TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > موهبة التلوّن

موهبة التلوّن

نشر في: 29 سبتمبر, 2014: 09:01 م

في كل جريدة ومجلة محلية ، كان يمكن أن تقرأ له مقالا ..كنا نتندر حول مقالاته ونقول عنه إنه مصاب بالإسهال الكتابي ولم يكن يهمه ذلك وهو يحمل حقيبته الجلدية المتخمة بالمواد الصحفية ليوزع مادة هنا وأخرى هناك ثم يدور على الصحف والمجلات في نهاية الشهر ليلم ( المحصول ) ..كان الرجل معذورا فالحصار الاقتصادي في التسعينات حوّل الموظف الى كادح اذ كان اغلب الموظفين يمارسون اعمالا حرة بعد الدوام الرسمي لسد معيشة اسرهم ، وهكذا كان زميلنا الصحفي يعيش على ريع مقالاته من خلال التكريمات التي كان يتقاضاها الصحفيون المادحون وغالبا ماكانت تتراوح مابين 30-50 ألف دينار للتكريم الوزاري و100-250 ألف دينار للتكريم الرئاسي ،إذ كانت افكار مقالاته تصب كلها في بوتقة المديح فقط ..
بعد سقوط النظام السابق ، اصاب زميلنا الإسهال الكتابي مرة اخرى فصار يوزع مقالاته في صحف عدة مستغلا كثرتها وتعدد خطوطها ولم يعد ينتظر التكريم بل صار يلم محصولا وفيرا من المكافآت المقطوعة..مشكلة الرجل تجسدت في كيفية تبني أفكار خاصة به فقد كان يعتمد على فكرة واحدة في السابق ويطوعها لمقالات مختلفة ، أما الآن فقد صار يقتبس فكرة من هنا واخرى من هناك ليرضي حزبا هنا وكتلة هناك فيظهر ذلك جليا في مقالاته وتفضحه الافكار المسروقة لأن الفكرة كجواز السفر من السهل ان تكشف مافي كل منهما من تزوير ...
مؤخرا ، تبنى في إحدى الصحف موقف رئيس الوزراء الجديد الداعي الى مد أيادٍ بيضاء الى الاطراف الاخرى لتذويب الخلافات والإسراع بحل الازمات العالقة ..أيد تخليه عن جنسيته البريطانية وإيقافه قصف المدن العشوائي ورفضه التدخل الاجنبي برياً لقتال داعش وإحالة الضباط المتسببين في ازمات عسكرية الى التقاعد وغير ذلك ..لكني فوجئت به يطل من صحيفة اخرى ليهاجم موقف رئيس الوزراء من قضية قتال داعش داعيا الى إنزال اقصى العقوبة بالمناطق التي تتواجد فيها جماعات داعش حتى لو ضمت بين جنبيها آلاف الاشخاص المدنيين العائدين الى مناطقهم بعد نزوحهم منها لنفاد مالهم ويأسهم من إيجاد حل لمعاناتهم الانسانية ..
لم أستغرب موقف زميلنا الصحفي فهو نتاج التناقض الكبير الذي نعيشه جميعا والذي جعل للبعض وجهين ولغيرهم عشرات الوجوه بهدف تسيير أمورهم أو لمجاملة ذوي الشأن أو لغرض الكسب المادي ، ولن أستغرب ان يتبنى رئيس الوزراء السابق مهمة احباط مساعي العبادي ووضع العصي في دواليب حكمه فالرجل عاجز عن تحمل صدمة مغادرته مقعده الذي التصق به لثماني سنوات كاملة ، لكن ما أستغرب له حقا هو ذلك النسيان الذي يصيب البعض فيغفلون عن قضايا فساد فاحت رائحتها وأخطاء خطرة ارتكبها المالكي طوال تلك السنوات الثمانية وبدلا من محاسبته وفتح ملفاته الساخنة ، يهاجمون الحكومة الجديدة ....
ربما يمكننا ان نعذر صحفيا متلونا بهدف إعالة اسرته أو نسامح مواطنا يؤيد الباطل لأنه يجهل الحقائق لكننا لن نعذر يوما سياسيا يبتكر العوائق لإفشال العملية السياسية من دون أن يحفل بالشعب الذي يجسّد دائما وأبداً دور الضحية ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram