ماذا كان يفعل جيشنا؟ وماذا كنّا نفعل له وبه؟ كيف كنّا نقوده؟ كيف نوجهه؟ أية عقيدة وضعناها له؟ ما الذي فعلناه بعشرات مليارات الدولارات التي خصصناها له سنوياً؟ هل ضاعت هباء؟ هل ذهبت أدراج الرياح؟ كيف ؟ ولماذا؟ ومن المسؤول؟ وما الذي أعددناه أو نزمع إعداده لمساءلة المسؤولين المقصّرين ومحاسبتهم، ليس بدافع الانتقام وإنما من أجل الاستفادة والاعتبار؟
هذه الأسئلة الحارقة لم تزل تعصف برؤوسنا وترمي أفئدتنا بسهامها الحادة، منذ تلك الليلة التي اجتاح فيها الدواعش الموصل وتقدموا جنوباً حتى بلغوا مشارف العاصمة بغداد، من دون أن تقف في وجوههم وحدة من جيشنا الجبار لتقول لهم "على عيونكم حواجب"، فبدوا كما لو كانوا في رحلة صيد أو سفرة سياحية!
هذه الأسئلة الخانقة لم نحصل، بعد مرور ثلاثة أشهر بالتمام والكمال، على إجابة عن أي منها .. الذين كانوا في الحكومة السابقة والقيادة العامة السابقة للقوات المسلحة ظلوا "مُطنّشين" حتى ساعة رحيلهم، والذين في الحكومة الحالية والقيادة العامة للقوات العامة يبدون "مُستحين" من فتح الملف لنتبيّن الحقيقة.
حتى الآن حدث تغيير محدود في القيادات العسكرية العليا، وثمة كلام كثير غير مؤكد عن تغييرات مماثلة في الطريق.. هذا جيد.. بالتأكيد القيادات العليا هي التي تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية عمّا حصل، وربما كامل المسؤولية، بيد ان التغييرات في المناصب والمواقع العليا لن تكفي وحدها لإيجاد وضع مختلف عن الوضع الذي انتهى بجيشنا الى هزيمة مرّة ومُذلة ومهينة ومخزية للمدنيين كما للعسكريين أمام عصابات وفلول.
وحتى الآن أيضاً لا يبدو ان جيشنا قد استوعب الصدمة وأعاد تنظيم صفوفه تهيئة للهجوم المضاد المنتظر .. باستثناء جبهة كردستان، أخبار جبهات المواجهة مع الدواعش مُقلقة، فهم يواصلون ضغطهم للوصول الى بغداد، ولم نتلقّ بعد أي خبر عن تقدّم لجيشنا، برغم تدخّل قوات التحالف الدولي الجوية.. ما الذي كنّا سنفعله من دون هذا الدعم الأممي ومن دون تجهيز البيشمركة على نحو عاجل واستثنائي بالمعدّات والذخائر؟ كيف كنّا سنمنع التنظيم الإرهابي من اجتياح عاصمتنا؟
هذه الأسئلة المشروعة تتطلب الإجابة عنها بالتقدم خطوات عدة أبعد من مجرد التغيير في القيادات العليا للجيش وسائر القوات الأمنية .. الأمر يتطلب إعادة هيكلة هذه القوات وإعادة بنائها اعتماداً على الأسس الوطنية والمهنية التي تُبنى على وفقها في العادة الجيوش والمؤسسات الأمنية في العالم .. الجيش المهني المحترف هو ما ينقصنا .. هذا النقص هو سبب الهزيمة المرّة والمُذلة والمهينة والمخزية لجيشنا، أو لقياداته بالأحرى.
الخطوة الأولى نحو بلوغ هذا، أن نعيّن وزيرين للدفاع والداخلية يتحليان بالحياد والكفاءة والنزاهة والمهنية، فضلاً عن الوطنية، قادرين على تحقيق المطلوب من وزارتيهما في هذا الظرف الصعب .. وبصراحة فان الغالبية العظمى من الأسماء المتداولة الآن لا تجتمع فيها هذه الصفات، فيما هناك المئات من خارج قائمة هذه الأسماء جديرون بالمنصبين.. الحل بأن يُترك الأمر لرئيس الوزراء لكي يختار بنفسه وعلى مسؤوليته وزيري الدفاع والداخلية.. وبعد سنة نراجع معه اختياره.
أين نجد وزيري الدفاع والداخلية؟
[post-views]
نشر في: 1 أكتوبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
د عادل على
انه اندار مبنى على حقائق مرة كما شرحها الاستاد عدنان حسين--الوصول الى مشارف بغداد تم بسهوله ولا نرى رد الفعل من الجيش الدى انسحب من كل مكان ليحتله الداعش-----هدا يعنى خوف قواتنا وخاصه قياداتها من الصعلوك داعش او جرت مؤامره اشتركت فيها على الاقل قسم من
ابو سجاد
والله ياسيدي اتحداك لو عرفت جزء من حقيقة مادار في الموصل او تكريت او مايدور في الانبار او صلاح الدين او في الحلة او في جرف الصخر او اليوسفية او الضلوعية والقائمة تطول وتطول واتحداك اذا احد تطرق الى استدعاء قائد العام للقوات المسلحة السابق مختار عصر حنان و
محمد توفيق
الأمن الوطني أو القومي كانت الشغل الشاغل لجميع الأنظمة السياسية في العالم فستالين زعيم روسيا السوفيتية رسم وخطط أن الأمن الوطني الروسي مرتبط بسلامة الحدود البولندية الألمانية ، وحدد هتلر أن أمن الرايخ الثالث لا يتم إلا بضم جميع الناطقين بالألمانية في أورب
عطا عباس
الجيش المهني المحترف ما ينقصنا ، تلك هي العقدة او مربط الفرس كما يقال ! أن اردنا حقا أنقاذ البلاد والعباد من خطر التتار الجديد ، علينا بناء جيش محترف اليوم كبل باجر ! لكن لذلك شروط ، أولها الجدية ووضع المجاملة بعيدا ، وذاك يقتضي بغربلة شاملة