TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عذاب السلطة 

عذاب السلطة 

نشر في: 26 سبتمبر, 2014: 09:01 م

يعصرون رؤوسهم بأيديهم ويهدرون صحتهم وحياتهم ..يحاولون ان يلمعوا كالنجوم وان يهبوا كالعواصف وان يتدفقوا كالمياه وان يصبحوا حاجة لا غنى عنها ...يهجرون الحياة الساخنة ويختارون المقاعد الباردة ويقاتلون في سبيل الاحتفاظ بها ..يعانون ويتعذبون لينالوا السلطة وعندما يملكونها يبلغون قمة العذاب فالحرص عليها عذاب والتخلي عنها عذاب ...وفي تلك الرحلة التي قطعها الانسان منذ خروجه من بطن امه عاريا وحتى يتمدد في التابوت عاريا ايضا ، يعيش لحظات مدججة بالعناء والشقاء ليبلغ القمة محاولا التستر بأشكال والوان وأحجام مختلفة من ورق التوت يضع بعضها على فمه واخرى على عينيه وثالثة على قلبه ، لكن عقله يظل متفتحا ولاتدور في فلكه الا فكرة واحدة هي الوصول الى السلطة والبقاء فيها ..خلال تلك الرحلة ، يحمل الإنسان الوية مختلفة ويطلق شعارات يطرق بها القلوب قبل الآذان ويتخذ اهدافا يعد بتحقيقها وقد ينساها بمجرد اعتلائه الكرسي وقد يدعس الكثيرين بقدمه ليبلغ القمة ..
بعض اولئك الحالمين بالسلطة يعملون في سبيل هدف نزيه ، وفي النهاية يكتشفون ان هناك من يعمل في اتجاه معاكس محاولا تدمير كل ما يفعلونه وقد يعيشون لحظة انهيار كل شيء نزيه او ينفضون عنهم افكارهم النظيفة ويضعون ايديهم في ايدي اعدائهم، وفي احسن الاحوال يموتون من اجل مبادئهم فيظهر غيرهم ثم يختفون ويبقى الكرسي سيدا والوصول اليه يستحق العناء ولكن ، هل فكر كل اولئك بأنهم ولدوا ليموتوا وعليهم ان ينتبهوا الى معاناة الناس وهم في طريقهم الى عريهم الأخير ..؟
بعد اعلان تشكيل الحكومة الجديدة ، استبشر الناس خيرا بتغيير بعض الوجوه ..لم يطمعوا بالحصول على سحرة يغيرون الواقع المرير بين ليلة وضحاها ، ولم يتوقعوا الحصول على مكاسب فورية تحل ازماتهم من الاصعب وصولا الى الابسط والاكثر كمالية ، لكنهم على الاقل حلموا برؤية وجوه لا تسعى الى خدمة اقاربها وعشائرها وابناء كتلها وطوائفها وقومياتها قبل خدمة المواطنين ، وتأملوا سماع تصريحات لا تخدش الآذان بانحيازات طائفية وعرقية ..انهم ينتظرون ما ستسفر عنه الوجوه الجديدة دون ان يحسدوهم على مقاعد السلطة التي بلغوها بشق الانفس او ينافسوهم على رواتبهم الضخمة ومواكب حماياتهم ومركباتهم وتجوالهم في دول العالم وترفيه عوائلهم وضمان حياتها لمئة عام مقبلة ..يريدون منهم ان يدركوا معنى السلطة الحقيقية ..انها ليست مقعدا يصعب التخلي عنه وتهون في سبيله كل القيم والمعايير الاخلاقية والوطنية بل هي محطة ينطلق منها المرء لخدمة الاخرين واحتوائهم وعندها ربما سيعيده الناس انفسهم الى مقعده المفضل لو احسن خدمتهم ...يقول برنادرشو ان السلطة لا تفسد الرجال، انما الأغبياء ، ان وضعوا في السلطة ، فانهم يفسدونها ..وقد مر على العراقيين خلال انتظارهم الفرج الكثير من المفسدين للسلطة ، ومازالوا يواصلون الانتظار لاكتشاف مدى ذكاء حكامهم ..هذه المرة !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. د عادل على

    اخطر الناس هم الجهلاء ادا استلموا السلطه-------المثال البارع هو ادولف هتلر رئيس حزب البعث الاشتراكى الالمانى----ادولف هتلر كان عريفا فى الجيش القيصرى الالمانى وعانى كثيرا بسبب خسار ة الالمان فى الحرب العالميه الاولى ولهدا كان يريد الثار مثل الحزب البعثى

  2. عمر ياسين

    الكلام اكاديمي و نوعا ما افلاطوني ليس من حقنا ان نطالب الاخرين بترك مناصبهم لاننا نعتقد انهم غير كفؤيين الكلام يجب ان يكون كيف و لماذا وصل اناس غير كفؤيين للسلطة اما كون الطريق للسلطة طريق صعب فالحقيقة ان كل الطرق صعبة اذا ما اراد منا احد ان يترك اثر في ا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram