ظل رئيس مجلس الوزراء السابق، نائب رئيس الجمهورية الحالي، يرفض بعناد المثول أمام مجلس النواب، إن بصفة رئيس الحكومة أو بصفة القائد العام للقوات المسلحة، لمساءلته عما يجري في البلاد ودور الحكومة والمؤسسة العسكرية التي يقودها في ما يجري.. بل انه منع أعضاء الحكومة والقيادات العسكرية والأمنية أيضاً من الحضور أمام ممثلي الشعب.
الدستور نصّ صراحة على خضوع السلطة التنفيذية برمتها لرقابة مجلس النواب، وعلى حق المجلس في مساءلة رئيس مجلس الوزراء وسائر أعضاء الحكومة، ورفض المثول أمام المجلس يمثل عصياناً لأحكام الدستور الذي لولاه ما كان السيد المالكي سيحكم البلاد ثماني سنوات متصلة.
موقف السيد المالكي في هذا الشأن سببه مفهوم ومعلوم ومعروف للقاصي والداني، فالحكومة والمؤسسة العسكرية والأمنية التي بإمرة المالكي لم تؤد ما كان محتّماً عليها تأديته من واجبات، بل انها لم تصنع قصة نجاح واحدة ذات قيمة مقابل قصص الفشل المتراكمة، وبخاصة في أهم ميدانين، الأمن والخدمات.
السيد المالكي كان يتذرع بحجتين اثنتين، الأولى ان في المجلس إرهابيين أو متواطئين مع الإرهاب أو داعمين له، وانه لا يريد أن يضع الأسرار بين أيدي هؤلاء حفظاً للأمن الوطني الذي لم يكن محفوظاً بأي درجة أو صورة أو شكل في أي يوم من أيام ولاية السيد المالكي الثانية على وجه الخصوص، والحجة الثانية ان ما بين أيديه من خفايا وأسرار يمكن لكشفها أن يقلب الطاولات رأساً على عقب ويخرّب العملية السياسية.. بعض الذين كان يقصدهم المالكي بذريعته الأولى كان هو بالذات من استثناهم من إجراءات المساءلة والعدالة عشية انتخابات 2010، أما الخفايا قالبة الطاولات فقد جرى التعامل معها وبها وفقا لمبدأ ازدواجية المعايير.
هل صار ذلك من حكايا الماضي التي يتعيّن نسيانها؟.. لا أبداً، فالحاضر يعيد إنتاج ذلك الماضي على نحو أكثر سوءاً. وللسيد المالكي يد في هذا.
أمس أدى المدعو مشعان الجبوري اليمين الدستورية بوصفه عضواً في مجلس النواب، يحل محل أحد النواب الذين استوزروا.
مشعان إرهابي رسمي، ضالع في الإرهاب ومتواطئ مع الإرهابيين وداعم لهم أكثر من كل الذين كان يتحجج المالكي بوجودهم في مجلس النواب ليمتنع عن الحضور الى المجلس هو ووزراؤه وقياداته العسكرية والأمنية.
مشعان فرّ من البلاد الى سوريا مُلاحقاً بتهم الفساد المالي والإداري والضلوع في الارهاب، وحكم عليه القضاء في القضية التي أدين بها مع أحد أبنائه، وهي الاستيلاء على المبالغ المخصصة لإطعام جنود أفواج حماية النفط التابعة لوزارة الدفاع، وفي قضايا أخرى.
تحت جناح النظام السوري الذي كان يقدّم لإرهابيي "القاعدة" تسهيلات التدريب العسكري والتسليح والعبور الى الأراضي العراقي لشنّ عمليات إرهابية راح ضحيتها مئات الآلاف من العراقيين، أنشأ مشعان قناة فضائية سخّرها لخدمة الجماعات الإرهابية، بل انه كان بنفسه يحرّض ضد الدولة العراقية ويصف كبار مسؤوليها، بمن فيهم السيد المالكي وحزبه، بانهم صفويون وعملاء لإيران. وكانت قناته تعلّم مشاهديها كيفية صنع العبوات الناسفة وتفجيرها، ومواقع التواصل الاجتماعي ، وأرشيفاتنا، حافلة بكل الأدلة التي تثبت هذا بالصوت والصورة وتدين مشعان بموجب أحكام قانون مكافحة الارهاب.
فجأة عاد مشعان الى البلاد بحماية ورعاية النائب السابق عن دولة القانون عزت الشاهبندر، الذي كان يومذاك مقرّباً جداً من السيد المالكي. ما كان بإمكان مشعان أن يعود وما كان بمقدور الشاهبندر أن يرعى عودة مشعان لولا وجود ضوء أخضر من المالكي نفسه الذي كان يبحث عن حليف "سني" يبارك للمالكي نزوعه نحو الولاية الثالثة.
وبدلاً من أن تقوم أجهزة تطبيق القانون بتطبيق الأحكام على مشعان، وبدلاً من أن يتحرك جهاز الادعاء العام لتحريك دعوى ضد مشعان بتهمة التحريض على الإرهاب عبر فضائيته، وبدلاً من أن يتحرك السيد المالكي نفسه وسائر مسؤولي حزبه وحكومته لرفع دعاوى ضد مشعان بتهمة القذف والسب وإهانة موظف حكومي أثناء قيامه بمهامه الوظيفية، كما فعل في الدعوى ضد زميلنا سرمد الطائي وغيره، فان القضاء سارع لنقض كل أحكامه السابقة في حق مشعان عن تهم الفساد والارهاب، بل ان مشعان تحت جناح دعم المالكي وتشجيعه رشح في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في نيسان الماضي عن القائمة العربية المتخمة بمن كان يتهمهم المالكي بالإرهابيين أو المتواطئين مع الإرهاب وداعميه... لم يفز مشعان لكنه مُنح الآن مقعداً تعويضياً في المجلس، ليجعل للإرهاب والإرهابيين مقعداً رسمياً.
وجود الإرهابي مشعان في مجلس النواب وصمة عار في تاريخ السيد المالكي وحزب الدعوة الإسلامية وكل نواب وأعضاء دولة القانون، ومعهم أيضاً كل أعضاء التحالف الوطني وسائر أعضاء البرلمان الذين لم تتحرك دماء الغيرة الوطنية في عروقهم ليمتنعوا عن الوقوف لمشعان وهو يؤدي اليمين أمس وليعترضوا على دخوله الى مجلسهم متحدياً مئات الآلاف من ضحايا الإرهاب وملايين العراقيين المكتوين بنار الإرهاب على مدار الساعة.
وصمة عار.. اسمها مشعان
[post-views]
نشر في: 20 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 8
عبد الحسين طاهر الحمداني
اخي لحبيب عدنان حسين ما ان ظهر مشعان لجبوري على شاشة العراقية يدين جريمة سبايكر وياشر على اسماء القتلة بحماس وجرأة حتى نسيت كل اخطاءه ونهضت اصفق له بل وكتبت موضوع على صفحتي يشيد بمواقفه ايام المعارضة باعتبره من اللممولين لها نعم كنت متابعا لاذاعات المعارض
ابو اثير
سيدي الكريم ... وصمات العار يجب أن تطال القضاء العراقي الذي بقي أسير ورغبات وأحلام السلطان طيلة أكثر من عشرة سنين وألأمر لا يتوقف على مشعان الجبوري فقط بل أن هناك ملفات جرمية وضعت في أدراج بعض القضاء وعدم تحريك هذه القضايا والملفات الجرمية لكونها تخص نواب
رمزي الحيدر
بالفعل وصمة عار و نذير شؤم بأن يصبح مشعان عضو بالبرلمان والمسؤول الاول عن خراب العراق نائب لرئيس الجمهورية و وزير متهم بسرقة لوري .
كاظم الأسدي
لاأجد أن ماقام به النائب الحالي مشعان الجبوري من أعمال ومواقف سلبية علنية من العملية السياسية تستوجب منعه من حق الترشيح للبرلمان ؟؟ وخصوصا اذا ما قورنت أعماله تلك بالممارسات المماثلة للكثير من النواب الحاليين ولكنها كانت غير علنية وتجري في الظلام
د عادل على
مشكله العراق هو التضاد بين عقليه البدو الدين قدموا من شبه الجزيرة العربيه واستقروا فى غرب العراق والحضر الدين كانوا مستقرين فى جنوب البلاد وكوردستان العراق ---انه هناك صراع دائمى مند دخول الجيوش العربيه واحتلالها ارض المتحضرين فى ال
ابو سجاد
شكرا جزيلا استاذ عدنان لتناولك موضوع طالما ارق العراقيين الوطنيين الشرفاء ولكن لانريد منك ولا من جريدة المدى ان تكتفي بهذا العمود فقط لتناول قضية الارهابي وراعي الارهاب والمحرض الطائفي وقائد المنظمة الارهابية القاعدة في العراق وخاصتا عندما ادخلها داخل الس
محمد سعيد العضب
لاغرابه من احقيه هذه التساؤلات , ايها الكانب .فالدوله في العراق الان تعيش في ضياع ,حينما تم التركيز عبر اعاده البناء عل ترقيع اجهوه وهميه منها البرلمان( الذي ظل في الحقيقه والواقع لايحل ولا يربط) وفي ذات الوقت تم اغفال ناسيس اجهزه الديمقراطيه الحقيق
فؤاد جهاد شمس الدين
من المفرض ان يخضع المالكي وطاقمه من الفاسدين، خاصةً رئيس ما يسمى بالسلطة القضائية المحمود، الى المسائلة القضائية سواء من قبل السلطة التشريعية او من قبل الجمهور العراقي بشكل عام. أحيلك يا سيدي الكاتب الى مقالي المعنون: الهجوم الإرهابي على مؤتمر الاوبك ال