اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > بسبب غياب التخطيط وأزمة السكن..لدينا 1552 حيّاً عشوائياً يسكنها مليونان ونصف المليون

بسبب غياب التخطيط وأزمة السكن..لدينا 1552 حيّاً عشوائياً يسكنها مليونان ونصف المليون

نشر في: 26 سبتمبر, 2014: 09:01 م

هذه الارقام هي التي قادتني للكتابة عن العشوئيات . تقول الارقام التي ذكرتها وزارة التخطيط ان عدد العشوائيات في العراق تبلغ 1552 يسكنها مليونان ونصف المليون شخص ، أي ان ساكني العشوائيات يشكلون 7% من عدد نفوس العراق ، وقبل ان تتفاجأوا بهذه الارقام نقول

هذه الارقام هي التي قادتني للكتابة عن العشوئيات .
تقول الارقام التي ذكرتها وزارة التخطيط ان عدد العشوائيات في العراق تبلغ 1552 يسكنها مليونان ونصف المليون شخص ، أي ان ساكني العشوائيات يشكلون 7% من عدد نفوس العراق ، وقبل ان تتفاجأوا بهذه الارقام نقول ان وزارة التخطيط توقعت ان نحو عشر سنوات ستمضي قبل القضاء على العشوائيات التي تنتشر بشكل خاص في بغداد والبصرة.
ما هي العشوائيات ؟ وكيف تكونت ؟ ومن يسكنها ؟ عن كل ذلك أجرينا تحقيقنا هذا فلنقرأ :

 

العشوائيات تجمعات سكنية تتشكل من دون تخطيط عمراني أو مدني تتجاور فيها البيوت اضطرارياً بسبب عدم حصول ساكنيها على مساكن نظامية ، وهي نتيجة للهجرة الاضطرارية لأسباب اقتصادية أو أمنية. بدأت هذه الظاهرة منذ الأربعينات واستمرت بنسب محددة لكنها ازدادت بشكل كبير في التسعينات وتضاعف هذا العدد بأكبر نسبة له بعد سقوط النظام السابق ولم يزل يأخذ بالازدياد! 
(المدى) تقدح ذاكرة بعض المواطنين ليستذكروا البدايات والعلاقات وتطور هذه الظاهرة ثم تعرج على الحلول. 
 
قصة الماضي وظلم الإقطاع
شمخي حسان جعفر (70 سنة) يستذكر: نزحنا من ظلم الإقطاع والحياة البائسة لنسكن أراضي كانت مهملة في بيوت من طين كانت تسمى الصرائف تحيط بنا المستنقعات وأنواع القوارض والحشرات ،كنا نضيء منازلنا بوضع النفط في قنينة زجاجية وتوضع فيها فتيلة من القطن ،وتشعلها لتضيء الليل الدامس ،طبعا هذا الضوء يخلف الدخان الأسود ،ومن كان يوفر من عمله بعض المال يشتري الفانوس أما إذا تطور الحال أكثر لأي من جماعتنا فإنه يشتري (اللوكس)وهو مصباح قوي الإضاءة يعمل بضغط النفط ليتوهج بشدة ،فيتمكن من دعوة الأصدقاء والأقارب ويعقد لهم مجلساً في حجرة كبيرة من الطين يتسامرون فيها ويصبح بيته داراً للندوة ،أما الماء فقد تعطفت الحكومة على الساكنين وأسسوا لهم (مزنبلات أي حنفيات) داخل صبات كونكريتية حيث تذهب النساء ليملأن الأواني بالماء الذي يتم خزنه في الحبوب وهي أوان ٍ خزفية .
المستنقعات والبرك والضفادع
بينما علق مطشر عكاب السوداني (65سنة) يقول: المستنقعات والبرك قريبة من تلك البيوت ، بل تحيط بها حيث تخلف الضفادع والحيوانات والجرذان والفئران اضافة الى الكلاب السائبة وينتشر البعوض بنوعيه (البـك_والحِرمس) وحتى لا تنتشر الأمراض وتسري في المدنية تعالج الحكومة ذلك عن طريق رش هذه المستنقعات بالنفط الاسود او بمواد كيمياوية يرشها عامل يحمل على ظهره قنينة بخرطوم وهي تشبه آلة إطفاء الحرائق تخرج الضفادع المسممة وقد استحمت بالكيمياوي او النفط الاسود يتغير لون جلدها من الأخضر الداكن الى الاسود اللماع ، وتستخدم مديرية الوقاية من الامراض المتوطنة عربات رش المبيدات باستخدام الدخان الأبيض في محاولة منها لمعالجة البعوض الناقل للامراض السارية وتسير في الشوارع الترابية ببطء مطلقة الدخان الابيض ونحن نركض خلفها والشجاع هنا من يرمي بنفسه في وسط الدخان الكثيف تحدياً (لأم الدخان) وذلك يفيدنا في القضاء على الحشرات المنتشرة في رؤوسنا حيث نشعر بدبيها وتساقطها على ملابسنا ، لكن ذلك الدخان يسبب لنا الإصابة بأمراض التنفس .
الأقرباء قرب بعضهم 
اما مدرس التاريخ (سالم حسن) يقول: كان الحرص شديداً على ان يسكن الاقرباء بالقرب من بعضهم البعض فكنا في السابق نصنف مناطقنا حسب تلك التجمعات كأن نقول: (منطقة الدلفية) اول منطقة، (البو دراج) او (المعدان )او البربرة،او بني لام. أوجد التحول الى مناطق اخرى تلك التجمعات نفسها، مثلا مدينة الثورة (مدينة الصدر) تجمع الأكراد في منطقة سُميت حي الاكراد او منطقة (بيت سويري) او (شارع السادة) المناطق الجديدة لم تتغير ولم تتفكك منظومة التقاليد القديمة التي تشكلت على اساس (التكيف)او (الحماية الذاتية) برغم انتظام الشوارع والمدارس ومراكز الشرطة والتنظيمات السياسية وما شابه ، وبرغم ان الأبناء قد ارتدوا البناطيل (الجارلس) واتبعوا موضة (الخنافس والزلوف) ودخلوا المدارس وتابعوا التلفزيون وموديلات السيارات إلا ان مفاهيم من نوع (الكوامة) ،و(الكليط)،و(الفصل)،و(العضاب)، و(العطوة) و(النهوة) وغيرها لم تنتهِ، بل ازدهرت في ظل وجود السلاح وتكاثر المواليد في البيوت الضيقة وانهيار القوانين التي تنظم علاقات العمل وازدياد فرص الاختلاف العشوائي وانتشار التلفزيون وضخة الساذج والمكثف للافلام المصرية والهندية والكابوي الاميركية التي تشكل عشوائية للاحلام وتعرض العقل الى ترويض وتخدير سياسي وتعسفي مما يؤدي الى الاختلاف والتناقض في الواقع حيث يدفعنا ذلك الى البحث عن ملجأ للتنفس فكانت الكتب بدءاً في الروايات الى القصائد الى المقالات والمؤلفات الفكرية والفلسفية ثم التأليف لإعادة انتاج الأحلام المستحيلة إلا ان كل ذلك يتغير ولم يغير من قواعد المنظومة العشوائية والعشائرية شيئاً التي ننتمي إليها.
الأعداد المضافة تصمد
مدينة الصدر لا يمكن ان تصمد طويلا في استيعاب الأعداد المضافة من المواليد او المهاجرين الجدد لذا يجب انتاج مساحة ارض جديدة لتستوعب الأعداد الجديدة، الناس مستسلمة لأقدارها ينتظرون المعجزات وباقون يتناسلون وتتناسل العشوائيات فكلما كان المكان كانت الولادات والذكريات ويضيق المكان حيث تحتاج الى امكنة مضافة والارض لا تتناسل ولا تنتجها المعامل ولا تصدِّر او تستورد ولهذا كلما تقدم الزمن تضيق الأرض ويرتفع سعر الشبر الواحد.. فهل لدى خبراؤنا (التكنوقراط) المتزودين من نهل البلدان الحديثة حلا لإيقاف تناسل العشوائيات وتناسل ذكرياتها المريرة؟ وستمر السنين ثم تزدحم هذه الأماكن ويزداد الإنجاب وتتحول قطعة الأرض الواحدة إلى أربعة بيوت ثم تضاف إليها الأرصفة والساحات والترك فتطفح المجاري وتعود المستنقعات من جديد ويعود تنور الطين والفانوس وتضاف مناطق مجاورة حيث تظهر عشوائيات جديدة وربما حي جديد يمكن أن نُسميه حي الحواسم لتصنع هذه الأحياء لأطفالنا ذكريات جديدة مؤلمة ! 
 
نهرب إلى معامل الطابوق للعمل 
ويشير معن جليل مكطوف حي طارق/ معلم في حديثه قائلاً: كنا نهرب من العسكرية لنعمل ليل نهار في معامل الطابوق ونختفي في المقالع نعمل مع الحمير بأجر متواضع ، كنا نجعل الحمار يقود عربة مشدودة اليه فارغة ويذهب الى مكان (تحميل اللبن) وهي مادة الطابوق قبل دخولها الفرن وينتظر حال ملئها ويجرها وحده من دون ان يقوده احد ليتوجه الى الكورة ثم يقف لينتظر انزال حمولته من قبل العامل وحالما يشعر أنه قد أفرغ تماما من الحمولة يتوجه لوحده الى مكان التحميل مرة أخرى وهكذا فهو يعرف واجبه ليؤديه بكل دقة ، ولا أدري لماذا يتهمون الحمير بالغباء ؟ ومثلما كانت المعامل تنهش الارض لتخلق خرابا وحفرا عميقة (مقالع) كان هناك اناس يبنون بيوتا عند تلك الاخاديد من الصفيح حيث يستخدمون علب الزيت الكبيرة الفارغة وسمي ذلك المكان بحي (التنك).....وهكذا تزحف الناس الى هذا المكان الجديد لتسكن وتبني عشوائياتها الجديدة و(يفرِّخون) فيها وينشأ الاطفال الجدد وذكرياتهم الجديدة ليصبحوا فيما بعد رجالا يحملون ذكريات عن الحواسم والفساد الاداري والمالي والبطالة والارهاب وشحة الماء ...ومأساة الكهرباء و(الكوليرا) او (التيفوئيد) وامرض جديدة مستوردة مثل افلاونزا الطيور وافلاونزا الخنازير وامراض خطيرة اخرى ربما معبأة بالبراميل الفارغة التي تركها الاحتلال قبل الانسحاب.
شجون نراها من المسؤولين
عبد الحسن يوسف عسكري متقاعد : ما يثير الشجون هو ما نراه من الاستجوابات في البرلمان كل دوره برلمانية فعلى الرغم من كونها ظاهرة تجعل الناس يطلعون على ما يحدث من خروقات وهدر للمال الا انها في الوقت نفسه تشعرك ان هناك مليارات تضيع ،بامكانها ان تجعل الناس يسكنون في منازل لائقة ،وبالرغم من كل ما يقال بين اتهام ورد فاننا نحكم من خلال ما نرى فان هناك مدناً تنعم بالخدمات ومدناً يغطيها الغبار وتحاصرها المستنقعات والاوحال والنفايات ،ولا ادري كيف تغمض عين مسؤول وهو يمر بمدينة توجد فيها ملاعب زاهية للاطفال مثل منطقة المستنصرية ،ومدن اخرى لا يوجد فيها شارع واحد منتظم ،مثل منطقة ام الكبر او سبع قصور او منطقة المعامل وغيرها ؟ ولكننا لا نلومهم لأنهم لا يسكنون تلك المناطق.
العشوائيات مثل ..الحواسم 
علاء الماجد/صحفي يقول :ازدادت العشوائيات ما بعد السقوط بشكل معروف وملفت للنظر وبنوعية متميزة إذ ان العشوائيات الاضطرارية في السابق كانت تنمو في اطراف المدن بعيدا عن المراكز وعن الساحات الداخلية وما تسمى (الحواسم) اليوم عشوائيات اختارت مراكز المدن حدائق ،ساحات،محرمات نفطية،كراجات،دوائر حكومية سابقة ،عمارات سكنية قيد الانشاء مجمعات حزبية انشأها النظام السابق مخازن ، ولهذا نجد مثل هذه العشوائيات مثل حواسم حي البنوك وحواسم الكرادة وحواسم مدينة الشعب وحواسم حي اور وحواسم جميلة ومناطق الكرخ تكون قد أنجزت خدماتها الأساسية بسهولة بنفسها من الكهرباء والماء ،والمجاري من دون استئذان من البلدية ومن الطبيعي ان تحمل معها تقاليدها (القبلية) الآن لم يعد مركز الشرطة قادراً او متفرغاً لحل النزاعات او الخلافات الاجتماعية ولم تقتصر تلك العشوائيات على دور السكن فقط، بل محال تجارية وكراجات لمبيت السيارات واسواق وهناك بيع وشراء وأستئجار وهم مطمئنون على أساس ان الحكومة تحتاج الى وقت حتى تلتفت الى هذا الامر ويمكن الحصول على تعويض فيما بعد .
سوء الخدمات والتوسع 
كاظم عبود سماري/مصور فوتوغرافي وصحفي يقول: لقد تحيز النظام بشكل واضح الى مناطق دون أخرى ولهذا كانت مدينة الصدر قد توقف نموها بسبب سوء خدماتها ولم تتوسع بطريقة مدنية مما أضطر بعض الناس الى انشاء بيوت عشوائية خلف السدة مثل معامل /حي التنك ،سبع قصور وغيرهما في الوقت الذي توسعت مناطق بشكل سريع وبتخطيط عمراني حديث حيث ان منطقة الشرطة اصبحت لها تسميات من نوع الشرطة الاولى والشرطة الثانية والثالثة والرابعة ..وهكذا ، التخطيط العمراني السيء لمدينة الصدر سيكون عقبة كأداء امام أي تطور عمراني للمساحات.
الحلول والمعالجات
بعد هذه الجولة الاستذكارية التي تؤرشف تاريخ النزوح العشوائي نسأل الدكتور سلمان كيوش أستاذ علم النفس ويعد من المهتمين بالظواهر الاجتماعية والسكانية عن تأثيرات النزوح والحلول ،يُجيب مشكورا: 
إن أول وأوضح مؤشر على التخلف العمراني هي ظاهرة النزوح والهجرة غير المنظمة وتكوين العشوائيات من نتائجها لهذا اننا نخسر مرتين مرة لأننا تركنا أرضا زراعية تحتاج إلى أيدٍ عاملة واختصاصية انتقلت الى أعمال ليس من أختصاصها ومرة اننا اثقلنا كاهل المدينة غير المستعدة أصلا لاستقبال مثل هذه الاعداد الكبيرة وعلى الرغم من ان الظاهرة حصلت مرة في أوائل الخمسينات تحت مسمى أقتصادي واجتماعي عادت وللأسف مرة أخرى تحت مسمى آخر وهو النزوح الأمني (التهجير) حيث ترتب عليها بناء عشوائي يفتقر الى أبسط قواعد التخطيط العمراني ،ويضيف الدكتور كيوش الى أن رابطاً بين السكن والتكوين الانساني :أن الانسان ابن المكان كما يؤكد علماء النفس ومادام المكان قاحلا ويفتقر الى أبسط الخدمات فإن هذه المجمعات السكنية ستصبح مأوى لكل ماهو مغاير للذوق والمدينة خاصة اذا ما اقترن بالفقر والبطالة ،ويتطرق الدكتور كيوش الى الحلول قائلا:ان الظاهرة كبيرة وواسعة وتترتب على حلها جهود صادقة اولا وجبارة وبلا اغراض اعلامية ويتلخص الحل في جعل المحافظات لاسيما الجنوبية منها مركز جذب لإعادة النازحين إليها ،كما الأمر الأهم في ذلك هو استتباب الأمن.
اذن ... العشوائيات تتناسل يوما بعد آخر وستبقى كذلك اذا لم تجد الجهات المختصة حلا مناسبا لتوفير السكن للمواطنين متساءلين في هذا المجال عن الدور السكنية الواطئة الكلفة التي خصصت لها المليارات دون ان نرى بيتا واحدا من هذه البيوت ، فمتى توفر الحكومة مثل هذه البيوت للمواطنين لتتوقف العشوائيات ؟ 
سؤال يصعب الاجابة عليه ما دام الوضع الأمني غير مستقر .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram