفرادها أشعارهم على الجدران. " و هدفنا احترام روما عن طريق إعطائها ما هو أكثر، من دون تشويه مظهرها. و قد نستطيع أن نحصل على ابتسامة أو دمعة من أحد المارّة. "، كما جاء في بيان لهذه الجماعية.
أما أنسيلمو ريتشي، رئيس هيئة الشرطة البلدية المسؤولة عن الحفاظ على مركز روما التاريخي، فيرى " أنك إذا أدخلتَ في اعتبارك عدد الناس و المركبات التي تنتشر هنا، إلى جنب معدات التنظيف المستخدمة لإزالة الغرافي، فإن التكاليف السنوية للتنظيف تتراوح بين 1,2 و 1,5 مليون يورو." و هي تكلفة ثقيلة بالنسبة لإدارة مدينة أعلنت في شباط الماضي عن عجز في الميزاية يبلغ 816 مليون يورو. " و كلما اتسخت الجدران أكثر، ازداد عدد الناس الميّالين لتوسيخها، وفقاً لنظرية السيارة المخدوشة " كما قال!
و ريتشي حازم هنا، أيضاً، لكن رد فعله بالنسبة لهذا أكثر اعتدالاً، فالكتابة والرسم على الجدران، كما يرى، " انتهاك شديد، لكن من الحق القول أنني أحياناً أرى من ذلك ما يجعلني أبتسم. إنهم يُظهرون في ذلك الطابع البهيج للرومان. "
عن: الديلي نيوز