TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > القوميون واليساريون "الدواعش"!

القوميون واليساريون "الدواعش"!

نشر في: 30 سبتمبر, 2014: 09:01 م

رغم التناقض في البرامج والأهداف والمنطلقات الفكرية، يصطف يساريو الأردن ومعتنقو الفكر القومي، مع جماعة الإخوان المسلمين، ضد التحالف الدولي الذي يشن الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، لأن الولايات المتحدة الأميركية تشارك فيه أو تقوده، والنتيجة الحتمية لهذا الموقف هي الوقوف في خندق داعش، وهم بذلك يؤكدون انفصالهم عن الواقع، وإنكارهم للحقائق، خصوصاً حين يأتون في بيان مشترك على ذكر "هزيمة" أميركا في العراق، وكأنها لم تُسقط نظام صدام وتنسحب بعد عقد من الزمان بإرادتها، وحين يؤكدون أن هدف الحرب الحالية هو إعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة، وضرب فكرة الأمن القومي العربي، واستهداف الدولة الوطنية السورية.
قد نتفهم مجازاً مخاوف الإخوان من أهداف التحالف الدولي، باعتبار أن الإسلام السياسي مستهدف، لكن المثير للدهشة وصفهم للحرب المستعرة اليوم ضد إرهاب داعش، بأنها هجمة منظمة على الإسلام ودعاته، وعلى طموح الشعوب العربية التواقة للحرية، وليس غريباً عليهم خلطهم بين تنظيم إرهابي يسيء للإسلام ويشن حرباً على مسلمين لا يؤمنون بفكره الظلامي، وبين المطالب السياسية التي تعتبرها طائفة بذاتها مشروعة ومنطقية، سواء في سوريا أو العراق، وقد نتفهم عداء القوميين واليساريين للسياسات الأميركية إزاء القضية الفلسطينية ، لكن المدهش خلطهم بين هذا وبين ما يعتبرونه اعتداءً على الأمن القومي، متجاهلين أنه يمر بأزمة في أكثر من قطر، ابتداءً بالعراق الواقعة مساحات شاسعة من أراضيه تحت سيطرة الدواعش، ومروراً بالدولة الوطنية السورية المقسمة اليوم إلى إمارات تحكمها داعش وجبهة النصرة، وتتمركز وطنيتها في جزء من عاصمتها وبعض سواحلها، وليبيا حيث السلطة موزعة بين أمراء الحرب بأجنداتهم المشبوهة، وليس انتهاءً باليمن المحتلة عاصمته من تنظيم ميليشياوي، مع ضرورة ملاحظة حجم النفوذ الأجنبي سواء كان تركياً أو إيرانياً أو غربياً على حكومات المنطقة وشعوبها.
يتبنى إخوان الأردن ويساريوه الموقف الإيراني المراوغ، والقائل بأن شعوب ودول المنطقة هي الأجدر والأقدر على مواجهة التطرف، لكنهم يتجاهلون بقصدية غير مبررة، أن شعوب المنطقة باتت منقسمة طائفياً، وأن دولتين على الاقل هما سوريا والعراق لم تتمكنا من الوقوف في وجه الدواعش، وهما ترحبان بالتدخل الاميركي ضدهم، ثم يبدو مدهشاً التقاء اليسار بالإخوان على رفض التدخل الدولي لإسقاط نظام الأسد، ورفض التحالف الدولي للقضاء على الدواعش، والتنديد بالدور العربي بغض النظر عن الجهة التي يؤيدها، ورفض كل أشكال التدخل الخارجي في المنطقة العربية، مهما كانت أسبابه ودوافعه، ويطلبون منا نسيان أن الإسلاميين أيدوا التدخل التركي لصالح المعارضة السورية، وأن القوميين واليساريين دعموا تدخل إيران وروسيا وحزب الله لدعم الأسد، وكأن المطلوب يسارياً وقومياً وإخوانياً بقاء حالة المنطقة كما هي، باعتبار ذلك أحسن حالاتها.
نحن إذن أمام موقف عدمي لا علاقة له ببعد النظر السياسي، خصوصاً عند القوميين واليساريين، الرافضين لضرب الدواعش دون تبين خطر تمددهم إلى الأردن ومخاطر ذلك عليهم ، وأمام موقف إخواني انتهازي يرفض إدانة داعش ولا يحسم تجاهها دينياً، مع التمسك بمقولة أنهم يمثلون خطاب الاعتدال الإسلامي، ويكتفي شيوخهم بموقف مراوغ تجاه صورة جديدة للإسلام يرسمها الدواعش، بكل ما فيها من تكفير وظلامية وانغلاق، وهم بذلك يعطون المبرر للنظرة المعادية للإسلام، حيث الجميع في سلة واحدة، مع أن المطلوب من كل مسلم التأكيد على أنّ هذا التنظيم لا يمثّله ولا يمثل حتى الإسلام السياسي، وهو ليس أكثر من تهمة تلصق بالإسلاميين، والسنة منهم على وجه الخصوص. ليس خطأ وإنما خطيئة جرّ الإخوان للقوميين واليساريين إلى مستنقعها الآسن، دون تبصر بالنتائج الكارثية التي ستنجم عن انفعال في غير محله. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram