هل يتكرّر سيناريو حكومة المالكي الثانية (2010 -2014) فتبقى الدولة من دون وزيرين للوزارتين الأهم في الظرف الراهن، الدفاع والداخلية، لتظلا في أيدي رئيس مجلس الوزراء، ممّا يمكن أن يفاقم من نزوعه للسيطرة واحتكار السلطات والتفرّد بالقرار، كما حدث مع السيد المالكي؟
في السياسة، كما في الحياة العامة، كل شيء قابل للحدوث، وتجربتنا بالذات على مدى السنين العشر الماضية تفيد بأن أسوأ الأحداث والحالات قابل للتكرار أكثر من الأحداث والحالات الجيدة، وهذا ما نتلمّسه في أوضاعنا السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية التي مضت بثبات من سيئ الى أسوأ.
لا يحتاج سيناريو حكومة 2010 لكي يتكرر سوى إلى أن تفعل الأطراف المعنيّة باختيار الوزيرين الأمنيين ما فعلته في السابق وتفعله الآن.. أن تتمسك بمواقفها وأن يركب زعماؤها رؤوسهم الفارغة من الشعور العالي بالمسؤولية حيال مصائر الناس ومستقبل البلد، غير مكترثين بالموت الجماعي المجاني للعراقيين وبالمحن المتفاقمة المتصلة التي يكابدونها.
لكن هذا أمر غير مقبول بالمرّة هذه المرة .. السيناريو الأصلي (السابق) انتهى الى كارثة وطنية شاملة.. مئات آلاف القتلى والجرحى والمعاقين والأيتام والأرامل والثكلى، ونحو مليونين من المهجّرين والمفقودين والسبايا، وعشرات مليارات الدولارات خسائر مادية، وسقوط ثلث البلد تحت سيطرة أشد منظمة إرهابية في العالم.. والحساب مفتوح!!
مع انه كانت هناك تجربة سابقة، بيد ان الطبقة السياسية المتنفذة لم تشأ أن تتعلم من تلك التجربة وأن تعتبر بعواقبها الكارثية.. رئيس مجلس الوزراء الجديد الذي أظهر عزماً قوياً على استكمال تشكيلة حكومته، لم ينجح في تحقيق وعده بسبب المواقف المتعارضة للأطراف السياسية، بل قل بسبب التضارب في المصالح الشخصية والحزبية.
أظن ان على السيد حيدر العبادي أن يتصرف من الآن فصاعداً بوصفه المعني الأول والأخير الذي لا شريك له في أمر التعيينات في الدفاع والداخلية.. انه منح الأطراف المعنية كل الوقت الكافي ثم استنفد الأوقات الإضافية، وسقط منهم كل عذر أو حجة لعدم الاتفاق على مرشحي الوزارتين.
أفضل خيارات السيد العبادي، وهو كذلك بالنسبة للدولة العراقية والشعب العراقي، أن يتولى هو بنفسه اختيار الوزيرين وتقديمهما الى مجلس النواب.. الأمر بالطبع سيتعلق بمن يختارهما العبادي، والخيار الأفضل أن يتجنب الاختيار من أيّ من القوى السياسية المتصارعة على المنصبين، بل أن يبحث عن الوزيرين خارج الطبقة السياسية كلها.
ليست الوطنية حكراً على الأحزاب والجماعات السياسية الحاكمة أو التي خارج الحكم وعلى منتسبيها، فهناك المئات من الشخصيات الوطنية حتى النخاع خارج هذه الأحزاب، ومن المؤكد ان بوسع السيد العبادي أن يجد بين هذه المئات من الشخصيات المدنية والعسكرية واحداً في الأقل يصلح لقيادة وزارة الدفاع بكفاءة ومهنية، وآخر لوزارة الداخلية.
الذين يصوّتون في الانتخابات للأحزاب والجماعات السياسية كلها يقلّ عددهم عن نصف عدد الناخبين الفعليين وعن ربع عدد الناخبين عموماً، أما الآخرون فيمكن وصفهم بالمستقلين.. هؤلاء جزء كبير من الشعب العراقي له الحق هو الآخر بالتمثيل في الحكومة.
أفضل خيارات السيد العبادي أن يختار شخصيتين مستقلتين للدفاع والداخلية ليجعل من الوزارتين مؤسستين وطنيتين عن حق، الواحدة منهما لا سنية ولا شيعية ولا عربية ولا كردية أو تركمانية أو آشورية أو كلدانية، بل عراقية فحسب.
السيد العبادي.. هذا أفضل الخيارات لك ولنا.. إمضِ نحوه، ونحن سنقف معك بكل قوة وثبات.. سندافع عن خيارك هذا وسنتصدى لمن يعوّق مسعاك من الطامعين في المناصب لأسباب مصلحية.
خيار العبادي الأفضل
[post-views]
نشر في: 21 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
الناصري
الياسري للداخليه الدكتور نوري غافل الدليمي للدفاع او الدكتور عامر شياع الجبوري ابن الضلوعيه الصامده للدفاع