رصيد العراق من الأوسمة الأولمبية ميدالية برونزية مسجلة باسم الرباع الراحل عبد الواحد عزيز في دورة روما في العام 1960 ، ومن ذلك الوقت وحتى الآن وعلى الرغم من استحداث وزارة للرياضة والشباب ، وافتتاح اكثر من كلية للتربية الرياضية، ووجود عشرات النوادي لمختلف الألعاب ، بقيت ميدالية عزيز يتيمة ، تنتظر شقيقتها الذهبية او الفضية ولا ضير ان تكون برونزية ثانية .
في العراق ومنذ عشرات السنين توفرت بيئة مناسبة لممارسة الرياضة ، ولكنها لن تسفر عن إنجاز أولمبي ، وفي الذاكرة الشعبية "يركض وره خبزته ، بالهزيمة كالغزال ، قوي مثل الأسد وعلى حس الطبل خفن يارجلية ، وركضة طويريج " أمثال تتضمن إشارات واضحة الى نوع من الرياضة المشي والركض ، والهرولة وراء الحصول على المكاسب ، ومفردة الهرولة هنا قريبة من "الترهول" حين يسيل لعاب احدهم في التعبير عن رغبته في الحصول شيء ما يتمنى ان يكون بحوزته، و"ابو رهوالة" كنية يطلقها البغداديون على شخص يريد الاستحواذ على كل شيء بدءا من منصب حكومي رفيع الى حامض حلو أصابع العروس.
"ابو رهوالة" في الأوساط السياسية لم يحصل على بطولة الهرولة في مسابقة وطنية او دولية ، لكنه اكتسب كنيته من تمسكه الشديد بالحصول مناصب ومواقع في الحكومة له لأقربائه ثمنا لمشاركته في العملية السياسية ودفع عجلة الديمقراطية نحو الأمام ، وهذه المهمة هي الأخرى نوع من الرياضة ، تتطلب جهدا عضليا كبيرا ، لضمان سلامة وصول العجلة الى الشوط الأخير ، واستكمال بناء قواعد أساسية للحياة السياسية .
شعوب المنطقة العربية مارست نوعا من الرياضة الشعبية ، فرضتها السلطة ليس من اجل المشاركة في الدورات الأولمبية الدولية وحصد ميدالياتها ،وانما لغرض التعبير عن الرضوخ والإذعان وإعلان الولاء المطلق ، للحاكم بأمر الله في الأرض ،ورفع الدعاء له صباح مساء ليبقى ذخرا ورمزا للامة ، وفي الساحات والطرقات العامة شعبه منبطح يمارس رياضته القسرية تحت أنظار ومراقبة رجال أشداء مزودين بأحدث الأسلحة والمعدات الحديثة المصنعة في دول خارجية لصالح شرطة مكافحة الشغب في دول الانبطاح .
الرياضة الانبطاحية لازمت الأنظمة المستبدة من ماركة الحزب الواحد الحاكم ، وفي دول اخرى دخلت الى المتاحف للإشارة الى حقبة تاريخية ، تجاوزتها الشعوب بإرادتها ونضالها الطويل للحصول على حريتها ، فاختفى الانبطاح ، واتجهت الأجيال الجديدة الى اليوغا وتمارين الاسترخاء ، والمشاركة في سباقات المشي والركض ، للحصول على لياقة بدنية افضل ، فحققت تلك الشعوب إنجازات رياضية وحصدت أوسمة الدورات الأولمبية .
العراقي يركض وراء خبزته منذ عشرات السنين ، وحتى هذه اللحظة لم يصل الى خط النهاية ، وأمامه شوط طويل ، غير محدد بوقت فالزمن مفتوح ، وساحات الانبطاح تتسع يوميا تستقبل ملايين المنبطحين ، ولا احد يستطيع تغيير البوصلة ، لقناعة الجميع بان العقل السليم في الانبطاح السليم .
رياضة الانبطاح
[post-views]
نشر في: 30 سبتمبر, 2014: 09:01 م