اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > قضية الدجاج  المصاب بالجرثومة ليست أول الحكاية ولا آخرها

قضية الدجاج  المصاب بالجرثومة ليست أول الحكاية ولا آخرها

نشر في: 19 سبتمبر, 2014: 09:01 م

أكثـر من شخص التقيته قابلني بابتسامة سخرية كبيرة وأنا أحدثه وأطلب رأيه بمسألة دخول الدجاج المجمد الفاسد الى العراق وخاصة ذلك الدجاج الذي أثبتت الفحوصات على احتوائه  جرثومة ( السالمونيلا )، هذه الجرثومة التي كانت محور تحقيقنا هذا عن الأغذية الفاس

أكثـر من شخص التقيته قابلني بابتسامة سخرية كبيرة وأنا أحدثه وأطلب رأيه بمسألة دخول الدجاج المجمد الفاسد الى العراق وخاصة ذلك الدجاج الذي أثبتت الفحوصات على احتوائه  جرثومة ( السالمونيلا )، هذه الجرثومة التي كانت محور تحقيقنا هذا عن الأغذية الفاسدة .

نقول : إن فكرة وبداية هذا التحقيق كانت عبارة عن خبر سربته  إحدى وسائل الإعلام  مؤخراً وهو خبر معزز بوثيقة رسمية يتم فيها التعميم الى دوائر الصحة كافة  في جميع المحافظات بوجود كميات من نماذج غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري ، الوثيقة تضمنت  ثماني مواد منها الدجاج المجمد بأنواعه التركي والايراني والأو كراني لاحتوائه على جرثومة (السالمونيلا). 
( المدى ) تابعت هذا الموضوع باهتمام من خلال فريق عمل يضم عدداً من الطلبة  المتدربين لكلية الإعلام في مؤسسة المدى لتسلط الضوء على اهمية ومدى تأثر السوق بهذا الخبر، ومدى اهتمام المواطن بالحكاية، وهل أُصيب السوق المحلي بحالة الانهيار مثلما نشاهد في وسائل الإعلام لدول العالم ؟!
احتواء الدجاج على جرثومة (السالمونيلا)
الدكتور علي حسين عبيد التميمي مدير قسم الرقابة الصحية التابع لدائرة الصحة العامة في وزارة الصحة يوضح لـ ( المدى ) أن قضية الدجاج  المصاب  بالبكتريا  التي تسرَّبت عبر وسائل الإعلام جاء بسبب وجود جرثومة (السالمونيلا) وعليه قامت الفرق الصحية  في مدينة الصدر التابعة لدائرة صحة الرصافة  باخبار القسم بالحالة ونحن قمنا بإبلاغ جميع دوائر الصحة  بغية التحري وسحب نماذج واتخاذ الإجراءات القانونية على ضوء النتائج .
الدكتور علي يضيف: إن أهم أسباب الإصابة بهذه الجرثومة هو بسبب سوء التخزين في فترة شهدت البلاد  ارتفاعاً في درجات الحرارة، لكن ... ما الذي تعنيه كلمة (السالمونيلا)؟
الدكتورة ميادة أحمد اختصاص باطنية تعرِّف (السالمونيلا) بأنها بكتريا تصيب الانسان والحيوانات معاً وبالتالي تنشط فعاليتها في المواد الغذائية الاخرى  كالدجاج واللحوم والمواد الغذائية الاخرى عند توفر الظروف الملائمة مثال على ذلك سوء الخزن (ارتفاع درجة الحرارة) حيث ان اللحوم يجب ان تبقى في درجة حرارة 180 درجة .
نتعرض للتهديد وللمضايقة
الدكتور علي قال: إننا نتعرض وباستمرار الى التهديد والمضايقة ومن مختلف الجهات وبعض الشخصيات والضغط  علينا بسب عملنا المتواصل من خلال الكشف على العديد من الكميات التي توجد في الأسواق وهي غير صالحة للاستهلاك البشرى ، موضحاً أن عملنا محدد ضمن قانون الصحة العامة  ونحن بدورنا نُجري الكشف الدوري على المحال والأسواق والمواد الغذائية وهذا يتم بمشاركة جهات ساندة ومنها الامن الوطني اذ نقوم بإتلاف المواد غير الصالحة  وفق محضر وبحضور صاحب الشأن .
إتلاف أكثر من 3200 طن من المواد الصلبة
الدكتور على أشار الى أن الفرق الصحية قامت بإتلاف أكثر من 3200 طن من المواد الغذائية لعام 2013 فيما تم ايضاً إتلاف أكثر من 16 مليون لتر من المواد السائلة للعام نفسه ، وهذا جرى وفق محاضر ولجان مشتركة وتم توثيق جميع حالات الإتلاف وبحضور اصحاب الشأن تلافياً من اتهام الفرق الصحية بعدم اتلاف تلك المواد وهذا يتم ايضاً مع فرق ألأمن الوطني التي تأخذ على عاتقها العديد من المهام المشتركة معنا  .
اللحوم البرازيلية ممنوعة لكنها موجودة في الأسواق
الدكتور علي كشف لـ " المدى" أنه وبالرغم  من  التهديدات والمضايقات التي تتعرض لها فرقنا الصحية نجد مشكلة أخرى وهي دخول مواد عبر الحدود وهي في قائمة الممنوعات ومنها اللحوم البرازيلية ، داعياً السلطات القضائية الى تشديد العقوبة على مثل هذه الحالات برغم الجهود التي تمارس من قبل الأمن الوطني والجهات الساندة لقسم الرقابة الصحية.
المشكلة ليس فيها خفايا وأسرار
الحاج قاسم صاحب أسواق في منطقة الأعظمية  يضحك بسخرية عالية عند ما  تساءلنا عن قضية  الدجاج الذي تم الكشف عنها  في وسائل الإعلام والذي يحتوي على بكتريا ، وهل في السوق  مثل هذه الماركات؟ الحاج قاسم  قال: هناك  ما يقارب 50% من المواد الداخلة في السوق العراقي ولمختلف الانواع والماركات صالحة للاستهلاك البشرى ، موضحاً أن  المجتمع العراقي يعاني الكثير من هذه الحالة والسبب  معروف للجميع وليست هناك أسرار أو خفايا فيها نتيجة الانفلات المفتوح ما بين الحدود وعدم وجود رقابة وتشديد صارم كذلك  كثرة الأمراض التي اُصيب بها المواطنون  بسبب  البضاعة الرديئة  في السوق، وإن توفرت مواد وماركات جيدة ومنتجات عالمية رصينة  ومستوردة ومن مناشىء معروفة تعد مشكلة التخزين من الاسباب الرئيسة بسبب رداءة الكهرباء التي هي أحد الأسباب الرئيسة لتلف العديد من المواد ومنها اللحوم!
لم نعلم بوجود دجاج غير صالح للاستهلاك البشري
سجاد  أحد العاملين في أسواق (سيڤوي) في منطقة الكاظمية قال : هذه المواد مُنعت  من قبل وزارة الصحة لكن كتاب المنع لم يُعمَّم الى عامة الناس حيث  أغلب المستهلكين يواصلون شراء  هذه المنتجات ولم يتوقف بيعها إذ يجب على الدولة ووزارة الصحة ان تقوم بسحب هذه المنتجات ومحاسبة كل  مَن يقوم ببيعها الى المستهلكين ومحاسبة المستورِد .
سجاد أشار الى أن المنتجات الأخرى لم تتغير اسعارها حيث بقيت ثابتة على ما هي عليه ولكن ازداد سعرها قبل فترة بسبب قطع الطرق بعد احداث الموصل في حزيران الماضي وقطع الطريق مع إقليم كردستان بسبب العمليات العسكرية  حيث أصبحت صعوبة وصول المنتجات التركية وبالتالي ارتفعت اسعارها في ظل توقف الانتاج المحلي .
السوق لم يتأثر بالكشف عن 
الدجاج المصاب بالبكتريا
أبو روان صاحب  (مكتب لتجهيز اللحوم المجمدة ) يُوضح لـ ( المدى ) أن السوق لم يتأثر بأي شكل من الأشكال بقضية البكتريا الذىي تم فيه  الإعلان عن وجود جرثومة في بعض انواع الدجاج التركي والايراني  والأوكراني  المجمد، حيث أن المواطنين  مازالوا يشترون الدجاج التركي والايراني، بل وحتى الهندي المجمد وأية ماركة كانت وان اغلب مطاعم بغداد تأخذ الدجاج التركي المجمد أياً كان نوعه او اذا كان جديداً او قديماً ،لأن تلك  المطاعم تقوم بشوي الدجاج وتقدمه لزبائنها وان اسعار سوق اللحوم والدجاج المجمد لم تتأثر بهذا الموضوع!
أيمن الواسطي (صاحب أسواق في بغداد الجديدة) يُشير لـ ( المدى ) أني أبيع الدجاج المجمد سواء التركي او الإيراني علماً ان الانواع التي ابيعها لم تكن على لائحة الدجاج المصاب بالجرثومة ولكن لم يشترِ أي مواطن الدجاج او الصدر المجمد التركي لأيام عــدة ولكن سرعان ما بدأ الناس بالعودة الى شراء الدجاج وكأنَّ شيئاً لم يكن وان بعض انواع الدجاج المجمد التركي قد ارتفع سعره.
لا أتسوَّق هذا  المنتوج
المدى التقت المواطن  أبا علي وتساءلت  عن قضية الدجاج فقال : كنت اشتري الدجاج المجمد نوع 
(نور الكاظمين) لأنه الدجاج المعتاد عليه أن اتسوَّق منه لكن بعد اكتشاف تلك الجرثومة فيه لم ادخله بيتي ولن اشتري أي دجاج مجمد من أي منشأ كان بعد الآن, ويُضيف لقد لجأ بائعو الدجاج الحي الى نوع جديد من البيع وهو ذبح وتنظيف الدجاجة وبيعها جاهزة للطبخ حالها حال الدجاج المجمد واعتقد انه أمر من المفروض ان يلجأ اليه الناس منذ مدة ويقل اعتماد الناس على الدجاج المجمد .
الدعوة إلى تزويدنا بقوائم الممنوعات
أبو محمد صاحب أسواق في منطقة راغبة خاتون يقول لـ ( المدى ) إننا نسمع بين فترة وأخرى عن وجود كميات من المواد الغذائية او المشروبات او الألبان غير الصالحة للاستهلاك البشري، كما ينشر في العديد من وسائل الإعلام  عن عمليات غش وتزوير في تواريخ  المنتجات وعليه نُطالب القطاع الصحي والموجود في كل منطقة ان يزوِّد أصحاب الأسواق بقوائم تتضمن المواد غير الصالحة للاستهلاك البشري بغية تجنب شرائها من تجار الجملة وبهذا أصبحنا في أمر واقع في حال تبليغ اصحاب الأسواق بالمواد الممنوعة وفى حال العثور على كميات كبيرة منها تكون العقوبة مشددة على صاحب الأسواق وإحالته الى المحاكم لينال جزاءه .
ارتفاع في معدل الإصابة 
بالجهاز الهضمي
الدكتور الاختصاص عماد الفهــد يُشير لـ ( المدى ) أن ارتفاعاً ملحوظاً قد حصل في السنوات الاخيرة لمرضى الجهاز الهضمي بسبب تناول العديد من مواد غذائية صلبة تحتوي على مواد مسرطنة مما تؤدي الإصابة إلى العديد من الأمراض وتترك آثاراً كبيرة في الجهاز الهضمي وتكون في بعض الأحيان  أمراضاً كالتيفوئيد او التسمم ألغذائي وغيرهما ولكن الأخطر في هذا هي الإصابة  المستمرة التي لا يمكن التأكد منها بسبب عدم ظهور أعراض عند المريض نفسه .
الفهد أوضح أن  معدل الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي اخذت بالزيادة وهذا واضح امام جميع المعنيين  والمختصين داعياً الى توعية المواطن الى أهمية تناول الأغذية السليمة .
ليس لنا حـل أو خيار
أبو سرمد 63 عاماً أوضح لـ ( المدى ) بعد أن تساءلنا عن قضية الدجاج والمواد غير الصالحة للاستهلاك البشري؟ أجاب بهدوء: العراقيون معتادون على هذا فنحن شربنا مياه  الحدائق وأكلنا ( النخالة ) أيام الحصار ، وغيرها من الاغذية التي مُلئت بطوننا واليوم تريدني ان اعرف نوعية الدجاج الصالح أو غير الصالح .
وأضاف أبو سرمد  ... هذه ليست مسؤوليتنا  فنحن ليس لنا حل او خيار ونبحث دائما عن الأرخص وهذا هو السوق وعليه يجب ان تأخذ الحكومة مسؤوليتها بهذا الجانب وان لا تكون هناك فسحة واسعة امام التاجر العراقي في حصد الأكثر في ظل غياب  التعليمات وإن وجدت فهي لا تتجاوز الغرامة أو الغلق! 
أم بلال تشارك أبا سرمد الرأي فتقول:  بعض الدجاج يحتوي على  بكتريا والمواد المعلبة هي الأخرى فيها مشكلة والخضراوات المستوردة فيها  مواد كيماوية وغيرها ، والآن ماذا علينا ان نعمل  وقد علمنا أن المأكولات الخاصة بالأطفال كالجبس والحليب وغيرهما فيها مواد منتهية الصلاحية؟ 
في حين أبو مصطفي وهو طبيب بيطري قال: إنه ليس بالضروري ان تكون ضمن الوجبة الكمية جميعها مصابة بالبكتريا فنجد احياناً ان الماركة نفسها توجد في أسواق أخرى لا تحمل  الجرثومة وهذا نجده في البيت نفسه عندما نقوم بتسخين مادة ما لا تصل درجات الحرارة المطلوبة  اليها فتبقى البكتريا في المادة ذاتها.
البرادات في الحدود  هي المشكلة
أبو حسام سائق براد كبير 64 عاماً يقول لـ ( المدى ) أنا لا أمدح شركة او منتج  فحياتي العملية التي تجاوزت  40 عاماً في النقل البري لم أُشاهد أبداً مثلماً يجري حالياً عبر المنافذ الحدودية التي تستمر لأيام عــدة ، وهذه مشكلة وعندما يتم اخذ عينات من الحمولة وأخذ الإذن نواجه مشكلة اخرى وهي الطرق المؤدية الى العاصمة بغداد إذ نواجه اياماً اخرى لنتمكن من تفريغ الحمولة ونلاحظ الآن وبعد ان تم اعادة الطريق ما بين بغداد  وكركوك حجم طابور الشاحنات المتوقفة عند بوابة بغداد . أبو حسام أضاف: إني لم أرَ مثل هذه الحالة ابداً ، وأنا ناقل ما بين الاردن والعديد من الدول العربية ومنها العراق .
 التفكير الجـدي في  تأسيس هيئة وطنية للغـذاء والدواء
الدكتور عمار جبار أشار لـ ( المدى ) أن تجربة الهيئة الوطنية  لانتقاء الغذاء والدواء  معمول بها في العديد من دول العالم خصوصاً أميركا واليابان ودول أوروبا ، إذ تحدد واجبات هذه الهيئة بإجراء فحص جميع الأدوية والأغذية سواء المستوردة أو المنتجة محلياً، و لهذه الهيئة الدور الأكبر في فحص جميع الاحتياجات الأخرى كالملابس وبيان صلاحيتها للاستهلاك البشري ، إضافة إلى المواد الصناعية الأخرى ومدى تأثيرها على البيئة مطالباً الجهات المختصة والتشريعية للتفكير الجدي في تأسيس هذه الهيئة . ختاماً ... نقول: إن المشكلة في رأينا ليس بتأسيس هذه الهيئة او تلك للمحافظة على صحة المواطنين ، اذ كما معروف يتم فحص المواد الغذائية في المنافذ الحدودية ، لكن الفساد اولا التهديدات ثانيا تقف حائلا امام فحص المواد الغذائية بالشكل الصحيح ، لذا يتم دخول الدجاج المجمد المحمَّل بالجراثيم وغيره من المواد الغذائية بسهولة الى العراق ، والحل في رأينا يكمن في تشديد الرقابة على العاملين في المنافذ الحدودية لكي لا يسمحوا بدخول المواد الغذائية الفاسدة ، لكن هذا الأمر لن يتحقق ما دامت هناك رؤوس فاسدة تعمل في المؤسسات الحكومية !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram