تمخض جبل الحكومة الأردنية فولد فأراً ممسوخاً، وكان حرياً برئيسها أن يستقيل معتذراً لشعبه، عن كونه كان آخر من يعلم، يتم التصرف بالقضايا السيادية من وراء ظهره، ويرجع وزراؤه لرئيس الأركان لصياغة أكاذيب عن تركيب كوابل عسكرية، أو أنها معالجة أمنية لانهيارات أرضية في تلك المنطقة، في محاولات ساذجة لتوضيح الغموض المرافق لما تم الكشف عنه شعبياً، حول حفريات في عجلون قيل إنها استهدفت كنزاً أثرياً، جرى تهريبه إلى خارج الوطن، ثم جاء رئيس الأركان ليحدثنا عن كنز تجسسي، أجبر العدو الإسرائيلي على استرجاعه، وهدد كل مواطن لا يقتنع بذلك بالويل والثبور وعظائم الأمور، وليعلن أن العدو زرع أجهزته قبل 45 عاماً بالتمام والكمال، وأن جيشنا استعان "بالأعداء الإسرائيليين" لعجزه عن تقدير تأثير تفجير ما تم زرعه من أجهزة تجسس.
يعترف صاحب الولاية العامة متأخراً، أنه كان على الحكومة وقيادة الجيش توضيح الأمور في وقت أبكر، لكن الحكومة لم تظن أن عليها القيام بذلك، فالشعب لا يستحق أن يكون على دراية بما يجري في وطنه، بذريعة أن الأمر سر عسكري، مع أنه ليس كذلك، وبديهي أن حجم القلق الذي انتشر بين الناس أكبر من أي قلق يقول الرئيس إنه كان يتوقعه لو كشفت لنا السر في حينه، ولكن كيف يكشف لنا ذلك وهو يعترف أنه لم يكن يعرف، أما تضحيته الآن بكشف المستور، فإنها لا تستحق أكثر من مطالبتنا بتنحيه، وتقديم رئيس الأركان للمحاكمة، لأنه تصرف بأمور سيادية دون علم صاحب الولاية، أما التذرع بأن هناك جهات مشبوهة من الداخل والخارج، تدخلت لتسيء لهذا البلد ومواقفه ورموزه، فهو ليس أكثر من لغو اعتدناه من أجهزة إعلام الدول الشمولية، وهي تدافع عن القائد، ولم يكن حرياً برئيس وزراء بلد تسوده الديمقراطية، اللجوء لهكذا أساليب ملتوية وممجوجة وكريهة.
الأغرب دفاع الرئيس عن أداء الوزراء، الذين كذبوا علينا إن كان علينا أن نصدق رئيس الأركان، الذي نقض تصريحاتهم، مع أنها تمت بالتشاور معه كما يقول، أما محافظ عجلون فيستحق وساماً لانه تبرع بالكذب قبل غيره من المسؤولين، الذين ثبت أنهم جميعا مجرد أحجار شطرنج لا ينطقون عن الهوى، وإنما هو وحي يوحى، وبتنا نعرف صاحب الوحي اليوم، وفضيلة واحدة نقر بها للرئيس، وهي معرفته بأن الشعب واع، ولم تمر عليه كل القصص المشابهة، وتأكيده أن الأردن نجا وسينجو بوعي وذكاء أبنائه والعلم والثقافة والانفتاح، ولم يكن عليه الإضافة المشددة على متلازمتي القيادة والمؤسسات والشعب الواعي، للعبور من الكارثة التي تمر بها دول الشرق الأوسط، فالثقة اليوم مهزوزة وتحتاج الكثير لاستعادتها، ولكن وبالتأكيد ليس عن طريق حكومة النسور.
وزير الدولة لشؤون الإعلام قرر التشبه بغوبلز، نظيره الألماني أيام حكم هتلر، صاحب نظرية اكذب واستمر في الكذب حتى يصدقك الناس، حين أكد ان عقد هذا المؤتمر جاء إيمانا من الحكومة، بأنه عندما يكون هناك أمر تثار حوله الكثير من التساؤلات والإشاعات، نأتي للرأي العام لاطلاعه على الحقائق بكل شفافية ووضوح، ونسأله لماذا لم يطلعنا على هذه الحقائق منعاً للشائعات، ونعفيه من الجواب لأننا نعرف أن الحكومة لم تكن على علم بالأمر باعتراف رئيسها، ومع كل الضعف الذي يعتري موقف الحكومة لم يتوانى الوزير عن امتشاق سيف التهديد بتحويل من يناقش هذه القضية، التي استدعت مؤتمراً صحفياً غير مسبوق إلى المحكمة كمجرم.
يكذبون ويطالبونا بتصديقهم
[post-views]
نشر في: 1 أكتوبر, 2014: 09:01 م