ليس مفهوماً، بل ليس قابلاً للفهم أن تُناهض قوى وشخصيات عراقية إنشاء الحلف الدولي الخاص بمكافحة الإرهاب، وإرهاب داعش بالذات الذي يمثل خطراً ماحقاً يهدّد كيان الدولة العراقية المتصدع ونسيج المجتمع العراقي المتهالك، بل ان الخطر يتسع نطاقه ليعبر الحدود إلى دول الإقليم كلفة والقارات الأخرى.
ما كان للحلف الدولي أن يتشكل لو لم تُدرك حكومات دوله حجم الخطر الذي يشكله هذا التنظيم الإرهابي عليها مباشرة وعلى السلم والأمن الدوليين، ولو لم تتيقن من ان التهاون مع داعش يمكن أن يجعل من نصف دول العالم في الأقل في صورة العراق وسوريا واليمن وليبيا والصومال وأفغانستان وسواها.. لم تعد البحار والأنهار وسلاسل الجبال والصحارى، كما كانت في الماضي، موانع ومصدّات في وجه الجيوش الغازية ليُعوّل عليها.. الإرهاب تنبثق جيوشه من بطون المجتمعات نفسها، مثل "حرامية البيت".
نحن فقط لا ندرك هذه الحقيقة.. نستهين بالقوة الغاشمة للإرهاب ونبالغ في تعظيم قدراتنا التي لم تثبّت أقدامها في ساحات الوغى.. واسألوا أهل الموصل وتلعفر وسنجار وسهل نينوى وآمرلي وديالى وصلاح الدين وعائلات ضحايا سبايكر، وحتى جرف الصخر والصقلاوية والسجر!.. عندهم الخبر اليقين عن قدراتنا المزعومة التي ما كان لها أن تكون ثابتة الأقدام مع مؤسسة عسكرية وأمنية وُلدت معاقة لأم معاقة هي الأخرى (العملية السياسية)، بمرض المحاصصة.
المناهضون للحلف الدولي وعملياته يبدون مسكونين بنظرية المؤامرة.. دول التحالف طامعة بنا، وما أن تنتهي (أميركا خصوصاً) من داعش حتى تلتهمنا.. هكذا يريدوننا أن نفكّر، وكيف لنا أن نفكّر على هذا النحو وهذه الدول، وبخاصة أميركا، كانت هنا لأكثر من ثماني سنوات، وكانت لها جيوش جرارة، ثم انسحبت في الموعد المحدد ولم تخلّف جندياً واحداً، وكان يمكنها إن أرادت أن تبقى عشرات من السنين، فلا تعيد بناء جيشنا الذي سلّطنا عليه، بعد انسحابهم، الفاسدين والمتخاذلين الذي فرّوا كالفئران أمام "جرذان" داعش وتركوا جنودهم حفاة عراة في مواجهة الموت الزؤام على أيدي الدواعش، فكوفئوا بأن يُحالوا على التقاعد بكامل الأوسمة والنياشين التي لا يستحقون من مساءلة أو عدالة!
ما بديلنا الذي يمكن أن يقوم بالمهمة التي يُجنّد التحالف الدولي المكوّن من الدول العظمى وسواها، أساطيله الجوية والبحرية وأقماره الصناعية ومخابراته لها؟ .. كيف لنا أن نردّ الدواعش على أعقابهم فيما لم نفلح في وقف زحفهم حتى صاروا على مرمى حجر من عاصمتنا؟
هل بديلنا هذه الميليشيات الفوضوية المتهافتة على الغنائم والمغانم؟ أم هذه الحشود من المتطوعين الأغرار الذين يُزجّ بهم في جبهات الحرب مع داعش من دون تدريب ولا سلاح ولا عتاد ولا أكل ولا مأوى أيضاً؟
موضوعياً، مناهضة التحالف الدولي وعملياته تعني تمكيناً لداعش من أن يثبّت أقدامه في بلادنا ثم في سائر بلدان الجوار!
ضد التحالف .. لماذا؟
[post-views]
نشر في: 27 سبتمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 5
د عادل على
ان الاسناد الجوى والدعم البرى لقوات التحالف نعمه وفيره وضروريه--------ان الدواعش اخطر نوغ من الارهاب المرتبط بالاحتلال لمدن واقضيه وارياف واغتصاب النساء باسم نكاح الجهاد والاعدامات بالالاف وقطع الرؤوس بالمناشير ونشر الارهاب ---بدون دعم دول التحالف سيكون
متابع
المعارضون من قوى وشخصيات عراقية للتحالف الدولي ضد داعش لا تنطلق معارضتهم من منطلق الحرص على سيادة العراق فهم اساساً من نواتج الاحتلال الامريكي ،ولا خوفا على ثروات العراق لان ثروات العراق مبددة ومنهوبة على ايديهم، ولاخوفاً من اعادة الاحتلال لانهم من كان يح
Rashid Kittani
صدقت استاذ عدنان اعتقد ان اهم اسباب هؤلاء لرفض التحالف الدولي هو انهم لا يعيرون اهتماما لحياة و حقوق المواطنين الواقعة اراضيهم في محيط عمليات داعش . انها طريقة واسلوب (اني ياهو مالتي) فالخطر بعيد ولن يصلنا,لذلك لماذا نقبل بتحالف دولي يحد من حريتنا! لقد م
ابو اثير
سيدي الكريم...أن ما يزيد الطين بله في المشهد السياسي العراقي هو أن هناك قوى وتنظيمات أقل ما يقال بشأنها أنها جماهير من الطبقة المسحوقة تشبثت في شخصيات دينية أسلامية لم تنضج نضوج سياسي يؤهلها لقيادة هذه الجماهير المسحوقة المتعطشة لقيادة تأخذ بيدها نحو بر
ابو سجاد
اين كنتم يااستاذ عدنان عند انسحاب القوات الامريكية لماذ لم تعارضوا حتى كنتم توصفوهم في المدى وليومنا هذا بالقوات المحتلة اليس الاجدر بكم ان تطالبوا ببقاء القوات الدولية من اجل بناء العراق بعدما تم تدميره بسبب تلك القوات رغم تحريرها من نظام دكتاتوري نتن اي