أخذت قضية استبعاد أمين عام اتحاد كرة القدم السابق احمد عباس من الترشح للمنصب نفسه في الدورة الجديدة اهتماماً واسعاً خرج عن نطاقه المحلي نظراً للمكانة التي يحظى بها عباس وخدماته النزيهة أولاً والجدية ثانياً والعقلانية في حسم القرار الإداري سواء ما يتعلق بأنشطة داخلية أم مواجهة أطراف عربية ودولية لطرح القناعة العراقية بقوة وكسب مؤيدين لها بحكمة وخبرة كبيرتين لم يظهر منافس يسرق أضواء تلك المزايا منه حتى الآن.
إن من يتسم بتلك الأوصاف في زمن غلبت فيه صفة الأنا يفترض أن نحرص عليه ونعمل المستحيل من اجل توظيف خبراته في الظرف الراهن الذي يتفق جميع أعضاء الاتحاد على ضرورة تنقية الأجواء مع المحيط الخارجي بقيادة أمين سر كفء يعرف كيف يقود مركب الاتحاد المضطرب (صراحة) إلى برّ الأمان بمواجهة استحقاقات مهمة لمنتخبات بحاجة إلى تحرك اتحادي فاعل لضمان نجاحاتها عبر التنسيق والتعضيد ( العراقي – الخليجي ) خاصة باعتباره بوابة استعادة المكانة التي تليق بالكرة العراقية عربياً وآسيوياً لاسيما في ملف الدبلوماسية الخطير الذي تعرّض لأزمات عدة بسبب ضعف أمانة سر الاتحاد وتقبلها العمل بـ( الإملاء ) وتوتر العلاقة مع ( فيفا ) وحتى الاتحاد الآسيوي وتلقى الاتحاد في الدورة الماضية سيلاً من الاتهامات وصلت إلى حد تشكّي وزير الشباب السابق من تمرير الاتحاد رسالة الكترونية إلى محمد بن هُمام تذمّر فيها من التدخل الحكومي بشأن عمله، ثم توجيه أصابع الاتهام إلى رئيس الاتحاد السابق ناجح حمود بتصويته لصالح سحب ملف خليجي 22 من البصرة، فضلاً عن الصوت العراقي الذي بقي سراً في انتخابات الاتحاد الآسيوي للعبة، إلى شظايا العقوبة الدولية باحتضان ملعب المدينة الرياضية بالبصرة بطولة رباعية بسبب الخلاف المستديم بين الوزارة والاتحاد وسوء التعاطي مع قرار الحظر الدولي ، وتبقى القضية التي أثارت الجدل في الساحة الكروية هي صدور قرار محكمة كاس الدولية بإبطال انتخابات 2011، كل ذلك لم يكن ليحصل لو تواجد أمين عام يتمتع بالقدرة الفائقة على احتواء الأزمات وإحكام السيطرة على مقاليد الاتحاد بعيداً عن الأهواء والتصادمات والانفراد عن منظومة الرياضة العراقية!
صراحة إن تاريخ اللعبة في العراق منذ عام 1948 حتى الآن شهد شخصيات مؤثرة في خُلقها وعملها أسهمت في رفع مكانة البلد إلى مصاف الاتحادات الدولية ولعبوا دوراً بارزاً في حماية كرتنا من المؤامرات ومنزلقات الحشد القاري لإسقاط الآخرين وكرّسوا نهجاً محترماً يحسب له حسابه في اللقاءات الدولية على مستوى الاجتماعات والبروتوكولات ولم يكن العراق يوماً تابعاً لحملة انتخابية لشخصية خليجية أو عربية ولا جسراً لتمرير قرارات حاسمة ولم تكن منتخباتنا تستضاف على موائد وفنادق مدفوعة من كيس (الخطية) ، بل كان الأسد العراقي يأمر ويتلقى التحية وهو يقف بقامته البهية يتقدمه رجال مخلصون لم نرَ مثلهم في الحقب الماضية وأبرزهم الجنرالين د.عبد القادر زينل واحمد عباس ، الأول يسكن الغربة وروحه تصارع وحشة الفراق عن العراق ، والثاني لم يدر بخلده أن أمانة قلمه ونظافة قلبه ستحولانه إلى خصم غير مرغوب فيه لبعض الاعضاء كانوا يتمنون مصافحة يده قبل أن تمكنهم الظروف من عضّها اليوم !!
نتعاطف مع عباس لأنه تعرّض إلى ظلم التفسير الملتبس للمادة (60-5) من النظام الداخلي للاتحاد التي منعته من الترشح لمنصب الأمين العام وغيره لصق بمقعده لأكثر من 5 سنوات وكالة لم يبق رجل قانوني إلا وطعن بها لقيامه بالتوقيع أصالة بذريعة تمشية المخاطبات !! ولأننا أيضاً نريد من عباس ومن المرشحين الآخرين أن يقفوا على مسافة واحدة من التقييم ولا يُفرض أحدهم بقوة الوصاية السياسية أو الحزبية أو الاجتماعية أو أي مؤثر خارج مؤهلي ( الكفاءة والسمعة ) في أصعب ظرف تمر به كرتنا لإصلاح أحوالها ، مع يقيننا و(عباس) يعلم بذلك من خلال مهاتفتي له قبيل إجراء الانتخابات بثلاثة أشهر أنه أخطأ بترشحه إلى منصب النائب الثاني فشخص مثله وبعد كل سنيّ خدمته لا يفترض به كاتحادي قديم في المهنة وجنرال مقتدر أن يترجل إلى سلالم النزول، بل يرتقي إلى القمة ليمسك رئاسة الاتحاد مثلما يستحق أو يبقى أميناً عاماً مستقلاً بترشحه ليستعيد اعتباره يوم رمى ورقة الاستقالة رافضاً العمل الفوضوي عام 2009 !
لذلك ندعو رئيس وأعضاء اتحاد كرة القدم إلى مراجعة رؤيتهم للمادة القانونية ذاتها كي لا تكون مطية تفسيرات خاصة ربما يدفع ثمنها مرشح آخر في الدورات الانتخابية المقبلة ، فاحمد عباس انتهت علاقته بالهيئة العامة منذ فضّ المؤتمر الانتخابي ونرتأي حلاً للمشكلة أن يبادر بسحب تمثيله من نادي الجيش لأنه ليس عضواً مستمراً على ملاكه ولا يشارك في أنشطته وما نيله كتاب التمثيل إلا تسهيل إداري لمشاركته في الانتخابات على غرار تمثيله له عام 2011 وخسرهما مرتين بغدر كما ذكر ٍ نتيجة الصراعات الكتلوية، لتتاح له الفرصة أن يغدو مستقلاً ولا تلزمه أية مادة أخرى تحول دون قبول ورقة ترشحه، وتبقى الكلمة الأخيرة لمن يرى في أمانة السر أملاً يستعيد به مهابة اللعبة أو قلَماً تتلاعب به جميع الأصابع !
مـن غدر بالجنرال ؟!
[post-views]
نشر في: 20 سبتمبر, 2014: 09:01 م